خبر : ثورة في لبنان ... عبد الستار قاسم

الأربعاء 28 سبتمبر 2011 01:19 م / بتوقيت القدس +2GMT
ثورة في لبنان ... عبد الستار قاسم



إنني من المتابعين جيدا لأوضاع لبنان، وكم أشعر بالسعادة وأنا أرى الوئام والمحبة تأخذان طريقهما بسلاسة بين مختلف الفئات اللبنانية. لبنان جزء لا يتجزأ من أرض الشام المقدسة، والتي هي جزء لا يتجزأ من هذا الوطن العربي الكبير والذي ستصنع عظمته شعوب حرة أبية. تابعت أقوال البطرك الماروني مار بشارة الراعي في باريس، وتابعت نشاطاته في لبنان، وزياراته للمناطق اللبنانية المختلفة بخاصة المناطق الجنوبية، وتابعت كلماته وأقواله، وقد استبشرت به خيرا كبيرا للبنان وفلسطين وسوريا وكل البلدان العربية. واضح أن الرجل ليس هوائيا ولا ارتجاليا ولا متعصبا ولا ضيق الأفق والفكر، وهو صاحب رؤية وعلم وسعة أفق، ويحاول أن يجعل من منصبه مصدر اطمئنان للبنانيين وغيرهم. كم كان المنظر مثيرا وعظيما والبطرك يلتقي أبناء الجنوب اللبناني بمسيحييه ومسلميه، ويتعامل مع الجميع بذات المحبة والاحتضان. كان شعب لبنان وكل الذين يحبون لبنان ينتظرون لحظات كسر الجمود والتغلب على الأحقاد وهزيمة الماضي لصالح الوئام والوحدة والعمل معا من أجل لبنان وشعب لبنان ومحيطهم العربي جغرافيا وإنسانيا. لم يكن فضيلة المفتي محمد رشيد قباني أقل حماسا وشعورا بالمسؤولية. لقد أدرك فضيلة المفتي أن لبنان قوي بوحدته وبشراكة كل اللبنانيين، فأطلق العنان لعبارات التغيير والعمل معا من أجل تحقيق آمال جماهير الشعب اللبناني. وكم كان جميلا أن يفتح المفتي باب دار الإفتاء للجميع ليحصل اجتماع تاريخي ضم الزعماء الدينيين لسبع عشرة طائفة لبنانية. اجتمع الجميع في دار الإفتاء وأمامهم هدف واحد وهو وحدة لبنان. أصدر الزعماء الروحانيون بيانا أكد على الكثير من المبادئ التي ينتظرها أهل لبنان، لكنه كان من الملفت التزام الجميع بالقضية الفلسطينية. لقد اعتبر الزعماء قضية فلسطين قضية مركزية وأن مسؤولية تحرير الأرض المقدسة تقع على عاتقهم أجمعين. هذه ثورة حقيقية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. من اللبنانيين من والى الصهاينة جهارا نهارا، ومنهم من عمل على قتال الفلسطينيين والسوريين دفاعا عن إسرائيل، ومنهم من عمل جاهدا على إلحاق الهزيمة بحزب الله من أجل إسرائيل. فيأتي الآن بيان تارخي يؤكد على مسؤولية لبنان تجاه القضية الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين. ما يحصل في الداخل اللبناني عبارة عن ثورة داخلية مجيدة ستقود إلى تغيير الأوضاع لصالح جميع اللبنانيين، وستعزل كل الذين يراهنون على الاقتتال والانقسام. وهو أيضا ثورة في مواجهة العدو الصهيوني الذي يرى قوى المنطقة تحتشد في مواجهته. الصهاينة في مأزق ساخن مع حزب الله، فكيف سيؤول الأمر عندما يجتمع كل اللبنانيين في جبهة المقاومة والصمود والتحدي؟ زعماء طوائف لبنان يضيفون الآن بعدا جديدا للقضية الفلسطينية، ولقضية اللاجئين الفلسطينيين، وهم بذلك يؤكدون على انتمائهم لهذه الأمة، والتزامهم بقضاياها المختلفة. ربما نجد من السياسيين من تأخذه العزة بالإثم، ويطغى على رأسه العناد، لكن هؤلاء لن يكون مصيرهم سوى الصراخ في بئر يغيب عنها الصدى.