خبر : الخطة "ب" ... حسين حجازي

السبت 01 أكتوبر 2011 01:28 م / بتوقيت القدس +2GMT
الخطة "ب" ... حسين حجازي



ربما لن نستطيع ان نفوز بكل رأس المال، تحقيق الحسم، هدف الدولة الكاملة العضوية بالضربة الساحقة ومن الجولة الأولى. ربما، مع ان هذه "ال ربما" من قبيل حتى الحذر الفطن، لا يحبذ ذكرها عند هذه اللحظة، إذا كانت تفيد الإيحاء بتسرب الشك، عندما يقرر أفراد عازمون، او شعوب التعبير عن إرادتها الجماعية، الإقدام على تحقيق هذا النوع من الأهداف التي تتعلق بتقرير المصير، وممارسة هذا الحق. فليس ان كل العالم سوف يتجند لمساعدتهم، ولكن لكي تتحقق هذه الإرادة التي تسري مسار الطاقة او الروح، فإن الشك هو أعدى أعدائها في تحقيق هذه الرغبة، هذا الهدف، الإرادة، وقد تحولت الى قدر من التماهي مع الإرادة الإلهية.وإذن هي ربما من قبيل التصارع مع عدم اليقين الذي يمليه ضباب المعركة. عند هذه اللحظة من بلوغ الخفقان الإنساني، دفق التاريخ، ذروته. وهذا بخلاف تخفيض سلم التوقعات ولكن لأجل امتلاك القدرة على مواصلة العزم والتصميم، تصميم العقرب وثباته في الطريق الى قطع الجسر. وفي هذه "ال ربما" ثلاثة احتمالات: اولاً : أما وقد امتلكنا الشجاعة، الجرأة على ان نجهر بالحلم على هذا النحو، والدفع به الى هذا الحد، بالكشف عن الحقيقة أمام العالم، فانه لا عودة الى الوضع السابق، التواطؤ مع الصمت، كسر ستار الصمت هذا هو فحوى الخطاب ودلالاته، الخطاب التاريخي حقاً، والحركة الافتتاحية التي احتوت على جماع عناصر القوة الإيقاعية كما الأثر النفسي والمعنوي على حد سواء. ثانيا : إن الامبراطور الذي ظهر في هذا الفصل الافتتاحي قد لا يتردد الآن في اجهاض المسعى في مجلس الأمن ولكن ان حدث ذلك، فان النتيجة ليست فشلاً لنا، او خسارة كاملة، سيكون ذلك على النحو التالي: نصف فشل ونصف انتصار، إحالة المعركة الى رحاب الجمعية العمومية، دولة عضو مراقب. وكل ذلك ايضاً على طريقة فتح القسطنطينة في قصة محمد الفاتح، الاستعداد للجولة الثانية.ثالثاً: وفي غضون هذه الفترة الاستعدادية، فان هذه النقلة نصف النجاح ونصف الفشل، سوف تؤدي الى انقلاب في قواعد اللعبة وإحداث تغيير في الوضع العام ككل. اذا كان انتقالنا الى الهجوم الدبلوماسي والسياسي كما حدث، هو أيضاً المتغير الراديكالي الفلسطيني الذي يتوازى ويتقاطع مع التحول الراديكالي في المنطقة. الانتقال الى الهجوم وزخم هذا الهجوم، الذي يبعث روحاً جديدة في الشعب. لقد تم إقصاؤهم، وعزلهم، كشفهم، بنيامين نتنياهو وباراك اوباما، ومعهم كذلك توني بلير عراب الرباعية، الذي ظهر كديك منتوش الريش في هذه التمثيلية الى جانب باراك اوباما الامبراطور بوصفه بلير المتأمر الكبير من خلف الكواليس وكان ثلاثتهم كانما لم يتوقعوا الخطاب او تفاجأوا فيه. الأغبياء الثلاثة وقد امسك بهم ابومازن بوصفهم الذين يمثلون دور تحالف الشر في هذه القصة. كان خطاباً فلسطينياً ينطوي على محاكمة، توبيخية نادرة مفعمة بروح عرفات، وكان