لعل البعض يتذكر هذه الصفة التي يوصف بها الشيخ القرضاوي ، على أنها تنطبق على العقيد القذافي منذ ثلاثين عاماً ونيف. وهذه الصفة لا تطلق جزافاً على أي شخصية ... بل على أولئك الذين يقف الكثيرون حائرين أمام فهم شخصياتهم ، نتيجة تقلباتهم وتجنحاتهم ، وعدم ثباتهم على موقف ، وفقدانهم لدور أو أدوار إيجابية تتخذ عناوين يقتدى بها ، تجسد شخصياتهم لتصبح هذه الشخصيات عناوين ومنارات تطل على العالم ، بما يفرض وجودها وتكتسي بتقدير واحترام عالميين ، قد يرقى لأن تستحق جوائز عالمية في مجال من المجالات وهي كثيرة . بدلاً من ذلك أطل علينا رجالات تبوؤوا مواقع حساسة مكنتهم من الإطلالة على الجميع بحكم الرعاية والمكانة والمسمى والتاريخ ، والمهمة . من هذه الشخصيات التي أتيح لها ما لم يتح لغيرها من التمكين وحرية التحدث في اللقاءات والندوات والمؤتمرات ، تحيط بهم آلة إعلامية لها من الانتشار عبر العالم ما ليس لغيرها . إنها شخصية الشيخ القرضاوي الذي عرفناه من خلال السيد الرئيس الراحل ياسر عرفات رحمه الله . بمجرد أن أطل على المشاهدين من خلال قناة الجزيرة القطرية ، قال رحمه الله . هل تعرفون هذا الرجل ؟ قلنا لا . قال : أنا تدخلت لدى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لإطلاق سراحه من السجن ، واستجاب لي ، وكنت أتوقع أن يحفظ الوفاء ، ولكن للأسف الشديد لا ألمس وفاءً لديه . قال ذلك السيد الرئيس بعد أن بدرت منه عبارات تسيء للسلطة الوطنية الفلسطينية برئيسها صاحب الفضل عليه . الشيخ القرضاوي : المتتبع لأدواره ... يقف مطولاً ليعطيه التوصيف الذي يستحق . كلمة شيخ لها وقع في نفوس المسلمين والعامة كذلك . حيث توقع الجميع أن لا يصدر عنه إلاّ كل طيب ، وأن تكون مسيرته وسيرته محط تقدير واحترام وأن يكون قدوة . فوجئ الجميع بل فجعوا في هذا الشخص الذي لم يعد له لون ، فتارة يثني على من انقلب عليهم ، وتارة يصادق من وصفهم بالخارجين ، وأخرى يؤيد حركة جهادية ، وأخرى يدين مسارها . تارة يتناول في برنامج الشريعة والحياة ما يشكل فتوى صحيحة ، وأخرى يتحدث عن تفاصيل العلاقة بين الرجل والمرأة كحديث المراهقين ... إلى أن فاجأ الجميع بأن تزوج من طفلة من سن حفيداته أو أحفاده . قد لا يكون ذلك محرماً ولكن عندما يعرف الناس أن هذا الزواج لم يعمر ... فبماذا يصفونه . الشيخ القرضاوي لم يتناول الرئيس المصري السابق حسني مبارك ، ولا رجالات الحكم بأي انتقاد بعد أن استعاد ما كان يعتبره محروماً منه ، إذا كان ذلك صحيحاً ويتمثل ذلك في حقه في العودة إلى مصر . ثم سمع وقرأ الجميع ما صدر عن الشيخ في ظل ما قيل عنه إنه ثورة ميدان التحرير ، والكل يعرف إلى أين آلت الأمور . الشيخ القرضاوي . على الجميع أن يتذكر بماذا وصف الحوثيين في صعده ثم بماذا وصفهم لا حقاً . والكل يتذكر أحاديثه عن الرئيس على عبد الله صالح ، الرئيس الكبير والموحد لليمن ، وكيف أصبح حديثه الآن . الشيخ القرضاوي