خبر : لقاء المصالحة المرتقب : تفاؤل حذر؟؟ ..بقلم : محسن ابو رمضان

الإثنين 14 نوفمبر 2011 12:10 م / بتوقيت القدس +2GMT
لقاء المصالحة المرتقب : تفاؤل حذر؟؟ ..بقلم : محسن ابو رمضان



رغم تكرار اللقاءات الثنائية ما بين قيادي حركتي فتح وحماس فيما يتعلق بالمصالحة ، والتي أفضت إلى توقيع الاتفاق في 4/5 من العام الحالي ، فإن اللقاء القادم ما بين كل من الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل سيكون مميزاً وينضوي على أهمية خاصة .قد يقول قائل لقد مللنا اللقاءات والاتفاقات وأن ما يدور ليس أكثر من الاستمرار في حملة العلاقات العامة من أجل إقناع الجمهور بالرغبة الصادقة باتجاه تحقيق المصالحة ولوم الطرف الآخر ، في لعبة ملها الجمهور الفلسطيني الذي بحاجة لإقناعه بجدية الطرفين باتجاه إنهاء حالة الانقسام المرير والذي استفادت منه اسرائيل كثيراً لتمرير مخططها الرامي إلى تجزئة وحدة الشعب والأرض وتعطيل عمل مؤسساته الشرعية الديمقراطية والمنتخبة تسهيلاً لمهمتها التي تسابق الزمن بالضفة الغربية والقائمة على تكثيف الاستيطان وتهويد القدس وبناء جدار الفصل العنصري وزج التجمعات السكانية الفلسطينية في معازل وكنتونات كأحد آليات التجزئة الاحتلالية والعنصرية .إن الجديد برأي والذي يدفع المراقب للتفاؤل الحذر تجاه احتمالية نجاح المصالحة على خلفية اللقاء المرتقب بين الزعيمين عباس ومشعل ، يكمن في أن الاثنين سيذهبان وهم بجعبتهما انجازات وطنية هامة لشعبنا ، فقد استطاع أبو مازن أن يواجه الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية الهائلة وان يستمر في مسعاه بالتوجه للأمم المتحدة من أجل نيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 67 ، وذلك بعد ما وصل لقناعة مؤداها وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، وأنها ليست أكثر من ملهاة يستفيد منها الاحتلال لتمرير أجندة الاستيطان وفرض الوقائع الجديدة على الأرض ، وقد شكل إصرار الرئيس أبو مازن تعبيراً عن هذه القناعة وذلك عبر استخدامه لمنابر وأوراق أخرى مثل التوجه للأمم المتحدة ولهيئاتها المختلفة ،حيث نجح في تثبيت عضوية فلسطين في اليونسكو رغم التهديدات الأمريكية بوقف المساعدات المالية للمنظمة ، الأمر الذي شكل انجازاً هاماً لشعبنا من أجل الحرية والكرامة وتقرير المصير وساهم في عزل كل من أميركا وإسرائيل وأبرزهما في دائرة معادية للإرادة الدولية التي تنتصر لعدالة قضية شعبنا ولمبادئ الحرية والعدالة كما ان حماس بعد إتمام صفقة تبادل الأسرى خرجت أكثر قوة عندما استطاعت ان تدير هذا الملف باقتدار وأصرت على مطالبها التي أدت إلى الإفراج عن 1000 أسير و27 أسيرة من أصحاب المحكوميات العالية وبما يشمل كل الجغرافيا الفلسطينية من الضفة والقطاع و القدس ومناطق 48 ،حيث ساهمت عملية التبادل في تجسيد وحدة الوطن والهوية والشعب ، كما كسرت المحرمات الإسرائيلية التي كانت متمترسة عليها في إطار المفاوضات الخاصة بعملية التبادل . هذا الانجاز لكل من الرئيس عباس وحماس سيجعل الفريقين في وضع القوى ، وبالتالي فإن اللقاء سيكون هذه المرة قائما على تلاقي إرادة الأقوياء سوياً من اجل انجاز هذه المصالحة و ترجمتها على الأرض عبر تنفيذ بنود اتفاق القاهرة الذي جرى توقيعه في 4/5 من العام الجاري .