هذا مثار إعجاب العالم، هنا يوم 23 ايلول في هذا اليوم حسمت بل حددت نتائج المعركة. وكان رد نتنياهو هو مزيج من التدليس البائس والتذاكي السمج الذي يثير الازدراء ووصفه شاعرنا ذات يوم" يطلقون الرصاص ويبكون". نقاش في الاستراتيجيالثلاثون ثانية الأولى التي تسجل، تكشف ردة الفعل الحقيقية، الاستجابة الأولى التي تظهرها لغة الجسد، وعلى صفحة الوجه، هكذا يمكن قراءة الارتباك، بل المفاجأة التي انعكست في ردود افعال المتحدثين باسم حركة حماس على الخطاب "خطاب عاطفي ولكن"، وبدا الإعلام الحمساوي يبحث كمن وجد نفسه في زنقة عن دالة لتبخيس الخطاب والتقليل منه." لا تبخسوا الناس حقهم". يبحثون عن اي اشارة غامضة لتعزيز لكن الاستدراكية. لكن لماذا كل ذلك؟ والجواب لأنهم ايضا فوجئوا. هيا نفرك أعيننا لكي نؤمن بالحقيقة وبان الرجل لم يفرط بالحق الوطني العام. الرجل ألقى خطاباً تاريخياً باسم الشعب الفلسطيني لكنه لم يخرج عن الاستراتيجية التفاوضية نفسها قال عزمي بشارة. الحق انه ألقى خطاباً تاريخياً، لكن المشكلة يضيف بشارة انه لا يؤسس لاستراتيجية بديلة، والمثال الاسرائيلي هو النموذج قاعدة القياس. عندما أخذوا الاعتراف بالدولة من الأمم المتحدة، كانوا يملكون السيادة الفعلية على الارض. فهل يقول ابومازن اذا لم يحدث كذا فلدينا الخطة "ب" كذا.في الواقع ان عرفات نفسه لم يتحدث يوماً عن الخطة "ب" وان كانت تحت الطاولة دوماً. لقد مارسوا نوعاً من استراتيجيات غير المؤطرة، المحكمة من الناحية النظرية، بل مارسوا في الواقع نوعاً من الاستراتيجيات التي يكتنفها الغموض أقرب الى ردود أفعال قياسية او كنوع من التداعي الحر، التفاعل الديناميكي. نوع من المذهب التجريبي او البراغماتي الواقعية المجردة. هل لهذا السبب كان يمكن لعرفات وابومازن ان يحدثا المفاجأة وان يقال ان هذا فشل استخباراتي لاسرائيل والـ"سي اس ايه". وجاؤوا مرة في مفاوضات كامب ديفيد، بقارئ خبير في القدرة على اختراق الخواطر، لسبر أغوار اللفائف الدماغية لعرفات وما يفكر به. فهل خبا ابومازن من قبيل المزاح الخطاب في جيبه حتى في فراش النوم قبل ان يلقي به أمام الأمم المتحدة ويستقطب هذا التصفيق وقوفاً من قادة أمم الأرض؟.هي نوع من البساطة والوضوح التي تشبه ربما البركة او نظرية التوكل على الله. هذه كانت استراتيجية مترنيخ التي تقوم على المخاتلة، إنهاك العدو، استنزاف قوته قبل دحره بالضربة القاضية. وهذه الاستراتيجية هي التي يمكن تسميتها بالغموض البناء استراتيجية يمكن تعريفها، بوضوح الهدف والمرونة في التكتيك. وامتياز قوة جدارة الأسلوب، للبقاء على قيد الحياة، والطفو بالقدرة على التكيف التي هي أرقى أشكال الذكاء. فحتى عرفات الذي مارس المقاومة المسلحة، كان مستعدا لإدانة الإرهاب، وحدد ابومازن هذا الارهاب انه ارهاب الدولة والاستيطان. وفي التخطيط الاستراتيجي اذا لم تكن لديك خطة واضحة فان كل الطرق تؤدي بك الى الهدف. وما تم القطع به، حسمه أمام الوعي الجمعي