لم يكن على خلاف مع معمر القذافي ، رغم جرائمه التي لا تحصى وفتاواه ونكرانه للسنة ، وجعل من نفسه نبي هذه الأمة ، ثم عاد ليفتي بتكفيره وبإحلال دمه . أما عن الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه ... فلم ينبس ببنت شفه ... أمام سياسة الاعتقالات وملء السجون السورية بأحرار الشعب السوري . اليوم امتشق الشيخ سيف السياسة ، وأصبح يطلق من التصريحات المناقضة لمواقفه السابقة . ولا ننسى إعجابه بتونس ورئيسها زين العابدين بن علي ، وما علق به لا حقاً تمشيا مع رغبة الغنوشي المعجب به رغم أنه أحل " البكيني " واعتبره سلوكاً خاصّاً . إن أخطر ما صدر عن الشيخ الجليل المرشد الروحي لحركة الإخوان المسلمين ... ولا ندري على أي من المسلمين يتحدث ؟ هل يتحدث عن المسلمين بما تعنيه الكلمة على إطلاقها ؟ أم عن إسلام لم نعرفه حتى الآن ؟ قد يأتي بإسلام جديد كإسلام معمر القذافي ، الذي يتقاسم معه نفس الوصف . لا نريد أن نخوض كثيراً في شخص هذا الشيخ ، حتى لا يفهم أننا نتحامل على شيوخ المسلمين . ولكننا نطلب من الجميع أن يتوقفوا عند آخر ما صدر عن الشيخ : والأشقاء المصريون منشغلون في إكمال حلقات ثورتهم ليقطفوا ثمارها : من صناعة للديمقراطية ، وتحقيق التعددية والعدالة ، والمشاركة الحقيقية في رسم السياسات ، وأن يروا وطنهم وقد تخلص من الشوائب كافة ... فساداً ... وحكم فرد ... وتسلط زمرة ... وسرقة مقدرات شعب ... وتغييب لأصحاب الفكر والعقول ... إلى آخر كل ما من شأنه أن تحتل مصر مكانتها التي تستحقها ، رائدة لأمتها وشقيقاتها العربيات ، وخاصة وأشقاؤنا يستعدون بعد أيام ليمارسوا حقهم في الانتخابات التي هي حق طبيعي لكل مواطن اكتمل الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخابات ، يخرج الشيخ الجليل المرشد الروحي القرضاوي ليدلي بفتوى : عدم انتخاب العلمانيين وغير المسلمين في مصر . والسؤال الكبير والمحير : من هم العلمانيون ومن هم المسلمون في مصر ؟ مادام قد خص المسلمين دون غيرهم . إذن : لا للمسيحيين الذين يعتبرون جزءًا من الشعب المصري ، الذي يكفل لهم القانون الحقوق نفسها التي يكفلها لغيرهم . ولكن من هم المسلمون في فتواه ؟ هل هم الإخوان المسلمون ، أم حزب العدالة ، أن الصوفيون ، أم السلفيون ؟ أم هم كل هؤلاء ولا سواهم ؟ لم نسمع أن أحداً خرج وقال أنا علماني ... إذن أنا غير مسلم تفسيراً لهذه الفتوى . أليس من حق الكل القول : من أعطى القرضاوي حق الإفتاء الذي هو الفتنة بعينها ؟ إنه يذكي الفتنة بين أبناء الشعب الواحد . و أليس من حق كل مصري : القول ... أوقفوا فتاوى الفتنة والتفرقة ، ومن يفتيها . اقرأ قانون الانتخابات المصري . وتوقف عن التحريض إذا كنت ابناً لمصر . وقل كلمة الخير أو اصمت . فمصر بحاجة إلى فتاوى التآخي والدعوة إلى التوحد . لأن أعداءها كثر . فلا تكن يا مرشد الإخوان معول هدم ، وداعية للتفرقة. وإلا يصدق فيك عنوان المقالة .