خبر : استحقاق أيلول: ترتيبات اللحظة الأخيرة! ...هاني حبيب

الأربعاء 14 سبتمبر 2011 08:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT
استحقاق أيلول: ترتيبات اللحظة الأخيرة! ...هاني حبيب



حشدت القيادة الفلسطينية خلال الأيام القليلة الماضية كل جهودها نحو التأكيد على التوجه إلى المنظمة الدولية، لنيل عضوية فلسطين فيها، اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي عقدت أكثر من اجتماع بهذا الشأن، خرجت مؤخراً لتؤكد في بيانها على هذا التوجه. الرئيس أبو مازن، أشار بدوره الى أن الطلب الفلسطيني لقبول فلسطين عضواً في "الجمعية العامة" أصبح جاهزاً وأنه سيسلم الطلب شخصياً إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وقد وضعت "الجمعية العامة" بين قوسين في حديث أبو مازن للإشارة إلى أن صلاحية الجمعية العامة تقتصر على الاعتراف وليس لها شأن بالعضوية في المنظمة الدولية، الذي هو من شأن مجلس الأمن، ويبدو لي أن الخلط المستمر بين "الاعتراف" و"العضوية"، ليس جهلاً من المسؤولين الفلسطينيين بالفرق بين الأمرين، بقدر ما هو شكل من أشكال المرونة السياسية على ضوء الضغوط الهائلة التي يتعرض لها خيار فلسطين بالتوجه إلى المنظمة الدولية.وقد توقفت فعلاً عند تصريح لسفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، خلال لقائه مع الصحافيين في نيويورك قبل ثلاثة أيام، أشار فيه إلى أن "الفلسطينيين قد يعلنون موقفهم حيال الطريق الذي سيسلكونه بين مجلس الأمن أو تصويت في الجمعية العامة للاعتراف بدولتهم، وقد تتخذ القيادة الفلسطينية هذا القرار يوم الاثنين، (أول من أمس) "تحديد الموعد هذا جاء على الغالب مع اجتماع لجنة المتابعة المنبثقة عن الجامعة العربية في القاهرة، والتي اجتمعت من دون أن يصدر عنها أي جديد بخصوص التوجه الفلسطيني نحو المنظمة الدولية، إلا أن ما استوقفني ليس فقط قوله عن تحديد خيار من خيارين: الجمعية العامة أو "مجلس الأمن"، بل أيضاً، إشارته التي يمكن تفسيرها بشكل مختلف، إذ قال إن "المرور بمجلس الأمن الذي يسمح لهم بأن يصبحوا دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة سوف يصطدم بـ "الفيتو" الأميركي، إلاّ أن طريق الجمعية العامة، مع تصويت بالأغلبية العادية سوف يعطي الفلسطينيين وضعاً متقدماً نسبة إلى وضعهم الحالي "صفة مراقب". ويمكن استشعار أن سفيرنا لدى المنظمة الدولية يرجح ويفضل، عدم التوجه إلى مجلس الأمن، لنيل العضوية الكاملة، بل التوجه إلى الجمعية العامة لنيل وضع "بلد مراقب غير عضو في الأمم المتحدة".وقد سربت وسائل الإعلام المختلفة، أن الفلسطينيين ليس لديهم أي قرار نهائي حول خياراتهم هذه، الصحافة الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين أوروبيين أن الفلسطينيين لن يذهبوا إلى مجلس الأمن، وسيكتفون بالذهاب للجمعية العامة. الصحافة القطرية نقلت عن مسؤول قطري أن الفلسطينيين ليس لديهم قرار بالتوجه إلى مجلس الأمن لتفادي "الفيتو" الأميركي. التأكيدات الفلسطينية المتوالية التي تتحدث في الغالب عن الأمم المتحدة، وأحياناً الجمعية العامة، وبعض الأحيان مجلس الأمن، تشير إلى أن الفلسطينيين سيتعاطون مع الأمر بشكل واقعي وعلى أرض الأمم المتحدة، خاصة أن الدول الأوروبية الرئيسة، برغم تأكيداتها على خيار المفاوضات، لا تزال مواقفها غامضة إزاء موقفها من دعم الخيار الفلسطيني في مجلس الأمن.