الفلسطيني والعالمي هو الهدف الفلسطيني الثابت. وإن هناك مسألتين ينبغي التعرض لهما في هذا السياق، الأولى: انه يحذر علينا ان نخوض الحرب بمناورة حربية سابقة، لا يمكن تكرار مناورة الانتفاضة الثانية بنفس الأسلوب والجواب: استعمال شرعية دولية جديدة كتوازن قوى بأدوات المناورة الدبلوماسية، كما التحول الراديكالي في البيئة الاقليمية والاستراتيجية المحيطة بالنزاع. وذلك بموازاة المقاومة الشعبية السلمية، ثانياً: علينا الاتفاق بان حرب الاستقلال الفلسطينية تقتفي سلسلة متواصلة من النقلات التدرجية والتفاعل بطريقة واقعية مع عامل الزمن، دون الخضوع لرهاب الزمن. فنحن الشعب الاكثري الذين سنبقى على هذه الأرض الى يوم الدين. وهكذا ليس الحسم النهائي بالضربة القاضية ولكن بالنقاط. والعامل الرئيسي هو التغيرات الراديكالية الميحطة بالصراع وقدرتنا على الاستعداد في استثمار اللحظة الحاسمة، اللحظة المواتية، وهذه هي اللحظة التي تدق على الأبواب.واليوم فإن السؤال هو التالي: هل الانتقال الى هذا الهجوم الدبلوماسي هو بمثابة التطبيق الخلاق لاستعداد الاستراتيجية عند اللحظة الحاسمة ؟الاستعداد الاستراتيجي عند النقاط البديلة القوة التالية: رفض العودة الى التفاوض وفق النسق القديم وبالتالي العودة وفق نسق، اشتراطية، إطار جديد، قوامه: مرجعية إقرار الاعتراف بعضوية الدولة حدود 1967 ووقف الاستيطان، وإزالة، عزل توني بلير أيضاً في هذا السياق، النسق الجديد. وبالتالي إعادة صياغة العملية بروح جديدة.إعادة فتح الملفات القديمة، السابقة البروتوكول الاقتصادي، اتفاقية باريس. أولاً ولكن ليس آخراً، التنسيق الأمني في إطاره القديم، كذلك. تفعيل أسس وقواعد الوحدة، الوطنية الفلسطينية التي لن يصار إلى إعادة أحيائها، الى على جثة النسق السياسي السابق، الذي تم هدمه بالفعل. الدفع بالهجوم الدبلوماسي نحو هدفه الأخير بما يتجاوز هدف الاعتراف بعضوية الدولة، ولكن لنزع الشرعية عن الاستفراد الأميركي بالعملية السياسية، بهدف تحقيق اختراق استراتيجي، بتفعيل توازن شرعية دولية، مظلة جديدة، قوة المجتمع الدولي الحقيقية، التي تم التعبير عنها يوم 23 ايلول بالترحيب بخطاب الرئيس في قاعة الأمم المتحدة. توازن مقابل توازن. وذلك باستثمار التحول في الموقف الاوربي والإقليمي بعد الربيع العربي من تركيا الى ايران ومصر وتونس وليبيا حتى الأردن والسعودية، وصولاً الى تطويق وعزل التحالف الاميركي الاسرائيلي .هل نملك إذن استراتيجية تفعيلية وبديلة، في الواقع توجد. ولا توجد استراتيجية قادرة على الصمود، أمام العاصفة لدى العدو. لكن يلزم لإنجاح هذه الخطة يا دكتور عزمي بشارة التوسط لدى قناة الجزيرة لإيلاء المعركة الفلسطينية ولو قدراً معقولاً من الاهتمام والتغطية بدلاً من تركيز كل الجهد، إضاءة كل الأضواء عبر هذا الضخ الاعلامي الهائل لاستجلاب ثورة في سورية لا يبدو ان لها أفقاً من النجاح سوى إدامة قتل الضحايا ونقل الصراع داخل سورية قلب الشام وتفكيك سورية.