خبر : حرب الاستقلال العباسيّة يوم سقوط باراك أوباما ... حسين حجازي

السبت 24 سبتمبر 2011 03:49 م / بتوقيت القدس +2GMT
حرب الاستقلال العباسيّة يوم سقوط باراك أوباما ... حسين حجازي



حرب الفرقان خاصية عرفات، كانت في مفاوضات كامب ديفيد. لم يعد ممكناً مواصلة التفاوض من هنا، وإذن إلى القتال سر. انتفاضة حرب الاستقلال، هكذا أسموها. انتهت الحرب بدفع عرفات رأسه ثمناً لجسارته، لكنه مات واقفاً. الفصل الثاني من حرب الفرقان، بدا للتو في ساحة الأمم المتحدة، الرجل الذي وصف بالضعيف، خليفة عرفات الذي آمن طوال الوقت بالقوة الناعمة، كما الاستقامة السياسية في مواجهة عالم لا يحترم الضعفاء ولا يعتد بالاستقامة، نجح في حشر أميركا القوية غير الأخلاقية، أو المستقيمة في الزاوية، أمسك بها عارية، وتمكن من تسديد الضربة إليها من تحت الحزام، ربما تكون أشبه بالقاضية لدورها في الشرق. لقد سار وراء الرجل الكذاب والرجال الكاذبين حتى باب الدار، النهاية كما يقولون. وها قد حان وقت تسديد الحساب. لقد استطاع أن يحول الدورة العمومية الـ 66 إلى أن تكون دورة دولة فلسطين الرقم 194 بامتياز. وبعد الآن إلقاء السهم، لن يعود الوضع إلى ما كان عليه. فإما النصر وإما الشهادة. هذه نقطة فاصلة، نقطة وأول سطر جديد، فما عاد ممكناً مواصلة الوضع القديم، وهذه لحظة فراق مع الوهم العظيم. إدامة الوهم بالتفاوض مائة عام. هذه كانت معركة دبلوماسية من الطراز الرفيع. توجيه الضربة القاضية المميتة للخصم بعد إنهاك قواه، إذابته، وكشف الحجاب السحري عن وجه باراك أوباما. الذي ظهر على الملأ، بوصفه الرجل الكذاب. ماذا كلفتنا هذه المعركة التي هي استكمال لحرب استقلال عرفات دون إطلاق ولو طلقة واحدة. خوض مائة معركة حربية دون قتال، هكذا تحدث (صن تزو) عن القادة المهرة. وفي زمن الربيع كأنما التاريخ العربي يعيد نفسه، غداة حرب تشرين العام 1973 نحن في الأمم المتحدة بعد قطع النفط، العام 1974 المغفور له الملك فيصل آل سعود والرئيس الجزائري هواري بومدين وإصدار القرار الشهير عن الأمم المتحدة باعتبار الصهيونية أيديولوجية عنصرية. وعرفات نفسه قائد الفدائيين في الأمم المتحدة. أول حركة تحرر عالمية عضو مراقب. قالت إسرائيل وأميركا لن ندعهم يفعلونها مرة ثانية. بعد أربعين عاماً المنظمة دولة، دون أن تقدر أميركا وإسرائيل المعزولتين مرة ثانية على منع الولادة قتل الوليد الجديد. قال نيكولا ساركوزي دولة عضو مراقب لسنة أخرى، وصولاً للدولة الكاملة. لقد حدث هنا التفكك، الاختراق الكبير، الاختراق الأوروبي للإستراتيجية القديمة والفاشلة التي اتبعتها الإمبراطورية. لن يكون ممكناً بعد الآن الفرقان الجديد، قبول لعب دور في الهوامش التي تحددها الإمبراطورية، وفق قواعدها. قواعد اللعبة التي ترسمها. من هذه الزاوية، تجدر فقط قراءة خطاب ساركوزي، وهو خرق للإستراتيجية ولقواعد اللعبة، له ما بعده. فهل يمكن يا باراك أوباما معانقة الثوار الليبيين، والتونسيين والذهاب إلى ميدان التحرير في القاهرة، وإنكار هذا الحق بالتحرر والحرية والخلاص على الفلسطينيين؟. اختار أوباما أن يلعب لمصلحة نفسه، مصلحته الانتخابية بشراء الصوت اليهودي، وربما سيكتب التاريخ هنا عند هذه اللحظة الفارقة سطراً، حينما اختار أوباما النفاق السياسي والنكوص عن وعوده كان بذلك يسدد السهم القاتل لإخراج أميركا من الحلبة، وإنهاء دورها. كقوة عظمى لها مصداقية وأخلاقية.