نجحت الكاميرا في ليبيا الحصول على صور تغطي الاحداث والاشتباكات المسلحة بين الثوار و قوات العقيد معمر القذافي التي لم نشاهدها، وغيبت الكاميرا عمداً من الوصول إلى الأماكن التي تعرضت للقصف من قبل طائرات الناتو، وكان من المهم أن تصلها وتنقل الصور منها. سياسة تغييب الكاميرا متبعة في أرجاء العالم سواء لدى الأنظمة المستبدة أو تلك التي تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان، الأنظمة تدرك أهمية نقل الحدث بالصورة الحية، فالكاميرات منتشرة في كل مكان، لكن كيف يتم استغلال الكاميرا ونقل الصورة التي تريد نقلها تلك الدول؟ الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت عن مقتل أسامة بن لادن لكنها لم تبث للعالم صور توضح قتل بن لادن، فالكاميرا غيبت عمدا أثناء قتله وكذلك أثناء دفن جثمانه، كما غيبت في عملية قتل أنور العولقي في اليمن، وغيرها من عمليات القتل المستمرة التي تنفذها القوات الأمريكية المنتشرة في أنحاء مختلفة من العالم، أفغانستان والعراق نموذجا. في ليبيا شاهدنا صور مقتل القذافي والتمثيل بجثته من قبل الثوار الليبيين، ولم نشاهد صور قصف موكبه من قبل طائرات الناتو كما ذكرت الأنباء، وشاهدنا صور ابنه المعتصم وهو حي يدخن و يتحدث مع أسيره، لكننا لم نشاهد عملية مقتله، ربما تدارك بعض المسؤولين الليبيين وقيادة الناتو ذلك، وقتل ودفنت جثته وأسراره وأسرار والده مع جثة والده في مكان غير معلوم، من دون أن يسمح بنقل الصور، ولا يرغب الغرب أن يعرفها العالم. الأنباء تحدثت عن وجود قوات خاصة فرنسية وبريطانيا كانت تقاتل مع الثوار، هنا الكاميرا والصورة غيبت، ولم نر أي صورة لأي جندي فرنسي أو بريطاني على الأرض، كما لم نر أي طائرة من طائرات الناتو، وهي تقصف طرابلس وسرت وغيرها من المدن الليبية، وما هي نوع الصواريخ والقنابل ومدى قدرتها على التدمير وكم مدنيا ليبيا قتلت وجرحت، وهي تقصف مواقع مقاتلي القذافي، في حرب الخليج الأولى كان الناطق باسم قوات التحالف يذكر كم طلعة للطيران، والأماكن التي تم استهدافها، لكن في ليبيا لم نعرف شيئ عن العمليات والطلعات التي قام بها الناتو. قبل الربيع العربي نصبت الكاميرات في كل المدن الأوربية التي زارها القذافي لتنفيذ صفقات الخروج من أزماتهم الاقتصادية لكسب وده وإطالة أمد حكمه المستبد، كما نصبت خيمته في حديقة قصر الإليزيه في العاصمة الفرنسية باريس، نقلت الصور لقاءاته مع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس، ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وهو يقبله، و الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وشاهدنا صور رئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلسكوني وهو يقبل يد القذافي؟ الناتو قاد معركة تحرير ليبيا، وتدخل عسكرياً لحماية المدنيين الليبيين خوفا من ارتكاب جرائم من قبل قوات القذافي، وقتل ألاف المدنيين الليبيين، ولم نشاهد سوى آثار الدمار، والصور التي نقلت هي لاماكن غير مأهولة بالسكان، غيبت الكاميرا كي لا تظهر أي آثار لشبهة تورط الناتو في ارتكاب جرائم حرب. المجتمع الدولي وفي مقدمته الأمم المتحدة لا بد أن تقوم بدورها وترسل لجان تقصي الحقائق ولجان تحقيق حول ما جرى في ليبيا أثناء العمليات العسكرية الجوية التي نفذها الناتو، أو تلك التي قامت بها القوات الخاصة الغربية على الأرض، ودوره في عملية قتل القذافي وابنه، وستثبت الأيام أن تغييب الكاميرا في ليبيا كان من اجل التغطية على الجرائم التي ارتكبت. Mustafamm2001@yahoo.com