خبر : خيار حل السلطة ...د. سفيان ابو زايدة

الأحد 25 سبتمبر 2011 08:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
خيار حل السلطة ...د. سفيان ابو زايدة



الخطابان الذي القاهما كل من الرئيس عباس و رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو عكسا الى حدا كبير  ما وصلت اليه عملية السلام الفلسطينية – الاسرائيلية و التي بدأت قبل حوالي عقدين من الزمان، حيث كان من المفترض ان يتوصل الطرفان الى اتفاق سلام يؤدي الى قيام دولة فلسطينية على حدود العام 67 ، و الى ان تنتهي هذه العملية التفاوضية التي حدد لها سقف زمني حتى نهاية العام 1999 تم انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية وفق صلاحيات محددة في كل ما يتعلق بالسيادة و الحدود و الامن و حتى الاقتصاد.منذ ذلك الحين، و بالتحديد  بعد انهيار عملية السلام في العام 2000 و الذي على اثرها كانت الانتفاضة الثالثة اخذت اسرائيل كل ما تريد من هذه الاتفاقات و لم تبقي منها للفسطينيين سوى الفتات، وفرضت امر واقع و نموذج غريب عجيب ليس له مثيل في تاريخ الصراعات بين الشعوب، عنوان هذا النموذج هو ان يتحمل الشعب الذي يخضع تحت الاحتلال  اعباء الاحتلال و تبعاته.لقد نجحت اسرائيل في تحويل حالة السلطة المؤقته الى حاله مستديمة، بينما هي واصلت نهبها للارض و خلق الوقائع في الميدان في الوقت الذي واصلت فيه  السلطة ظلما تحمل اعباء الشعب الفلسطيني و تحمل اعباء الاحتلال و ممارساته .ولطالما الامر يتعلق بأسرائيل، وهذا اصبح حقيقة لا جدال حولها، لن تسعى الى تغيير ما هو قائم حتى في ظل افلاس سياسي تام. لهذا و على الرغم من كل التهديدات التي تطلق من هنا و هناك على لسان قيادات اسرائيلية الا ان الاتجاه السائد هو عدم الاقدام على اي شيئ من شأنه ان يؤدي الى انهيار السلطة. الاجراءات ربما تهدف الى الضغط على القيادة الفلسطينية هنا و هناك لتغيير مواقفها، لكن دون ان يؤدي ذلك الى انهيارها بشكل كامل.في النقاشات التي دارات بين القيادات الاسرائيلية حول كيفية التعاطي مع السلطة في حال اصرار القيادة الفلسطينية التوجه الى مجلس الامن تم طرح الكثير من الاراء و التي كان  اهمها وقف تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية الى خزينة السلطة و التي تشكل حوالي 40% من الموازنة، كان موقف المؤسسة الامنية في اسرائيل ان خطوة من هذا النوع قد تؤدي الى انهيار السلطة بشكل كامل و بالتالي تم استبعاد هذا الخيار حتى الان على الرغم من استمرار الضغوط  من قبل اليمين الاسرائيلي على تطبيقه.ان اكثر ما يرعب القيادادات الامنية و السياسة في اسرائيل هو هذا السيناريو التي يجد خلاله الاسرائيلي نفسه يتحمل كامل المسؤولية عن احتلاله امام المجتمع الدولي و القانون الدولي.  الى ان توجهت القيادة الفلسطينية الى مجلس الامن و تقدمت بطلب عضوية فلسطين في الامم المتحدة لم تكن التلميحات من قبل بعض القيادات الفلسطينية التي كانت تطلق هنا وهناك تأخذ على محمل الجد. اليوم الامر يبدوا مختلفا تماما  حيث لم يعد هذا الخيار غير عملي او غير واقعي.