وقد كان المشهد الآخر الموازي وراء الأبواب المغلقة في المقاطعة كريهاً، ولا يخلو من فظاعة. هدد دينس روس الرئيس أبو مازن كما لو أن الأمر يحدث بأحد مشاهد أفلام المافيا، وليس بلغة رجل دبلوماسي واستخدم العبارات والجمل نفسها التي يتبادلها زعماء عصابات المافيا، عن الانعكاسات "غير المقصودة". لطالما تأملت منذ سنين بعيدة خلت في الملامح الشخصية لهذا الرجل، حين كنت ألمحه أحياناً في مقر عرفات، أو وزارة الخارجية، بقامته النحيلة، ممسكاً طوال الوقت بحقيبة جلدية تبدو هي الأخرى صورة عن حاملها شبه فارغة، مبيناً وكاشفاً عن ابتسامة متكلفة، كالحة، تظهر فماً كبيراً، كمن يتهيأ للانقضاض على شيء، لبرهة في انطباق الفم الواسع والكبير، يبدو في وضع أشبه ما يكون بشخص يشتم رائحة فضلاته، على نحو يثير التقزز والاشمئزاز. كان عرفات الأريب والفطين يضيق ذرعاً من مناوراته كما يسخر أحياناً من محاولته التذاكي على الرجل العجوز، الذي كانت موهبته القدرة على "تنخيل" الرجال، كان امتيازه الذكاء وهكذا كان هو روس الممسك بملف التفاوض طيلة العشرين عاماً، حاول الغبي اختبار حزم وعزم أبو مازن وقوته النفسية إلى هذا الحد، النزول والانحدار، بدبلوماسية الإمبراطورية الهر هذا المنحدر، إلى لغة الشبيحة والبلطجية، والتماثل مع رجال عصابات المافيا ورطانتهم. وقد كان هذا هو الفشل بعينه. لكن أغرب ما في قصتنا هو عدم قدرة، حركة كبيرة مثل حماس، على استنباط وتحليل واتخاذ الموقف الصحيح، فهذه يا حماس أيضاً حرب فرقان ولكن سياسية، لا تقل ضراوةً وتأثيراً عن حربكم العسكرية، فكيف لم تنظروا إلى هذه المعركة بوصفها معركة حربية حقيقية وحاسمة يجب خوضها متحدين. وحيث اللعبة وأدوار الممثلين المشاركين فيها، أهدافهم وشخوصهم واضحة إلى هذا الحد الفاقع، كأنما تدور اللعبة تحت شمس كاشفة، وحيث العالم ينقسم إلى معسكرين، فسطاطين من مع ومن ضد؟ والأمر لا يعدو في فقه الواقع اختلاط الحق بالباطل، اختلاط الرؤى الأبيض بالأسود. يكاد العدو والإمبراطورية، يدقان رأسيهما في الجدار غيظاً، يدفعان بكل ما أوتيا من سلاح وقوة، لتحطيم عزم الرجل، بالتهديد العلني والمبطن وبمكر الليل والنهار، والضغوط على الأمم والدول، أفلا يكفي ذلك لتصويب الاتجاه. وألا تكون بثقلها وموقفها خارج الإجماع الفلسطيني في مواجهة هذه الضغوط.إنه لشيء مؤسف وغير مقبول إخراج غزة يا إخوان من أن تكون في قلب وصلب هذا الخفقان العظيم الشعبي العاطفي الجميل، جنباً إلى جنب مع رام الله ونابلس والخليل كما ميادين التحرير العربية، في هذا العرس الاحتفالي، عرس ولادة فلسطين. وما كان هذا تقديراً صحيحاً للأمور فقد تم تسديد الضربة للعدو وهو آيل اليوم أكثر من أي وقت للسقوط، وأن غزة لا يمكنها أن تكون على هامش أو بمعزل عن التعبير الحر والفرح بهذا الانتصار. فالسياسة هنا أيضاً الحنكة والمسؤولية، تقاس بمدى قدرتها، تماهيها مع المزاج الوطني والشعبي العام