مقدمة لقد فكرت في عدة عناوين لهذه الورقة ..فهل اوجهها الى العرب اوالمسلمين او الفلسطينيين او الاسرائيليين او الى محبي السلام .. او الى الغرب ومحبي الحرب واختراع النزاعات .. الا انني في النهاية اخترت العنوان الحالي , فهي موجهة لهم كلهم , لان لكل منهم دور هام في عدم منح السلام فرصة ... نعم السلام بحاجة الى فرصة حقيقية واحدة ...فالحروب والنزاعات اخذت فرصتها عدة مرات ولم تفلح في منح سكان هذه المنطقة سلام حقيقي دائم .لم تلتزم اسرائيل في حينه بقرار الامم المتحدة رقم 181 للعام 1947 , والذي منح اسرائيل دولة يهودية ( وهو مايطلبه حكام اسرائيل الحاليين ) على حوالي 55% من مساحة فلسطين التاريخية وابقى للسكان الاصليين من اراضيهم 45% لاقامة دولتهم العربية ¸وقد وافق سكان فلسطين اليهود على هذا القرار عند صدوره ورفضه الفلسطينيون . الا ان اليهود في فلسطين وبعد حرب 1948 اعلنوا اقامة دولتهم على كل الارض التي قاموا باحتلالها وطرد سكانها الاصليين من طرف واحد , حيث اضافوا الى قرار الامم المتحدة ثلث مساحة فلسطين ( 33%) وعليه اصبحت مساحة اسرائيل 78% من مساحة فلسطين .وعندما افاق العرب والفلسطينيون وطلبوا الاعتراف بدولة عربية فلسطينية على ماتبقى من فلسطين ( 22%) في كل من قطاع غزة والضفة الغربية والتوقف عن المطالبة بطرد اليهود من فلسطين واسترجاع الاراضي التي اقيمت عليها دولة اسرائيل مما يعني موافقتهم على تعديل القرار 181 للعام 1947 بحيث يعطي اسرائيل 78% من اراضي فلسطين بدلا من القرار الاصلي الذي يعطي السكان اليهود 55% من اراضي فلسطين ...بدأت اسرائيل في اقامة المستوطنات في كل من غزة والضفة الغربية رغبة منها في استملاك اراضي اضافية وفرض الامر الواقع عند توقيع اتفاقية سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين .بعد توقيع اتفاقية اوسلو للسلام بين الطرفين رسميا في العام 1994 جرت عدة محاولات للتوقيع على اتفاقية سلام حقيقية كما جرى اغتيال قادة من الطرفين كانوا يعملون من اجل السلام , وبدلا من تنفيذ ماتم الاتفاق عليه في اوسلو , بدأ زعماء اسرائيل بالتنصل من كافة البنود التي تعمل على نشر السلام في المنطقة وبدأت تتنصل من اي بند يعمل على تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين ويقربهم الى سلام حقيقي بين الطرفين , كما بدأ قادة اسرائيل من اليسار واليمين في التسابق لاستملاك الاراضي الفلسطينية لاقامة المستوطنات الاسرائيلية على الاراضي الفلسطينية . بالرغم من ان قيام دولة فلسطينية على 22% من اراضي فلسطين يعتبر اعترافا كاملا باسرائيل .. ويعمل على ضمان حدود دولة اسرائيل ( التي لم يتم تحديد حدودها منذ الاعلان عن اقامتها في العام 1948 وحتى الآن ) ... كما ان قيام دولة فلسطينية ستعمل على خلق علاقات ثنائية بين الدول العربية واسرائيل ... وبالرغم من المطالبات العديدة من مجموعة كبيرة من المثقفين الاسرائيلين والمؤسسات الاسرائيلية بضرورة الموافقة على قيام دولة فلسطين بجوار دولة اسرائيل ( المؤسسات الاسرائيلية ذكرت 50 سببا يدعو اسرائيل للاعتراف بدولة فلسطين ) ..... الا ان النظام الحاكم في اسرائيل حارب ويحارب اقامة دولة فلسطينية ويستمر في اقامة المستوطنات على الاراضي الفلسطينية من اجل فرض امر واقع وابتلاع اكبر جزء من الاراضي الفلسطينية .الفلسطينيون واوبامااعتقد ان الظروف التي صادفت توجه الفلسطينيون للامم المتحدة لم تكن مواتية لهم ... فالرئيس الامريكي اوباما يبدأ حملته الانتخابية باسترضاء ناخبيه من اليهود الامريكان على حساب وعوده للشعب الفلسطيني ورجوعه عن كل الوعود التي صرح بها في خطابه في جامعة القاهرة في مايو 2009 ... وبدلا من وعده باقامة دولة فلسطينية في سبتمبر 2011 نراه يتخلى عن كل وعوده للفلسطينيين باقامة دولة فلسطين في حدود العام 1967 بدلا من التمسك بوعوده وهو رئيس اكبر دولة في العالم تدعي مساندتها للشعوب ونشر الديمقراطية في هذا العالم , كما انه لم يتطرق في خطابه الى ضرورة توقف اسرائيل عن بناء المستوطنات على الاراضي الفلسطينية التي يريد الفلسطينيون اقامة دولتهم عليها .لم يكن مستغربا من الرئيس اوباما اعلانه من على منصة الامم المتحدة في 22/9/2011 بانه لايحق للفلسطينيين الحصول على اعتراف الامم المتحدة باقامة دولتهم العتيدة على الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 في كل من غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس الشرقية .لم يكن من الضروري تاكيد الرئيس اوباما دعمه اللا متناهي لاسرائيل والحفاظ على امنها بالرغم من علمه الاكيد بان اسرائيل قادرة بالدفاع عن نفسها ضد كل الدول العربية مجتمعة ... الا انه اصر على ان يؤذي كل الفلسطينيين والعرب والمسلمين وكل محبي السلام في العالم .لقد قال الرئيس اوباما بانه يشعر بالاحباط الذي يشعر به الفلسطينيون ( وفي هذا شك كبير ) ولكنه لم يقدم اي حل منذ تسلمه السلطة كرئيس للولايات المتحدة لازالة احباطه قبل ازالة احباط الفلسطينيين ... ولكني كفلسطيني لااعتقد ان اوباما يشعر بالاحباط لعدم التوصل لاتفاقية سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ...ولكنه في نظري ونظر الغالبية العظمى من العرب والمسلمين ومحبي السلام في العالم يشعر بالاحباط لانه لم يملك القدرة والقوة والشجاعة لتنفيذ وعوده كنتيجة مباشرة للضغوط اليهودية والاسرائيلية وضغوط الكونجرس الامريكي الذي وقف اعضاؤه وصفقوا لخطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو حوالي 50 مرة .. وهو لم يحدث لأي رئيس امريكي في عقر داره .لقد ذكر الرئيس اوباما معاناة اليهود في العالم ...وخاصة ماجرى لهم من النازيين ومقتل 6 مليون يهودي منهم .. الا انه لم يذكر معاناة حوالي 5 مليون من اللاجئين الفلسطينيين في الشتات وحوالي 5 ملايين آخرين يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي خلال 63 عاما من اللجوء والعذاب , ولكن من الضروري ذكره بان الرئيس اوباما لم يذكر مطلقا ضرورة الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل كما يريد نتانياهو وحكومته .الرئيس الامريكي في خطابه اكد على ضرورة العودة للتفاوض كطريقة وحيدة لاحلال السلام في الشرق الاوسط , وعارض كليا توجه الفلسطينيين للامم المتحدة ..ولكنه حدد مواضيع التفاوض بشكل واضح ربما لم ترضي اسرائيل بحيث اضاف لمواضيع الحدود و الأمن مواضيع القدس و اللاجئين ...ولكن من الملاحظ انه تراجع عن وعوده السابقة باقامة الدولة الفلسطينية في حدود العام 1967 ( لم يذكر في خطابه العام 1967) , كما لم يذكر امكانية تبادل بعض الاراضي بين الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية .الرئيس الامريكي تمادى في دعمه وانحيازه لاسرائيل عندما وصف اسرائيل بانها تعيش وسط عالم عربي معاد لها ... ولكنه تجاهل مبادرة السلام العربية التي اقرت بوجود دولة اسرائيل منذ طرحها في العام 2002 والتي لم يتم الغاؤها حتى الآن بالرغم من استمرار اسرائيل لرفضها . كما ان الرئيس الامريكي الذي تحدث عن الدول العربية المعادية لاسرائيل , لم يتطرق الى دعم الحكومة الامريكية والغرب لهذه الثورات العربية ... بالرغم من تصدر التيارات الاسلامية لهذه الثورات في كل من تونس ومصر وسوريا وليبيا .لقد كانت خيبة الامل الفلسطينية والعربية والاسلامية ومحبي السلام في العالم من خطاب اوباما كبيرة بالرغم من ان الجميع كان يتوقع ذلك من رئيس اكبر دولة في العالم بدأ يتراجع عن وعوده ...