خبر : تقاطعات العلاقة الأردنية الفلسطينية وحركة حماس في قلبها ... بقلم: حمادة فراعنة

الخميس 27 أكتوبر 2011 06:59 م / بتوقيت القدس +2GMT
تقاطعات العلاقة الأردنية الفلسطينية وحركة حماس في قلبها ... بقلم: حمادة فراعنة



تتقاطع المصالح والمواقف الرسمية الأردنية والفلسطينية، مدركةً كيفية التعاطي مع المستجدات، بشكل لائق، لحماية مصالحهما الوطنية أولاً، ودعم كل منهما للآخر ثانياً، لأن الأردنيين والفلسطينيين في خندق واحد، في مواجهة العدو القومي المشترك المتمثل بالمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي. ثمة مبدآن يحكمان العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة الأردنية، والباقي تفاصيل، وهما: أولاً ـ هنالك مؤسسة فلسطينية واحدة تمتلك الشرعية، وطنياً وقومياً ودولياً، تتمثل بمنظمة التحرير ويقودها الرئيس محمود عباس وبرلمانها المجلس الوطني الفلسطيني ورئيسه سليم الزعنون وسلطتها الوطنية ورئيس حكومتها سلام فياض. والحكومات الأردنية المتعاقبة، بناءً على قرار وانحياز وسياسة الدولة الأردنية لا تعترف بنتائج الانقلاب في غزة ولا تتعامل مع حكومة حركة حماس، ومنذ نجاح الانقلاب يوم 14 حزيران 2007، كان السفير الأردني يحيى القرالة مقيماً في غزة. فانتقل للعمل إلى رام الله، وتم إغلاق مقر السفارة في غزة. وهذا ما حصل، أيضاً، مع باقي السفراء العرب (المغربي والمصري والتونسي) باستثناء السفير القطري الذي بقي مقيماً في غزة، والسفير عواد السرحان يعمل الآن في رام الله بهمّة ونشاط مميزين في تمثيل وحماية المصالح الوطنية الأردنية، لدى مؤسسات منظمة التحرير وسلطتها الوطنية. وبناءً على هذا الموقف رفضت أيّ من الحكومات الأردنية المتعاقبة استقبال أي من رموز الانقلاب، لا رئيس حكومة حركة حماس إسماعيل هنية ولا وزير خارجيته محمود الزهار، وبقيت تتعامل مع قطاع غزة كحالة إنسانية تستحق الرعاية والعطف لشعب محاصر يُعاني من نتائج الحصار الإسرائيلي ومن سلطة اللون الواحد والحزب الواحد حركة حماس. ثانياً ـ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما البعض، واحترام أمن ومصالح بعضهما، والحقيقة أن العلاقة اليوم بين قيادة منظمة التحرير والقيادة الأردنية، أكثر تفاهماً وأعمق ثقة، وتتسم بالدفء وتعلوها المودة، ما بين الملك عبد الله وبين الرئيس محمود عباس، أكثر مما كانت في عهد المرحومين الراحلين المغفور لهما الملك حسين والرئيس ياسر عرفات. وقد توضّحت العلاقة منذ بداية التسعينيات، أمنياً، ولم تعد شائكة ومتداخلة، بفعل تفاهمات واضحة صريحة أملتها الضرورة والخبرات، وكانت حصيلتها، تحول فصائل المقاومة الفلسطينية إلى العمل في الأردن تحت مسميات أردنية تخضع للمساءلة القانونية والأمنية الأردنية، وهذا ما حصل مع الجبهة الشعبية بتشكيل حزب الوحدة الشعبية، والجبهة الديمقراطية بتشكيل حزب الشعب الديمقراطي، وحركة فتح، بتشكيل الحزب العربي الديمقراطي الأردني. وأعطي للفصائل جميعها حق أن يكون لها ممثل ومكتب وضابط ارتباط فلسطيني في عمان. ومن هنا كانت زيارات وفود اللجنة المركزية لحركة فتح للحكومة أو لوزير الخارجية أو للمخابرات أو لغيرها، مثلهم مثل زيارة نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية أو جميل شحادة أو محمود إسماعيل أو صالح رأفت أو بسام الصالحي أو مصطفى البرغوثي (سبق للملك عبد الله أن استقبلهم في عمان) كأمناء عامين لفصائلهم أو حتى لماهر الطاهر المسؤول الأول للجبهة الشعبية والمقيم في دمشق، وبالمعيار نفسه كانت الحكومة تسمح بزيارات مماثلة متقطعة أو دورية لمحمد نزال أو لغيره من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس إلى عمان، وتتم لقاءات مماثلة حسب الظرف السياسي السائد. حركة حماس