كما ان المتغيرات والحراك الشعبي العربي من الضروري أن يدفع الفريقين لمزيد من القناعة بأولوية العامل الذاتي دون الرهانات المبالغ بها على بعض  الحلفاء سواءً العرب أو بالإقليم أو على قوة المجتمع الدولي بفرض ضغوطات على إسرائيل حيث ان الخيار يجب ان يكون على قوة العامل الذاتي الفلسطيني والذي من غير الممكن ان يتحقق بدون انجاز عملية المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية .يكمن الحذر في استمرارية الرهان النسبي على جهود الرباعية التي قدمت مبادرة تهدف إلى اجهاض توجه السلطة ومسعاها الأممي ، وذلك من خلال التلاعب على موضوع الحدود والأمن وضرورة انجاز المفاوضات بصددهما خلال فترة محددة سنوياً ، وهي عام من بدء استئناف المفاوضات ، هذه المبادرة التي لم تؤكد على شروط السلطة بالعودة إلى المفاوضات بل تجاهلتها والمحددة بضرورة تجميد الاستيطان والإقرار بحدود الرابع من حزيران عام 67 ، مما يعنى أن الرباعية استجابت لضغوطات نتنياهو الذي دعا لاستئناف المفاوضات دون شروط مسبقة أي في ظل استمرارية الاستيطان وتجاهل حقوق شعبنا .كما يكمن الحذر في مواقف بعض المتنفذين من هذا الفريق أو ذاك والذي يراهن على مأزق الفريق الآخر فهناك من يراهن أن الربيع العربي سيكون لصالح قوى الإسلام السياسي الذي سيصبح ليس بحاجة إلى الطرف الفلسطيني الآخر للتحالف معه، فدعونا ننتظر مأزق أبو مازن ؟؟كما يراهن بعض النافذين من الفريق الآخر أن حماس تشكل استثناءً في إطار تطور العلاقات بين قوى الإسلام السياسي والمجتمع الدولي وبأن مازالت السياسات الخارجية لدول الجوار كما هي وليس من الضروري القيام بالمصالحة مع حماس لأن وجودها سيعيق الحركة السياسية والدبلوماسية  للسلطة ، وسيعرقل من فاعلتها .إن أصوات بعض النافذين من هذا الطرف أو ذاك في تداخل مع مصالح بعض النخب التي تمأسست وارتاحت من حالة الانقسام تعتبر أحد أسباب الحذر من تفاؤل اللقاء القادم .اللافت أن دعوة اللقاء ستكون مصحوبة بحوار استراتيجي معمق حول البدائل والخيارات الفلسطينية ، فما العمل بعد وصول المفاوضات إلى مأزق وطريق مسدود ، وماذا بشان البرنامج السياسي المشترك ؟ وكيف يتم إعادة بناء م . ت. ف على أسس من المشاركة الديمقراطية ، وما هو مستقبل السلطة ؟ هل من المناسب القيام بخطوة دراماتيكية تقود إلى حلها ، أم من الأنسب إعادة صياغتها ؟ وتعريفها لتصبح أداة من أدوات المنظمة ودورها يكمن في تقديم الخدمات ، وهل ستبقى فلسطين بعيدة عن مناخ الربيع العربي بصدد قيم الديمقراطية والمواطنة والانتخابات الدولية واستقلال القضاء واحترام الحريات ؟ أم ان المصالحة السياسية يجب ان يكون لها عمقاً ديمقراطياً يحترم به كرامة المواطن وحقوقه الدستورية والإنسانية ؟ تتعزز به مؤسساته المدنية على قاعدة الانتخابات الدورية والتداول السلمي على السلطة وما هي وظيفية الأجهزة الأمنية وكيف يمكن الاتفاق على عقيدة وطنية موحدة تجعل الأجهزة ذات طابع مهني بعيداً عن المحاصصة والتوظيف السياسي ، وتجعلها أداة لحماية أمن المواطن وحقوق المواطن ؟ وكيف يمكن توحيد جهاز القضاء والعمل على إعادة هيكلته واستقلاليته ؟ وما أشكال النضال الأنسب لجعل كلفة الاحتلال عالية؟ ... إلخ من الأسئلة الحيوية والهامة  والتي يجب ان يشارك به المثقفين وممثلي منظمات المجتمع المدني إلى جانب ممثلي القوى السياسية ليس فقط من تجاوز الأزمة الراهنة بل من أجل استكمال مهمات الكفاح الوطني في مواجهة الاحتلال على طريق ضمان حقوق شعبنا بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .