خبر : فاجأني شعبي.. و"فاجأتني حماس"! ...حسن البطل

الخميس 22 سبتمبر 2011 10:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT
فاجأني شعبي.. و"فاجأتني حماس"! ...حسن البطل



تلقيت، في بحر أسبوع، مفاجأتين: الأولى، أمس، من شعبي (وأدري أن هذه الجمهرة العظيمة، غير المسبوقة نصفها حشد والآخر تحشيد، خاصة لطلاب المدارس). المفاجأة الثانية سلبية، للأسف، وجاءت من حركة "حماس" قبل يومين من المفاجأة الإيجابية الشعبية.الحشد (والتحشيد إن شئتم) أمس، غير مسبوق منذ تأسيس السلطة الوطنية، وإن ذكرني، قليلاً، بحشد (بلا تحشيد) في يوبيل النكبة الوبيل العام 1998، حيث وقف عرفات ودرويش على منصة تحت شجيرات النخيل الست، في ساحة المنارة، ويحتلها حالياً مجسم كبير جداً لمقعد "فلسطين تستحق".خلينا على وقع المفاجأة الأولى، لأن لها معانيَ معينةً، منها أن الانتفاضة الأولى 1987، كانت عفوية، وكانت بمبادرة شعبية، لم تكن في بال إسرائيل أبداً، شرارة أنتجت حريقاً. أذكر كيف دُفع رئيس أركانهم، آنذاك، دان شمرون للقول: 15 سنة أخرى انتفاضة.. ولن يكون لإسرائيل جيش (أي سيتعب أولاً ويتفكك). الانتفاضة الثانية لم تكن عفوية تماماً. أرادتها السلطة لسبب وأرادتها إسرائيل لسبب آخر. السلطة أرادتها نوعاً من "انتفاضة النفق 1996" على أن تكون لمدة سنة وليس لمدة أسبوعين.. لكن، إسرائيل المستعدة جرّتها، بعد أسبوعين - ثلاثة، إلى العنف، بدءاً بمقتل جنديين إسرائيليين في مخفر البيرة.. وهذا بعد سقوط 64 قتيلاً فلسطينياً مقابل لا شيء في صفوف الإسرائيليين.انتكاسة الانتفاضة الثانية، ميدانياً، كانت في الإسراف بالعمليات الانتحارية، وسياسياً باستغلال إسرائيل "ضربة نيويورك" وعملية انتحارية قاسية.. ومن ثم حسمت إسرائيل الانتفاضة عسكرياً لصالحها، باجتياح نيسان، الذي ما زلنا نعاني من ذيوله (قضية العودة إلى خطوط 28 أيلول).والثالثة؟ هي هذه الانتفاضة السياسية المدروسة، حيث يعترف الإسرائيليون أن زمام المبادرة فيها بيد الفلسطينيين كلية تقريباً. السلطة استعدت دبلوماسياً وسياسياً وشعبياً، وإسرائيل استعدت أمنياً وعسكرياً.. لكن سيناريوهاتها لتطور الانتفاضة إلى عنف ذهبت أدراج الرياح (حتى هذه اللحظة).الفلسطينيون يعرفون أن إسرائيل جادة وجدية في التهديد الأمني، لكن في باقي التهديدات الاقتصادية، والسياسية والقانونية.. فهي مثل الكلب الذي يعوي ولا يعض!علينا ألا نقلل أبداً من دافعية التعبئة الشعبية الناجحة، التي تجسدت في قضية "الكرسي الطائر" وكذا في عبارة: "دولة فلسطين 194" وأيضاً، من ذكاء القيادة المزدوج: في إبقاء نافذة على مفاوضات مباشرة بشروط عادلة، ما جرّ إلى "حمى مشاريع" توفيقية مستمرة حتى ما بعد خطاب الرئيس أمام الجمعية العامة، وأيضاً الحد الثاني في القاطع من سلاح الموقف، أي من العناد الفلسطيني الشهير (ونحن أكثر شعوب الأرض عناداً كما هو معروف).الفارق بين الدورة الـ 66 للجمعية العامة، وبين مؤتمر كامب ديفيد 2000، غير أن العناد الفلسطيني هو ذاته، يكمن في أن عرفات ذهب إلى الكامب إياه مجبراً ومجروراً تقريباً، ليفاوض من موقع اللا متكافئ حلفاً بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي.الحلف المذموم هو كما هو، ولأسباب إستراتيجية وتكتيكية معاً، لكن هذا هو "ثأر عباس" العنيد لما جرى في كامب ديفيد 2000 آنذاك استفردوا بنا.. والآن، نراهم محشورين، سواء في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة.ليست الدولة في الجيب، أياً كان قرار الجمعية (على الأغلب دولة - غير عضو) لكنها ليست في الغيب، لأن القرار الدولي سيكون ورقة في يد المفاوض الفلسطيني في شروط تفاوض أكثر ملاءمة.. وليست تحت احتكار الولايات المتحدة أبداً.مستعدون لأيلول، ومستعدون لما بعد أيلول أيضاً، شرط ألا تنجرف التعبئة الشعبية الناجحة إلى فخ العنف.. ومن كل ثورات "الربيع العربي" فإن الحملة السياسية الفلسطينية هي الأكثر نجاحاً، والأقل مخاطرات سلبية.بالنسبة لحماس، فقد خيّبت آخر آمالي بها كفصيل وطني، لم يلتزم بفضيلة الصمت، بل أظهرت نكراناً للجميل لأن الحوار معها قبل قرار التوجه للجمعية العامة، هو السلاح الوحيد في يد إسرائيل تقريباً.لا نذهب إلى حرب مع عبر حرب سبقتها.. وهذا ما فعله العقل السياسي الفلسطيني.