الخطاب في ستراسبورغ أمام المجلس الأوروبي للديمقراطية امتداد واستكمال للخطاب في الأمم المتحدة كحركة متواصلة بلا لين والقرار بالشراكة بين مجلس أوروبا والمجلس الوطني هو بداية هطول المطر، الاعتراف بعضوية فلسطين الدولة في اليونسكو، وفي منظمة المهندسين الدولية، استراتيجية اللسعات، او معركة الأمر الواقع في النواحي والأطراف قبل الوصول الى القلب، التظهير النهائي للصورة. كان هذا أول الغيث، أول الحصاد الدبلوماسي، نضوج الثمار، وكان يستحق الحنق الغيظ، السيدة سوزان رايس، دعنا إذن ننظر من هم الذين يحاربون حق الشعب الفلسطيني في التحرر، الانعتاق والحرية، السنا نحن أيضاً الشعب الذي يعيش ويقع جنوب سورية ؟ وإلا ما معنى هذا الصراخ، العويل الذي يشبه العواء، غيرة على الشعب السوري وهذه الثورة، الغضب ضد توصية اليونسكو بعضوية الدولة. نحن نعرف هنا أيضاً، من هم أصدقاء الشعب الفلسطيني ومن هم أعداؤه.لم يحدث تسونامي في أيلول ولا حتى هطول المطر، علق المسؤول الأول عن الدبلوماسية الاسرائيلية الوزير الفاشل ليبرمان، لم يحدث اي شيء، مما أخافونا منه، وقال قائل منهم لم يكن الأمر، أيلول، سوى زوبعة في فنجان، لا يرتقي الى عاصفة، والواقع انه حين يصدر عن عدونا مثل هذه التعليقات، اللطيفة، فان علينا الشعور بالاغتباط والسرور، إذا كانت هذه التعليقات هي العلامات الإشارات، الأخشاب العائمة فوق الماء، وتدل على انتقال عدونا من الصراع، على محور القوة القاسية، إفراط وتضخم الثقة بالقوة، وتحوله الى الصراع على الجبهة المعنوية، جبهة عزاء النفس وإيهام الذات. ولقد كانت هذه الروح العزائية البائسة هي التي رافقت التعليق على خطاب نتنياهو، الذي أظهر شجاعة، وعدم خور، أمام اكتساح ابو مازن الحلبة،" الذي ألقى خطاباً معادياً للسامية". لم يحدث التسونامي لأنه على ارض الواقع، غيره في التصورات الهستيرية العصابية وفي الهلوسة، التحويلية. انه يحدث في الواقع حالما يبلغ اندفاعته القصوى، متجاوزاً مرحلة التجميع. كما الاشتباك الذي يبدأ حالماً ينتهي تجميع القوى والحشد،والذي حدث أيها الحمقى ان الالتحام، الاشتباك هو الذي بدأ ومنذ بدء هذا الاشتباك تغيرت وضعية الصراع، وهذه هي العلامات على اللوحة تعطي النتائج، تظهر حجم النقاط التي سجلها كل طرف.ان القراءة الاسرائيلية تظهر ارتجاجاً واضحاً، وتعكس رشوحات صادرة عن اللاوعي عن شعور بفقدان القدرة على المناورة، وانحسار مخزون الحيل او الخيارات وحتى مجال المناورة نفسه، بالهروب التقليدي إلى هامش المناورة العسكرية، المبادرة الحربية، لم تعد ممكنة، لا على الجبهة الغزية ولا اللبنانية او الإيرانية، ولعل هذا هو المأزق المحكم الذي أمسكهم به ابو مازن، انعدام الخطة في مواجهة خطة الرجل، وحصر المعركة، المواجهة،على الحلبة الدبلوماسية، المسرح العالمي الكبير في لحظة نادرة من خلط التوازنات، حيث عزلة اسرائيل وأميركا معاً، الأمم المتحدة نموذجاً وستراسبورغ. قبل ان يأتي وقت نتحدث فيه عن الهجوم الاوراسي القادم، توازن القوى الاوراسي الجديد مع عودة روسيا، والذي عنوانه اليوم سورية والإخفاق الأميركي الدبلوماسي في مجلس الأمن، حول المسألة السورية . الخطاب الحمساوي:لكن هل قلنا اشتباك سياسي قد بدأ؟ وتحدثنا عن التحام بالأسلحة والنيران : تسونامي أخذ في التجمع . لا، ليس الأمر يتعلق باشتباك سياسي ولا حتى بمعركة سياسية، يقول المتحدثون باسم حركة حماس، وإنما باشتباك إعلامي، والخطابان مليئان بالثغرات وهكذا يتفق التحليل الحمساوي والاسرائيلي، ويلتقيان عند نقطة مشتركة، وان كان الاتفاق لا يعني اتفاق المصالح في التقليل من اهمية المعركة الدبلوماسية التي يخوضها الرجل، وكذا في إلقاء هذا الدش البارد على الخطابات التي اعتبرت تاريخية. يجمع المراقبون والمحللون للشأن الفلسطيني وهذه صيغة لم نعتد على استخدامها او تحبيذها على ان الهجوم الدبلوماسي الذي بادر اليه الرئيس محمود عباس، لم يضع اسرائيل وأميركا في الزاوية، ولكنه مثل بذات القدر بمثابة المحك لاختبار قدرة حماس التفوق على ذاتها، الارتقاء الى مستوى ممارسة السياسة، بعقل كبير يوازن حجمها الكبير، وان الحركة فشلت في هذا الاختبار، المحك الحقيقي لمجموع خبراتها، كما قوة مراسها وذكائها. ان الخطاب هنا، التعليقات ردود الأفعال والسياق التحليلي العام، انما يعكس ارتباكاً وضعفاً بل تناقضاً لا يمكن اخفاؤه، وقد يكون حسناً تدارك الأمر من قبل خالد مشعل في خطابه مؤخراً في طهران بامتداح جرأة ابو مازن التي قال انها تحسب له، ليقطع هذا الهذر الإعلامي، لكن بظني ان الارتباك الحمساوي انما يكشف عن مصدر لازمة متأصلة في هذا الخطاب ويمكن البحث عنها في مكان آخر .