السلام عليكم من أرض الكفاح الدبلوماسي والعمل السياسي، تحياتي لكم من واشنطن التي تصنع سياسات العالم وتضع آفاق المستقبل للشعوب كافة دون استثناء، المهم من غير خطابات رنانة، أكيد الكل حامل حملة أميركا "راس الحية" مثل ما البعض بسميها. والكل بلوم أميركا على اللي بتعملوا فينا إحنا الفلسطينيين بشكل خاص والعرب بشكل عام. الكثير الكثير من الكتاب والمثقفين والمحللين السياسيين بحكي عن دور أميركا المنحاز لإسرائيل ودورها الاستعماري والإمبريالي في المنطقة، وكثير من المؤتمرات والندوات اللي حضرتها بتتحدث عن هذا الموضوع من أيام وأنا طالب في جامعة بيرزيت، وعن دور اللوبي الصهيوني الذي يؤثر على السياسات والانتخابات الأميركية. أنا هون بدّعي وادعائي مش شرط صحيح لكن محاولة للتفكير معاك عزيزي القارئ، ادعائي إنه إحنا راس الحية ومش أميركا... كيف؟ راح أشرح كيف؟!أولاً: احنا بنجهل التركيبة المجتمعية بكل مجالاتها للمجتمع الأميركي، هذا المجتمع بكلمة واحدة ممكن أن أصفه بأنه مجتمع مهاجر، الفرد محور بناء المجتمع وليس المجتمع محور بناء الفرد، وهون مربط الفرس، هل اخترقنا الفرد كي نصل الى المجتمع؟! ما هي مصلحة المهاجر في دعم قضيتنا الفلسطينية والعربية؟!ثانياً: دائماً كنت أسمع أين دور مسلمين وعرب أميركا من قضيتنا، المسلمين والعرب ومختلف التكوينات العرقية والإثنية في أميركا يتم التعامل معها بمسطرة واحدة بأشكال تتلاءم مع ثقافتها بالدرجة الأولى، لك الحق في عمل ما تريد ضمن القانون، وهنا علينا طرح السؤال: بأنه إذا لم تعمل ما تريد فلا تنتظر من الآخرين عمل ما تريد، المعادلة واضحة الحقوق والحريات متساوية والساحة مفتوحة لمن يريد أن يعمل، وكل ما عملت كل ما زاد الإنتاج، وكل ما زاد الإنتاج زاد النفوذ والقوة والسيطرة والتحكم. وتنتقل من العمل الخاص الى العمل العام، يعني ممكن أصف النظام بأنه ليس فقط نظام رأسمالي من الناحية الاقتصادية وإنما أيضاً من الناحية السياسية، فما هو الخلل بعدم عمل ما يريده العرب والمسلمين في الساحة الأميركية؟! بدي أشوف عضل فكري وعمل عربي فلسطيني، مش بالدعاء راح تهزم أميركا وانت قاعد توكل منسف وبتتفلسف!! ثالثاً: إن كنت قوي "عربي، فلسطيني، مسلم" وتمتلك مفاتيح عمل، فلماذا لا يتم استخدامها في الوقت والزمن الصحيح والمناسب؟؟ إذن راس الحية يكبر بتغذية الحية ككل، ومن يطعم الحية لا مبرر له بالخوف من الحية!! واللي بخاف اللعب مع الحية يجب أن يدرس عالمها بشكل جيد حتى يتقن كيفية التعامل معها، معادلة واضحة وما بدها بهرجة.رابعاً: ان لم تتقدم تتقادم، واضحة الأمور، الكل يبني بطريقة تسابق الزمن وأميركا تبني لذاتها وليس لذات الأخلاق الفلسطينية ولا لأطفالنا في غزة ولا للعجوز الصامد في مخيم عين الحلوة، ونحن الفلسطينيين والعرب ما زلنا نغرق في قضايا لم تعد صالحة لهذا الزمن ( فتحاوي ولا حمساوي/ سني ولا شيعي/ مسلم ولا مسيحي/ أهلي ولا زملكاوي/ وحدات ولا فيصلي/ موالي ولا معارض...الخ)، ومن يغرق لأي سبب كان في هذه القضايا، ويكون عرضة في مواجهة من هو أقوى منه، لا مبرر له في البكاء وشتم الغير والدعاء عليه في الجوامع والخطابات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، علينا العمل قبل الكلام، علينا البناء، هذه القوى لن ترحم الضعيف، والله لن يسمع ممن لا يعمل مهما كان صوته عالي وطاهر، فالعمل هو أساس النجاح لأي قضية كانت. الأنبياء جميعاً دون استثناء عملوا لرسالتهم السماوية ولم يكتفوا بالدعاء والخطابات.خامساً: هناك مثل تعلمته مؤخراً في أميركا وهو من إرث جماعة "الكاوبوي" يقول" العجل الذي يخرج صوت يحصل على الزيت"احنا طلعنا صوت بأنواعه المختلفة" بكاء وعويل وتهديدات، بس ما طلعلنا زيت، بالعكس بوخذوا زيتنا ونفطنا وما بتم التعامل معنا بالطريقة الصح، السبب واضح؟! اذا اعرفنا كيف ومتى ولماذا انطلع الصوت؟ ومع مين انطلع الصوت بكون أفضل، اذا اعرفنا انه صوتنا لازم يعتمد على خطوات عملية متتابعة وربط صوتنا بمصالح غيرنا، وتطويع الحية لصالحنا، فممكن أعرف شو بنستنى؟!سادساً: لازم نوخد في عين الاعتبار أن المواطن الأميركي، لا يكترث في السياسة الخارجية الأميركية بالتصويت في الانتخابات بأنواعها المختلفة، لديه من ثقل الحياة اليومية "الاجتماعية والاقتصادية" ما يجعله يركض في معترك الحياة، هل تعلموا أنه في نيويورك واحد من كل خمسة فقير، وبشكل عام اثنين من كل عشرة فقراء. يعني مصالح أميركا الخارجية راح تكون الأهم في تحديد سياستها، رغم كل تصريحاتها الناعمة، فالأفعال هي المقياس الحقيقي لتوجه السياسة الخارجية ولا يمكن الأخذ بالأقوال فقط!! في النهاية إحنا يا جماعة راس الحية. Mehdawi78@yahoo.com