الفلسطينيون والمفاوضات لقد اعلن الفلسطينيين رغبتهم بالعودة للمفاوضات السلمية مع اسرائيل , حتى بعد تقديم طلبهم للجمعية العامة للامم المتحدة للاعتراف بفلسطين كدولة عضو في المنظمة الدولية , ولكن الرئيس الفلسطيني اعلن بشكل واضح بان الفلسطينيين لن يعودوا للمفاوضات اذا استمر الاستيطان , كما اعلن ايضا بانه لايوافق على شرط اسرائيل باعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة العبرية .قادة اسرائيل يطلبون العودة للمفاوضات دون شروط مسبقة وهم مستمرون في بناء المستوطنات على الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس , وهم مستمرون ايضا في فرض الحصار والاغلاق على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية , كما انهم يعلنون بان اراضي الضفة الغربية هي اراضي متنازع عليها .لقد فاوض الفلسطينيون 18 عاما من اجل السلام في الشرق الاوسط , واوضحت كافة المنظمات والفصائل الفلسطينية بانها توافق على اقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس الشرقية , بما فيها حركة حماس ... ولكن التعنت الاسرائيلي والرغبة في استمرار اقامة المستوطنات على الاراضي الفلسطينية ... والدعم الامريكي الا متناهي لم يترك امامها سوى التوجه الى المنظمة الدولية لنقل ملف المفاوضات لها والطلب باعتراف الامم المتحدة بالدولة الفلسطينية في حدود العام 1967 , بالضبط كما اعترفت بدولة يهودية على 55% من اراضي فلسطين التاريخية في العام 1947 ( اثناء محادثات مدريد في العام 1993 صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينه " اسحق شامير " بانه سيفاوض الفلسطينيين 20 عاما ولن يحصلوا على شيء ) .اننا نعيش في عالم اصبح لايعترف بالحقوق بقدر اعترافه بالقوة .. اذكر اننا تعلمنا في صغرنا بان : الحق قوة .... ولكن للاسف فان مايجري الآن هو : القوة حق !!خطاب الرئيس الفلسطيني عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهولقد أكد الرئيس الفلسطيني عباس بانه قد قدم بالفعل طلبا للأمين العام للأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطين في حدود العام 1967 كدولة عضو في الامم المتحدة , بالرغم من الضغوطات الهائلة التي مورست عليه من قبل امريكا والغرب واسرائيل , وبالرغم من التهديدات السياسية والابتزازات المالية ضد السلطة الفلسطينية . ان ماقام به الرئيس عباس يعتبر تحولا جذريا في عملية التفاوض حول السلام في الشرق الاوسط , وكانت ردة الفعل الشعبية في فلسطين متطابقة مع ماقامت به القيادة الفلسطينية ماعدا حركة حماس التي رأت بعملية تقديم الطلب للأمم المتحدة مضيعة للوقت وقفزة في الهواء , كما رفضت السماح بالتظاهر للفلسطينيين في غزة لابداء رأيهم حول هذه الخطوة سواء للموافقين اوالرافضين لها .لقد اعلن الرئيس الفلسطيني رغبته بالعودة للمفاوضات , ولكن الرئيس الفلسطيني اصرعلى ضرورة ايقاف البناء في المستوطنات , كما انه رفض الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية , لأن هذا يعني ترحيل 1.5 مليون فلسطيني يحملون الجنسية الاسرائيلية من الدرجة الثانية ويعيشون على اراضيهم وارض اجدادهم .الرئيس الفلسطيني خلال خطابه هدد خلال خطابه بحل السلطة الفلسطينية في حال استمرار امريكا والغرب واسرائيل المماطلة والتوقف عن الدعم السافر والمطلق للجانب الاسرائيلي , كما هدد بالاعلان عن مقاومة سلمية ضد الاحتلال الاسرائيلي للارضي الفلسطينية .اما رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو فقد اصر على موقف حكومته بضرورة العودة للمفاوضات بشرط بحث موضعي الحدود والأمن معا بحجة العداء المتنامي لدولة اسرائيل من الدول العربية حولها وخاصة بعد التغيير الحاصل في هذه الدول , كما اكد على شروط اسرائيل بالعودة للمفاوضات المباشرة بدون شروط مسبقة ( نتانياهو لايعترف باستمرار البناء في المستوطنات عائق امام المفاوضات ) , كما انه يضع شرط الاعتراف بيهودية اسرائيل كشرط مسبق للتفاوض .