في لقاء جمع نخبة من الإعلاميين والكتاب في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، جرى الحديث عن أهمية التغطية الإعلامية لقضايا الشأن الفلسطيني لا سيما المعاناة اليومية التي يحياها المواطن الغزي في ظل الحصار المطبق براً وبحراً وجواً، بالإضافة إلى الهموم التي باتت تؤرق كل حديث يدور في زوايا المكان.وعن مدى تعاطي الإعلام المحلي والدولي مع الحالة الفلسطينية، في ثنايا الحديث تم التطرق لإضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي الذي دخل يومه العاشر احتجاجاً على الظروف الإنسانية داخل سجون ومعتقلات الاحتلال، وسياسة العقاب التعسفي التي تمارس ضدهم، دار الحديث حينه عن المساحة الممنوحة للخبر الفلسطيني في نشرات الأخبار التي تبث فضائياً، حيث انه الإعلام الدولي يخصص جُل نشراته للشأن السوري واليمني والليبي ويكاد الخبر الفلسطيني يُطل بينهم خجولاً، لا أنكر أهمية التغطية الإعلامية عربياً ودولياً للحال الفلسطيني، ولكن في الوقت ذاته لا يمكننا إنكار أهمية الإعلام المحلي الفلسطيني وتعاطيه مع الأخبار اليومية على الساحة الفلسطينية، فلدنيا من الوسائل الكثير مسموعاً ومقروءاً ومرئياً، والانتشار الواسع للمواقع الالكترونية والمدونات، فلماذا لا نركز من خلالها على أخبار المحلية والقضايا اليومية التي يعاني منها الفلسطيني، ولماذا لا نسلط الضوء على نجاحاتنا فكم من صحفي تناول خبر سفير جوجل في غزة الطفل محمد المدهون الذ لم يتجاوز الربيع الخامس عشر من عمره، على سبيل المثال لا الحصر.على كلٍ في اليوم التالي توجهت لخيمة معركة الأمعاء الخاوية التي تقيمها لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية والمؤسسات أمام المقر الدائم للجنة الدولية للصليب الأحمر، وجدت ستة وجوه شابة مضربة عن الطعام في يموها الثالث تضامناً مع إخوانهم الأسرى الذين سأموا غطرسة المحتل وانتهاكه لأبسط الحقوق الإنسانية، انضموا إليهم ليقولوا لهم نحن معكم ولن ننساكم، ولن ننسى تضحيتكم بالحرية الشخصية من اجل حرية وكرامة الوطن، شعرت حينها بالخجل من نفسي لأجل أُناس سجنت أحلامهم وسُجنت طموحهم ووأد أطفالهم قبل أن يولدوا لأن أعمارهم في السجون تهرم.محمد الخالدي، غسان الشرافي، ماجد الأشقر، مراد قديح، محمد العارور،وماهر منصور آثروا البقاء بالخيمة كي لا تصبح خاوية على عروشها، وقال منصور:" أنا هنا تضامناً مع الأسرى، ولأقول لهم بأننا لم ننساكم"، وأضاف:" هنا أحمل رسالة للقوى الوطنية والإسلامية جهودكم من أجل الأسرى غير كافية، واطلب منكم التعامل بالجدية الحقيقية مع قضية الأسرى، فهم أبناؤكم ضحوا بحريتهم من أجل حريتكم، وعليكم بذل الكثير من أجل حريتهم".وفي الخيمة كان إلى يساري المتضامن الأمريكي جو من حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني الذي قال لي:" أنا هنا كي أتضامن مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، سأنضم للإضراب عن الطعام معهم لكي أوجه رسالة للعالم بان الفلسطيني هو أسير الكرامة والحرية، وليشعر العالم بالخزي من مطالبته بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وغضه البصر عن أكثر من ستة آلاف أسير فلسطيني".في ظل هذا المشهد طاف أمام عيناي أقسام العزل وزنازين الاعتقال وهي ملئ بالأسرى والمعتقلين المضربين عن الطعام من أجل حريتهم وكرامتهم الإنسانية، تجسد أمامي منظر السجانين وهم يداهمون مهاجع الأسرى ليختطفوا من بينهم ملح الطعام الذي يمدهم بالقدرة على الاستمرار في إضرابهم، ووصل لمسامعي أصواتهم وهم يؤكدون على حبهم للوطن والتضحيات التي لا تساوي شيئاً مقابل الوطن، وفي ذات الوقت تسألت عن أوضاع أهلهم وذويهم وهم يعدون الأيام والأشهر والسنوات التي سيقضيها فلذة أكبادهم خلف القضبان، تناهى إلى مسامعي صوت أم محمد وهي تتخيل ابنها أحمد الذي حُكم عليه بالمؤبد وتقول في نفسها:" لو كان أحمد بينا اليوم لفرحت بأولادو وهم بيلعبوا حواليا، وكان كحلت عيني كل يوم بشوفته، الله يحميك يبني ويفك أسرك وكل الشباب اللي زي الورد اللي راح عمره في السجون".ألا يستحق منا أحمد ومحمد وخليل ومصطفى أسعد وحسين وكل الأسرى أن نتضامن معهم في وقفة الكرامة التي يخوضون غمارها مع الغاصب لأرضنا ولحريتنا؟ ألا يستحقوا منا أن نتضامن مع أنفسنا لأنهم سُجنوا باسمنا ويتعرضوا يومياً للعذاب والتنكيل باسم الوطن؟لماذا خيمة الاعتصام أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر خالية من المتضامين؟، ولماذا تعج الخيمة صباحاً وقبل موعد إرسال التقرير التلفزيوني للفضائيات بمحبي الكاميرا والمقابلات الصحفية؟ لماذا ننتظر دعوة من حركة هنا أو حزب هناك ليستقل المواطنين الباصات وترفرف الرايات الحزبية ويكاد العلم الفلسطيني بينها يختفي.هذه دعوة لكل فلسطيني حر، الأسير هو أخوك أو ابنك أو صديقك أو ابن جيرانك أو هو رفيقك في النضال أو هو المرابط معك على ثغور الوطن، الأسير هو ابن شعبك دمه دمك و شريكك في البناء والمقاومة.إن لم نتضامن مع أنفسنا لن يتضامن العالم معنا.