خبر : حتى تكتمل صفحات المجد..بقلم: طلال عوكل

الخميس 13 أكتوبر 2011 08:42 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حتى تكتمل صفحات المجد..بقلم: طلال عوكل



الصفقة التي تم التوصل اليها يوم أول من أمس بوساطة مصرية في الأساس وألمانية بالدرجة الثانية، وتقضي بالافراج عن الف وسبعة وعشرين أسيراً وأسيرة، مقابل الإفراج عن الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شاليت، هذه الصفقة هي صفحة مجد للمقاومة الفلسطينية، وهي ذاتها صفعة مذلة على وجه اسرائيل.هي صفحة مجد أخرى في غضون اسابيع قليلة، تضاف الى صفحة مجد سياسية ومعنوية للشعب الفلسطيني، وصفعة على وجه الكيان الاسرائيلي المحتل، تحققت حين قررت القيادة الفلسطينية نقل الملف الفلسطيني الاسرائيلي الى الامم المتحدة، حيث يواجه الفلسطينيون تحدياً قوياً مع الولايات المتحدة التي كرست كل قوتها في الدفاع عن شياطين السياسة الاسرائيلية التي تتنكر لقرارات الشرعية الدولية، ودورها ومكانتها، وتتنكر لكل الحقوق الوطنية الفلسطينية. ان كانت هذه هي بشائر الربيع الفلسطيني في زمن الربيع العربي والاقليمي، فإن هذه البشائر تلزم القوى والفصائل الفلسطينية بالذهاب فوراً الى العنوان الاهم للربيع الفلسطيني، وهو استعادة الوحدة للمؤسسة والمرجعية والقرار والشعب، حتى لا تبقى هذه الصفحات مجرد اعياد موسمية يحتفل بها الفلسطينيون، لتكريس انقسامهم وضعفهم وتشتت قواهم وجهودهم ونضالاتهم.صفحات المجد المتلاحقة هذه، ينبغي ان تنفتح على سياق عام ومؤشرات قوية نحو تحقيق المزيد من الانجازات الوطنية، ونحو تغليب الوطني العام على الفصائلي والفئوي.صفحات المجد هذه ينبغي ان لا تتحول الى حملة من تسجيل القوى الفلسطينية النقاط على بعضها البعض، ولا ينبغي لها ان تشكل سبباً للعودة بالفلسطينيين الى مناخات التحريض، وتبادل الاتهامات والتشكيك او لتغطية المزيد من الاجراءات والخطوات التي تعمق حالة الانقسام، لا يمكن ولا ينبغي ان تخضع الصفقة، لتسجيل الانتقادات، والتشكيك في اهميتها، كما لو كان بالامكان، افضل مما هي عليه، فالبرغم من ان كل فلسطيني يتمنى ان تؤدي الى تبييض السجون الاسرائيلية بالكامل الا أن الوقائع لا تعطي افضل مما اعطت.ولكن لماذا أقدمت اسرائيل التي تقودها حكومة متطرفة، على ابرام هذه الصفقة في هذا التوقيت بالذات، ورغم مرور أكثر من خمس سنوات على اسر الجندي شاليت، دفع خلالها الفلسطينيون ثمناً باهظاً؟بدايةً لا يمكن القبول بالمنطق الذي يحاول تحويل صفحة المجد الى هزيمة او عبث سياسي، حين تتم مقاربة الانجاز، بالثمن الذي تكبده الفلسطينيون على يد المحتل الاسرائيلي، إثر وعلى خلفية اسر شاليت، فالفلسطينيون يدفعون في صراعهم مع الاحتلال، اثماناً باهظة كل الوقت، قبل اسر شاليت، و بعد الافراج عنه.من الواضح ان اسرائيل قد استنفدت كل إمكانياتها وسلة ذرائعها، ولم تعد قادرة على شن حروب وعدوانات واسعة ضد الشعب الفلسطيني تحت مبرر وجود شاليت في غزة، وبالتالي فإن معالجتها لهذا الملف بقيت مرهونة بالتوظيف السياسي.في هذه المرحلة، تمر اسرائيل بأزمات داخلية وخارجية اصبحت معروفة اسبابها وعناوينها وتداعياتها، وهي في ضوء عجز حكومتها عن التصدي لمعالجة هذه الأزمات عبر خوض الحروب ضد شعوب المنطقة، فإن قبولها بصفقة الافراج عن شاليت، قد تساعدها على تهدئة التوترات الاجتاعية والسياسية الداخلية، وقد تساعدها على المستوى الخارجي، في اضفاء مسحة من المرونة على خطابها السياسي بشأن المفاوضات والعملية السلمية.من المرجح ان نتنياهو سيقوم بحملة علاقات عامة، لتبرير علاقات اسرائيل المتوترة مع مصر، وتركيا، ولمواصلة تضليل المجتمع الدولي بشأن استعداده للتفاوض مع الفلسطينيين، والتغطية على السياسات الاستيطانية الاسرائيلية التي من المرجح ان تشهد تصعيدا خلال المرحلة القريبة القادمة.على ان اسرائيل التي تعمل كل الوقت لافشال المصالحة الفلسطينية، ولابقاء وتعميق واقع الانقسام الفلسطيني، لا يفوتها ان مثل هذه الصفقة، التي تسجل لصالح حركة حماس، ستؤدي الى تعديل كفة ميزان العلاقات الداخلية الفلسطينية لصالحها، خصوصا بعد النجاح الذي حققه الرئيس محمود عباس في الامم المتحدة.على ان هذه الاهداف التي تسعى لتحقيقها حكومة بنيامين نتنياهو، تظل مرهونة، لطبيعة ردود الفعل الداخلية والخارجية ولكيفية تصرف القوى الفلسطينية التي ما تزال منقسمة على نفسها، ازاء ملف المصالحة واستعادة الوحدة.قد ينجح نتنياهو لبعض الوقت في تهدئة الاحتجاجات الداخلية، ولكن هذه الاحتجاجات التي يتسع مداها، لا يمكن تهدئتها وانهاؤها، ذلك انها تنتمي الى أزمة بنيوية، على غرار الازمة الاقتصادية المالية التي تعصف بالنظام الرأسمالي العالمي.ان مثل هذه الازمة مرشحة لمزيد من التدهور والتفاقم خصوصاً بعد فشل الاجراءات التي اتبعتها حكومة نتنياهو والتي تتسم بالترقيعية، ذلك انها تحاول معالجة جانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية على حساب جوانب اخرى لا تقل أهمية.أما على الصعيد الخارجي، فإن الاهداف التي تتوخاها حكومة نتنياهو فهي مرهونة بالارادة الفلسطينية، التي عليها ان تتجلى في اتجاهين، الأول، مواصلة خوض التحدي على مستوى الامم المتحدة، والمجتمع الدولي، حتى النهاية، ومهما كانت النتائج، وان تظل القيادة الفلسطينية تتمسك بموقفها المعلن من المفاوضات.اما الاتجاه الآخر، فهو يذهب الى الطرفين "حماس" و"فتح"، اللذين عليهما أن يكملا ويتوجا صفحات المجد الفلسطيني، بجهد مستعجل وجدي، نحو حوار شامل، لمراجعة التجربة السابقة، وتحقيق التوافق الوطني على الاستراتيجية والبرنامج والخيارات، وبما يعيد للساحة الفلسطينية، وحدتها وقوتها، الأمر الذي من شأنه ان يطيح بالاهداف والمخططات الاسرائيلية الخبيثة.