من حقها، أن تقيم علاقة مع الحكومة الأردنية. كفصيل فلسطيني أسوة بالفصائل الفلسطينية الأخرى، "فتح" و"الشعبية" و"الديمقراطية" وحزب الشعب وحركة المبادرة، التي تقيم علاقات مع الحكومة الأردنية، وأن تستقبل قياداتها كما يتم استقبال قيادات باقي الفصائل. ولكن ذلك لن يكون بأي حال من الأحوال على حساب منظمة التحرير الفلسطينية ومجلسها الوطني (ومقره المركزي في عمان) وحكومتها الائتلافية في رام الله. ولذلك ولتوضيح أي لبس، استقبل جلالة الملك رئيس الوزراء الفلسطيني د. سلام فياض في البحر الميت على هامش المنتدى الاقتصادي بحضور رئيس الوزراء المكلف عون الخصاونة لتبديد أية أوهام حول الرهان على بديل بسبب استقبال الخصاونة محمد نزال أو لاستقباله مكالمة مجاملة من خالد مشعل رتبها الصحافي السابق والوزير اللاحق راكان المجالي. حركة حماس تسير سياسياً على مسار باقي فصائل المقاومة الفلسطينية، فهي تعمل من أجل دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقدس والقطاع، وهي تتساوى بذلك وتتفق مع برنامج باقي الفصائل وتنسجم مع سياسة منظمة التحرير ومؤسساتها التمثيلية، مثلما تتفق مع السياسة الرسمية الأردنية التي تنادي وتعمل وتؤيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وفق القرارات الدولية 181، 242، 1397، 1515، وتؤيد حق اللاجئين بالعودة وفق القرار الدولي 194. وحركة حماس أوقفت العمليات المسلحة ضد العدو الإسرائيلي وتوصلت إلى هدنة تم تجديدها مرتين مع الإسرائيليين بوساطة مصرية، وهي تنسجم بذلك مع سياسة السلطة الوطنية الفلسطينية التي تمارس التهدئة وترفض العمل المسلح ضد الإسرائيليين، مثلما توصلت إلى اتفاق تبادل الأسرى بالمفاوضات مع الإسرائيليين بوساطة مصرية وألمانية. هناك حكومتان للفلسطينيين، واحدة ائتلافية برئاسة النائب المستقل سلام فياض ومعه وزراء من "فتح" و"الديمقراطية" وحزب الشعب وحركة فدا وجبهة النضال وعدد من المستقلين، والثانية حكومة حزبية من حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية، مما يعكس الانقسام والانفصال وهو أمر مؤذ للأردنيين مثلما هو مؤذ للفلسطينيين، ولكن خيار الدولة الأردنية وقرارها هو الاعتراف والتعامل مع طرف فلسطيني شرعي واحد، وتتمنى التوصل إلى حلول واقعية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة وهو قرار وملف بيد القاهرة برضى وموافقة الطرفين، وبقرار عربي تم تكليف مصر الاهتمام به وإنهاءه، ولذلك هذا الملف مغلق بالنسبة للدولة الأردنية ومؤسساتها وأجهزتها وتتابعه عن قرب ودراية وبمتابعة حثيثة دون أن تتدخل فيه، ليس من باب الضعف والعزلة، بقدر ما هو من باب الحرص والتفاهم وتسهيل إنهائه على أيدي الجانب المصري الذي يتلقى الدعم والموافقة من قبل الأطراف العربية بما فيها العاصمة الأردنية. لقاءات رئيس الوزراء المكلف، لأكثر من مرة مع محمد نزال وتلقيه اتصالا هاتفياً من خالد مشعل أظهر وكأن ثمة انقلاباً أو تراجعاً أو تقدماً بالسياسة الأردنية نحو حماس، وهو أمر ليس بيد رئيس الوزراء وحده إنهاءه، بل له شأن فيه ومساهم قوي في إقرار السياسة الأردنية بشأنه ولكنه لا يملك القرار لتغييره أو تبديله. لنا مصلحة في العلاقة الأردنية مع حركة حماس، ولكن ليس إلى الحد لنسف العلاقة مع المؤسسة الشرعية الفلسطينية أو على حساب فصائل المقاومة الأخرى، وحركة حماس وإن كانت تملك أوراقاً مهمة، مثل سيطرتها المنفردة على قطاع غزة، وحركة الإخوان المسلمين، أقوى الأحزاب الأردنية، داعمة لها. ولكن ذلك لا يعطيها حالة منفردة عن باقي الفصائل ولا يوفر لها ظرفاً يُعيد الإشكالات الأردنية الفلسطينية إلى بداياتها، فالعلاقة الأردنية الفلسطينية تم تأسيسها على عوامل لا يمكن إنكارها أو القفز عنها. h.faraneh@yahoo.com