القناعة الاسرائيلية ، و الى حدا كبير الامريكية ايضا ، ان الشعب الفسطيني الذي لم يعد لديه الصبر و القدرة على تحمل هذا الوضع القائم حيث الاحتلال الاسرائيلي هو المستفيد الاول او المستفيد الاكبر. لذلك و طالما الوضع يتعلق بالاسرائيليين لن يكون هناك خطوات او اجراءات ضد السلطة بسبب توجهها للامم المتحدة. ربما تكون بعض المضايقات من هنا وهناك بهدف   الضغط الهادف الى  اجبار الفلسطينيين للعودة الى طاولة المفاوضات على الطريقة الاسرائيلية التي لم يعد يؤمن بها اي فلسطيني عاقل.خلاصة القول ان اسرائيل غير معنية و في كل الظروف و الاحوال بحل السلطة الفلسطينية ، لانها ببساطة لا تريد تحمل مسؤولية احتلالها. الوضع القائم هو مثالي بالنسبة لها و ستسعى على ادامته طالما كان ذلك ممكنا. الولايات المتحدة التي لوحت قبل التوجه الى مجلس الامن بخطوات عقابية اقتصادية ضد السلطة لن تجرؤا على تنفيذ تهديداتها لان هذا الامر يتناقض مع ما تسعى لتحقيقة من استقرار في المنطقة، خاصة في هذه الحقبة التاريخية التي تشهد تقلبات و ثورات و انتفاضات تهدد بشكل مباشر الهيمنة و الغطرسة الامريكية في المنطقة.القرار بحل السلطة او عدمه هو بالدرجة الاساسية فلسطيني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. القيادة الفلسطينية هي التي ستقرر في المستقبل القريب ما اذا كان استمرار الوضع الحالي في ظل فقدان الثقة بالتوصل الى حل سياسي  هو في مصلحة الفلسطينيين ام لا؟استمرا ر الوضع الحالي دون افق سياسي هو امر بشكل جازم ليس في مصلحة الفلسطينيين و نضالهم العادل من اجل نيل حريتهم و استقلالهم. هذا الوضع الذي تفعل اسرائيل تقريبا كل ما تشاء في الاراضي الفلسطينية ، و يمارس المستوطنون كل ما يريدون من مصادرة للارض و الاعتداء على الاشجار و الممتلكات من اجل تشديد الخناق على الفلسطينيين بهدف تهجيرهم، في الوقت الذي يوفر لهم الجيش الاسرائيلي الحماية الكاملة و احيانا يقف عاجزا عن فعل اي شيئ، وفي نفس الوقت ايضا الذي يقف فيه الشرطي الفلسطيني مكبل اليدين بأتفاقات و امكانيات لا يستطيع من خلالها حتى حماية اسرته او بيته .القيادة الفلسطينية يجب ان تشرك الشعب الفلسطيني بما تفكر به على هذا الصعيد ، لان هذا الامر سيكون له تبعات كبيرة ليس فقط على القضية الفلسطينية و مسار النضال الفلسطيني، بل سيكون له انعكاس مباشر على المستقبل والمسار الشخصي لكل فرد فينا، حيث اصبح الحديث عن هذا الخيار ليس مجرد تلويح فلسطيني خالي من المضمون بهدف تخويف الاسرائيليين و معهم الامريكان و المجتمع الدولي، بل اصبح اليوم خيار واقعي جدا و قد يكون الترجمة العملية لحالة الفراق الفلسطيني الاسرائيلي الامريكي  .هذا لا يعني ان الشعب الفلسطيني عليه ان يختار فقط بين استمرار الوضع الحالي و بين خيار حل السلطة، من المفترض ان هناك خيارات و بدائل اخرى يتم دراستها ، اهمها بلا شك استكمال خطوات المصالحة التي يجب ان تتوج بأجراءات بناء الثقة على الارض و تشكيل حكومة انتقالية الى حين اجراء الانتخابات الرئاسية و التشريعية. هذا الخيار بالضرورة و في ظل هذه الاجواء السياسية القاتمة سيرتطم بصخرة المعارضة الاسرائيلية لمشروع المصالحة .الخيار الاخر هو استمرار و تصعيد النضال الفلسطيني السلمي الذي يحرج الاحتلال اكثر من اي شيئ آخر، هذا الامر لا يتناقض بالمطلق لا مع فكرة حل السلطة اذا ما تم اتخاذ قرار بهذا الاتجاه ، و كذلك لا يتناقض مع مشروع المصالحة التي بدونها لن تكون لنا دولة ، و بدونها تبقى كرامتنا الشخصية و الوطنية منقوصة.