هو الذي يحيل هذا الخطاب مرة الى إسقاطات شخصية تختزل القصة في تصوير رجل يحاول إنقاذ تاريخه او ماضيه، بتجريده من الشعور بدوره، مسؤوليته الوطنية، وما تمليه عليه روح هذه المسؤولية والقيادة وتارة أخرى، إعادة التذكير لا تنتهي بالسجل الطويل، من تاريخ حركة، وقادة مليء بالخذلان، التراجع، التنازلات السهلة، ولكن المرة، كما التواطؤ، وانعدام روح البطولة او الإقدام، وهكذا حتى حينما، يظهر هؤلاء القادة في لحظات من أبهى أدوارهم ومواقفهم، فان التحليل المقولب، بل المعلب الجاهز، والخاطئ، يبدو متلعثماً. يسأل المذيع المتحدث عند هذه النقطة، وإذن لماذا تصرون بعد كل ذلك على المصالحة معهم، والتوحد فيجيب المتحدث عن هذا السؤال المحير، إنها الأمانة . ولعل الأمانة تقتضي هنا عند هذا المحك ان نقول انه لا يليق بكم يا حماس، بحركة كبيرة، التصرف على هذا النحو، إظهار هذا الضعف المريع، في القدرة على التحليل، واتخاذ القرارات، الموقف الصائب، وهذه هي المسألة: لا يمكن لحركة وطنية قائدة وعريقة، جماهيرية وثورية حقاً، ان تخون ذاتها، والتنكر لأهدافها، يمكن ان تقع في أخطاء، المبالغة في التنسيق الأمني، مثالاً، ولكنها لا يمكن ان تتنكر لذاتها ولعل هذا هو الخطأ المشترك الذي وقعت به حماس واسرائيل معاً، حين تصورت هذه الأخيرة ان ابو مازن وفتح أصبحا في جيبها . الثوار الجميلون: أحمد سعدات ورفاقه حسناً اختار هذا الثوري الجميل، المناضل، القائد الصلب احمد سعدات ورفاقه، الممثلون الأخيرون الباقون على قيد الحياة في زمننا، لجيل من الثوار من الأحقاب الكلاسيكية لمهاد الثورة حول العالم . المبادرة في هذا التوقيت الى إعلان الثورة الداخلية في السجون الاسرائيلية. لا أنسى ولا ينسى الفلسطينيون الصورة الأخيرة التي التقطت، لأحمد سعدات خلال اقتحام اسرائيل سجن أريحا، واعتقاله طويلاً بقامة تشبه الرمح، السيف، رابط الجأش هؤلاء هم القادة الرفاق القوة، والرجال الرجال الذين لن تستطيعي يا اسرائيل قهرهم، وتمكنوا هم، من قهر خيالك المريض. في الميادين واقفين، ياسر عرفات، ابو علي مصطفى، احمد ياسين، عبد العزيز الرنتيسي، مروان البرغوثي، في المقاطعة، في غزة، في السجون وفي الأمم المتحدة، كما في صمود غزة في مواجهة الحرب . القسوة المفرطة، القوة الغاشمة، مقابل الإرادة وقصائد محمود درويش . هذه لحظة مواتية، في طرح قضية الأسرى الفلسطينيين، ونقلها الى واجهة الأحداث، المشهد. هنا معركة تجسد التلاحم الوطني الفلسطيني، بموازاة الربيع العربي وصعود تيار الحركات الاحتجاجية حول العالم، احتلوا وول ستريت وقد وصلت الى هناك. بينما يقود الفلسطينيون ببسالة المعركة حول تقرير مصير الدولة، على مستوى المسرح العالمي الكبير بجدارة، كسر ستار الصمت، حول أقبية الموت البطيء، في زنازين العزل الاسرائيلية، ما عاد بإمكاننا احتمال ذلك، لم يعد ممكناً، ان يسكن جفوننا النوم، بينما يواصل الموت أكلهم أحياء، ببطء في قبور الموت. البعض منهم تجاوز عمره سنوات اعتقاله، الثلاثين عاماً، لا يحكمون عليهم بالموت، الإعدام، لكنهم قرروا مسبقاً، إعدامهم في القبو، والعزل، الذي يهدف الى تحطيم العقل والنفس. فكم يستطيع العقل الآدمي، ان يمكث من السنين وحيداً، معزولاً في زنزانة ؟ هكذا إذن هي اللحظة لإعادة ترتيب سلم الأولويات، هل اشترطنا التوقف عن الاستيطان، والاعتراف بحدود 1967 وجدول زمني لإنهاء الجلاء عن الأرض، أيضاً شرط رابع، عدم التفاوض، بينما أسرى الحرب المقاتلون من اجل الحرية، الجنود، ما زالوا في غياهب السجون، وكما في الهجوم، واندفاعته السياسية، الحالية، لتكن المعركة على الأرض، شعبية سلمية، عنوانها اليوم تحرير الأسرى.