رئيس الوزراء الاسرائيلي اتهم اعضاء الامم المتحدة بالسير اتوماتيكيا ضد اسرائيل وادعى انه على الفلسطينيين التفاوض مع اسرائيل للاعتراف بدولتهم وليس بالتقدم للامم المتحدة .مبادرة الرباعية الدولية كنتيجة مباشرة للأزمة الناتجة عن توقف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية , فقد اعلنت الرباعية الدولية فور الانتهاء من خطابي الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الاسرائيلي عن مبادرة جديدة قديمة ( كان من المفروض اعلان هذه المبادرة منذ عدة شهور , حيث ضغطت الولاايات المتحدة من اجل عدم انعقاد الرباعية الدولية في 15/4/2011 ) من اجل العودة للمفاوضات المباشرة بن طرفي النزاع , ولكن ضمن مدة زمنية محددة تبدأ خلال 3 شهور لبحث موضوعي الحدود والأمن ( كما تريد اسرائيل ) , ولكنها ايضا لم تذكر حدود العام 1967 ( كما تريد اسرائيل ايضا ) , وعلى ان يتم الانتهاء من المفاوضات خلال ستة شهور ,وقد وافقت الادارة الامريكية على هذه المبادرة فور اعلانها من قبل توني بلير , كما ان الرئيس الفرنس " ساركوزي" اقترح الاعتراف بدولة فلسطين كدولة مراقبة في الامم المتحدة وليس كدولة كاملة العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة كما يري الفلسطينيين , واعتقد ان هذا ماسيحدث لأن امريكا اعلنت علنا انها ستستخدم حق الفيتو الظالم ضد طلب الفلسطينيين , كما انها تقوم حاليا بالضغط على الدول الأعضاء في مجلس الأمن لضمان عدم حصول الطلب الفلسطيني على الأغلبية المطلوبة ( 9 اعضاء ) لرفع الطلب للتصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما يتم بحثه في مجلس الامن للحيلولة من استخدامها لحق الفيتو الظالم خوفا من تاجيج المشاعر العربية والاسلامية ضد امريكا .ماذا بعدان مايجري على الساحة الدولية وخاصة من امريكا والغرب من تجاهل للحقوق الوطنية والانسانية للشعب الفلسطيني ... ومايجري من تغيرات في الدول العربية والدولية لن يستمر الى الابد ... واعتقد ان الشعوب العربية التي قامت بالثورات ضد زعمائها الموالين لامريكا والغرب لن توافق على السياسة الامريكية المنحازة كليا لاسرائيل , وربما هذا مادعا الدول الاوروبية لاتخاذ موقف آخر يتجلى في مبادرة الرئيس الفرنسي ساركوزي واعلان الرباعية الدولية الذي يطالب الفلسطينيين والاسرائيليين باستئناف التفاوض ضمن اجندة واضحة بانهاء التفاوض حول الحدود والامن خلال عام واحد , والاعتراف بدولة فلسطين كدولة مراقبة في الامم المتحدة كمرحلة اولية .فهل نشهد موافقة الطرفين على مبادرة الرباعية الدولية ... وهل نشهد استسلام الفلسطينيين والعرب للسياسة الامريكية والغربية , والتي لن تؤدي الى قيام دولة فلسطينية في المستقبل القريب .. ام ان الشعب الفلسطيني سيرفض هذه السياسة ويثور كما ثارت الشعوب العربية من حوله والتي يتوقعها الرئيس الامريكي نفسه كما جاء في خطابه . وهل يتحد الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية ضد السياسات الامريكية والاوروبية المنحازة كليا مع اسرائيل ضد الفلسطينيين , ام سنشهد رجوعا عن المصالحة الفلسطينية والعودة الى تعميق الانفصال في حال عودة القيادة الفلسطينية للمفاوضات مع اسرائيل !!فهل يقبل العرب والمسلمون ومحبي السلام في العالم باستمرار السياسة الامريكية والغربية المنحازة كليا لاسرائيل , وهل يقبلون استمرار الانقسام الفلسطيني الذي هدد ويهدد امال الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه في اقامة دولته الفلسطينية على جزء من ارضه التاريخية , ليترك هذه العملية للأجيال القادمة !!ان غدا لناظره قريب