خبر : انتفاضة المستوطنين ...د. سفيان ابو زايدة

الإثنين 10 أكتوبر 2011 01:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
انتفاضة المستوطنين ...د. سفيان ابو زايدة



تتصاعد هذه الايام هجمات اليمين الاسرائيلي المتطرف على الفلسطينيين بحيث اصبحت جزء من حياتهم اليومية.  الهجمات لم تعد محصورة في شمال الضفة الغربية, خاصة نابلس و محيطها او جنوب الضفة, خاصة منطقة الخليل و ما حولها, بل امتدت هذه الاعتداءات لتطال اهلنا في الجليل حيث تم حرق مسجد في قرية طوبا و كذلك اعتداء على قبور المسلمين و المسيحين على حدا سواء في مدينة يافا.هذه الاعتداءات المتنوعة من حيث طبيعتها و مكان حدوثها تصبوا للوصول الى نفس الهدف, سواء كان حرق مسجد او قطع اشجار الزيتون و اغلاق الطرق و قذف السيارات الفلسطينية بالحجارة و مهاجمة البيوت القريبة من المستوطنات او الاعتداء على قبور الاموات , جميعها يصبوا الى ترحيل الفلسطينيين عن ارضهم .الدافع الايديولوجي لهذه الجماعات المتطرفة هو اقامة مجتمع يهودي على كامل التراب الفلسطيني الذي يسمونه (ارض اسرائيل) وفقا للتعاليم اليهودية كما يؤمنون بها او يفسرونها بعيدا عن المفاهيم الديمقراطية او العلمانية, و بالتالي هؤلاء لا يؤمنون كثيرا بهذه القيم. ليس مهم لديهم  احترام سلطة القانون و كذلك لا يؤمنون بالحلول السلمية مهما كان نوعها او شكلها.ليس هناك مرجعية دينية واحدة لهذه الجماعات المتطرفة, و لكن الغالبية العظمى منهم تخرجوا من مدارس الصهيونية الدينية التي تؤمن بالمزج بين الفكر الصهيوني و الفكر الديني و الذي يمثله في اسرائيل التيار الديني القومي ( المفدال) و ما تفرع عنه من تيارات و احزاب مختلفة و التي تمثل الاساس العقائدي و الفكري للمستوطنين في الضفة الغربية. لكن و بخلاف الصهيونية الدينية التي تؤمن باحترام قوانين الدولة وممارسة الديمقراطية و النضال من اجل تحقيق الاهداف  من خلال المؤسسات الرسمية , و كذلك يعتبرون الخدمة في الجيش امر مقدس و يدعون في صلواتهم لحماية الدولة, على العكس من ذلك , هذه الجماعات المتطرفة ليس لديها مشكلة في رفض الاوامر العسكرية اذا كانت تتناقض مع قناعاتهم الدينية, و هم مسلحين بذلك بفتواي من حاخامات متطرفة تجيز لهم التمرد على هذه الاوامر اذا ما تناقضت مع قناعاتهم رافعين شعار " التوراة اولا ".القاسم المشترك بين هذه الجماعات انهم جميعا من الشباب, يرتدون ملابس شبيهه بملابس اليهود القدماء ,  القبعات التي يرتدونها مصنوعة من الصوف و في الغالب اكبر حجما من القبعة اليهودية التقليدية, يطلقون شعورهم من كلا الجانبين و يعملون في غالبيته في الزراعة من منطلق الايمان ان الارض هي اساس الصراع و ان المشيح المنتظر لن يأتي قبل ان "تأتي الارض بثمارها" وفقا لتفسيرهم للتوراة الذي يعني قبل ان يسيطر اليهود على جميع البلاد و طرد من فيها من عباد غرباء!!!!.لهذا السبب ايضا يتمركزون فوق رؤوس الجبال و يقيمون البؤر الاستيطانية فوق التلال المرتفعة لاعتقادهم انهم سيكونون اقرب الى الله. المثل الاعلى لهؤلاء الشبان الذين يطلقون عليهم في اسرائيل ( شبيبة التلال) هو المستوطن ران افري الذي اقام بؤرة استيطانية بالقرب من نابلس و على بعد اربعة كيلو مترات من مستوطنة ايتمار اطلق عليها اسم "تلال العالم" حيث تعتبر هذه البؤرة الاستيطانية معقل هؤلاء المتطرفين حيث اقام مزرعة كبيرة يعمل بها هو و عشرة ابنائه و من حوله من شبان متطرفين في حياة اشبه بحياة الكيبوتس او القرية التعاونية.ليس من المستغرب ان هذا الزعيم الروحي لهؤلاء الشبان المتطرفين و قدوتهم الحسنه  قد اعتقل من قبل الشرطة الاسرائيلية اكثر من مره بتهمة النصب و الاحتيال و الشيكات المرتجعة و حتى الاعتداء على الجنود الاسرائيليين انفسهم كما حدث في اكثر من موقف.الارهابيون اليهود او ما يطلق عليهم من باب التخفيف "شبيبة التلال" يتسلحون ايضا بمواقف فتواي مجموعة من الحاخامات المتطرفين مثل حاخام مدينة صفد شلومو الياهو الذي دعى قبل حوالي العام في بيان وقع عليه اكثر من ثلاث مائة حاخام بعدم تأجير او بيع عقار " للغرباء" اي للعرب. كذلك يساندهم في هذا الفكر حاخامات المدرسة الدينية  " يوسف ما زال حيا" و التي مقرها في مستوطنة يتسهار في شمال الضفة , مما يعطي تفسيرا و اضحا على ان معظم المتطرفين اليهود و غالبية النشاطات الارهابية التي ينفذها هؤلاء المتطرفين هي في شمال الضفة الغربية.على الرغم من ذلك الشاباك الاسرائيلي الذي لدية الاستعداد ان يعتقل قرية فلسطينية بأكملها من اجل الوصول الى معلومات تقودة الى كشف اعتداء ما يجد صعوبة في محاربة هذه المجموعات حيث لا يستطيع اعتقال اي شخص يهودي قبل ان تتوفر لديه معلومات ووثائق تبرر الاعتقال, لذلك ليس من المستغرب ان الغالبية العظمى من هذه الاعتداءات ضد الفلسطينيين لم يتم كشفها او اعتقال احد بتهمة تنفيذها.اسرائيل كدولة تواجه مشكلتين على الاقل كنتاج لهذه الاعتداءت الارهابية بحق الفلسطينيين, المشكلة الاولى ان هذه الاعتداءات تدحض الادعاءات الاسرائيلية بأنها تستطيع ان توفر الحماية  للفلسطينيين, و المشكلة الاخرى ان هذه الجماعات المتطرفة هي في غالبيتها من خريجي المدارس و المعاهد الدينية المدعومة من قبل مؤسسات الدولة , خاصة وزارتي الدفاع و التعليم. هذا يعني ان الدولة بشكل او بآخر هي التي تمول هذا التطرف و هذا الجنون. szaida212@yahoo.com