خبر : اتفاقية تعاون بين دولتي "حماس" و"السلطة" ...بقلم: عبد الناصر النجار

السبت 08 أكتوبر 2011 08:55 ص / بتوقيت القدس +2GMT
اتفاقية تعاون بين دولتي "حماس" و"السلطة" ...بقلم: عبد الناصر النجار



دولة "حماس" أمر واقع.. لها جيشها، ووزاراتها، ومؤسساتها المختلفة، وحكومتها، ورئيس وزراء يتحفنا بخطبة أسبوعية، مقلّداً رئيس الوزراء في رام الله.. ولكن، الفرق أن الثاني يوجّه كلمته المسجّلة عبر وسائل الإعلام، والأول يخلع بزّته وربطة عنقه، يوم الجمعة، ويرتدي "دشداشته" البيضاء، ويخطب أمام أتباعه ويدعو لهم.. ولا ندري إنْ كان يدعو للرئيس، كما كافة الخطباء في العالم الإسلامي، أم أنّ الدعاء موجّه لرئيس المكتب السياسي للحركة؟!!.السلطة، في الضفة الغربية، واصلت خططها للإعمار والبناء، وإنجاز البنية التحتية للدولة.. وحتى وقت قريب، تدفع الرواتب بانتظام، ثم تعثرت.. ولا ندري إن كانت ستنتظم في الدفع بعد عاصفة أيلول..؟!!رام الله الليبرالية تعيش شخصيتها السريالية، وكأنها قطع فسيفساء غير منتظمة.. كلّ قطعة لها مكوناتها الثقافية والأيديولوجية والسياسية، تُغنّي على ليلاها صدحاً يمتدّ إلى الأفق..في دولة "حماس"، قلّ عدد المقاهي والمتنزهات، ربما للحدّ الأدنى الذي يمكن القول إنها تواجه الانقراض.. ومنها مقاهي لعب الورق، ومقاهي الإنترنت، والمقاهي العائلية المختلطة، و...و...!!.في رام الله، انتشر وباء "الكوفي شوب".. وهي، أيضاً، لها طابعها الخاص؛ كوفي شوب المثقفين، ومدخّني الأراجيل، والعشّاق، صغاراً وكباراً.. الأسعار فيها أغلى من أسعار باريس أو لندن، دون مبالغة!!.الذي نودّ قوله: إن هناك دولتين على أرض الواقع.. مَن خَلَقهما، ولماذا، وكيف.. أسئلة تصعب الإجابة عنها.. ولكن، واقعياً، هذا هو حالنا، اليوم..!!خلال الأشهر الأخيرة، شهدت عاصمتا الدولتين، غزة ورام الله، عديد الاجتماعات واللقاءات من أجل المصالحة، بحيث أصبح هذا المصطلح ممجوجاً أكثر من اللزوم.. وترديده كشعار مستهلك لم يعد يعني شيئاً لغالبية الفلسطينيين!!.تعالوا نصارح أنفسنا ونكون موضوعيين، محيّدين لعواطفنا، ولو قليلاً، ونؤكد أن المصالحة أبعد بكثير مما نعتقد، أو مما يحاول البعض إيهامنا.. وبالتالي، يجب أن نبحث عن بديل للمصالحة المتعثرة بين الدولتين؛ لأنه، لا مشايخ غزة يرغبون بالتنازل عن دولة الإخوان، ولا القيادة في الضفة مستعدة لإعادة تجربة الانقلاب.وبما أننا شعب واحد، حتى الآن، والدراسات البيولوجية تؤكد أن الجينات واحدة، وعقولنا مركبة من خشب.. فلا بد من بديل يخرجنا من مأزق "أُكِلتُ يوم أُكِل الثور الأبيض"!!دولة "حماس" ستظلّ كما هي، تعاني على الصّعُد كافة، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وستظل الأخبار الواردة من هناك غالبيتها حول الجمعيات التي توزع المساعدات العينية والنقدية والحقائب المدرسية، ومراييل الطالبات، وعبوات الزيت وأكياس الطحين والسكر. وتسجيل الأسماء في قوائم فرص العمل للمتعطلين، الذين على الأغلب يعملون في تنظيف الشوارع، إذا ما بقيت نفايات صلبة لم يتم تدويرها بعد، أو جمعت من قبل أطفال المكبّات.. وانتظار الرواتب من رام الله للجيش الجالس في البيوت!!!.وفي المقابل، دولة السلطة ستظل تعاني من مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات، ومواصلة الضغوط الإسرائيلية والأميركية، ما يضعها في مأزق لا ندري إلى متى؟!!.لإيجاد حلّ للإشكاليات في دولتينا، لا بد لنا أن نتخلّى، ولو لفترة زمنية، عن مبدأ المصالحة، الذي لن يتحقق حالياً، [على الرغم من دعواتنا الدائمة لتحقيقها]، ونرنو إلى مبدأ توقيع اتفاقية تعاون بين "الدولتين"، لتجنيب الشعب الفلسطيني ويلات ومخاطر لا يقدّرها كثير من الذين لا يميزون بين السياسة والدروس الدينية!!!.اتفاقية التعاون يجب أن تنصّ على عدم المس بإنجازات الشعب الفلسطيني ونضالاته، خلال الستين عاماً الماضية.. وليس نضالاته خلال السنوات الثلاث الماضية..!! وأن تنصّ، كذلك، على إطلاق الحريات؛ حرية الحركة والتفكير والإبداع والإعلام والمسيرات والتظاهر والتجمعات، بما يصبّ في خدمة أجيالنا القادمة، التي ربما ستلعن، يوماً، كل مَن احتكم للخارج وقضى على حلمنا.. والتعامل الخلاّق مع السياسة الخارجية، وأن ندع ذلك لمَن يستطيع القيام بهذه المهمة، وإلاّ، سيظل وضعنا هزلياً لا يثير السخرية والتهكم فقط، بل الضحك حتى البكاء!!!. abnajjarbzu@gmail.com