بعض الحقوقيين الخبراء في القانون الدولي، أشاروا إلى نقطة مهمة، وهي أنه في حال توجه الفلسطينيين إلى مجلس الأمن لنيل العضوية، ستبدأ مشاورات مستفيضة لتنقيح وتعديل وصياغة مشروع القرار، وسيظل هذا المشروع ينتقل من دولة إلى أخرى، خاصة بين التيارين المتناقضين، سيأخذ ذلك وقتاً طويلاً متعمداً، لتأجيل الاتفاق على مشروع القرار، وتعطيله، بما يوفر على الولايات المتحدة استخدام حق النقض، ويوفر على الفلسطينيين عذراً بأنهم توجهوا إلى مجلس الأمن، لكن لم يحدث أن تم التعامل مع خيارهم، وهناك إشارة أكثر وضوحاً جاءت هذه المرة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عندما أيد قيام دولة فلسطينية التي كان يجب أن تقوم منذ فترة طويلة، "إلاّ أن ذلك يتوقف على أعضاء مجلس الأمن".الولايات المتحدة، تعتبر التوجه الفلسطيني إلى المنظمة الدولية انحرافا عن المسار، كما يقول الرئيس أوباما، الذي "لحس" تعهده قبل عام بالضبط وأثناء الدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما أعرب عن رغبته وأمله في أن يشهد اجتماع الجمعية العامة العام المقبل "هذا العام ـ الدورة 66" ولادة دولة فلسطين، وعندما حان وقت هذه الولادة، يقول أوباما إن هذا يشكل انحرافاً فلسطينياً عن "المسار" أي مسار السلام في الشرق الأوسط، صاحب هذا الوعد والتعهد، هو الذي أشار أكثر من أي رئيس أميركي آخر إلى ضرورة قيام دولتين، إسرائيل وفلسطين، ومع ذلك، هو الرئيس الأكثر من بين رؤساء أميركا الذين نكثوا بتعهداتهم الفلسطينية.والولايات المتحدة، وبدلاً من أن تهيئ جدياً لاستئناف العملية التفاوضية من خلال الضغط على إسرائيل التي تعرقل هذا الاستئناف، وهو ما يمكن أن يثني الفلسطينيين عن التوجه إلى المنظمة الدولية، فإن واشنطن تحاول بكل قوة الضغط على الجانب الفلسطيني كي يوقف مسيرته نحو الأمم المتحدة، من دون أن تتوجه بالحد الأدنى من الضغوط على إسرائيل لتوفير البديل عن هذا الخيار، وهو المفاوضات من دون استيطان، وفي هذا السبيل، أرسلت إدارة أوباما قبل أسبوع مبعوثيها إلى الشرق الأوسط، ديفيد هيل ودنيس روس، من دون أن ينجحا في إقناع أبو مازن بالعدول عن التوجه إلى الأمم المتحدة، كونهما لم يقدما أية أفكار جديدة يمكن معها استئناف المفاوضات، وهما، هيل وروس، سيعودان ثانية هذا الأسبوع، للهدف نفسه، وإذا لم يحملا جديداً، خاصة فيما يتعلق بوقف العملية الاستيطانية، فإن التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة يصبح أمراً لا يمكن العودة عنه.والمثير في هذا السياق، أن إدارة أوباما، التي اعتمدت الضغط المالي بالتوازي مع الضغط السياسي على القيادة الفلسطينية، فإنها تدرس في تداعيات حصول فلسطين على "بلد مراقب غير عضو" في الأمم المتحدة، إذ إن أي إجراءات عقابية بهذا الصدد، قد تلغي إنجازات مهمة وفرت للإسرائيليين شروطاً أمنية أفضل، إذا ما انهارت المنظومة الأمنية الفلسطينية بفعل هذه الإجراءات، الأمر الذي يحيل إدارة أوباما، ومعها الحكومة الإسرائيلية، أعجز من أن تتخذ إجراءات صارمة خشية من نتائج هذه الإجراءات على أمن الدولة العبرية.وما يثير التساؤل، هو الموقف العربي ومدى دعمه للتوجه الفلسطيني، فإلى الآن نشهد دعماً كلامياً وربما دبلوماسياً لهذا التوجه، وهذا الدعم كما هو معروف، لا يوفر دعماً حقيقياً للتوجه الفلسطيني، إذا لم تتوفر أدوات يمكن من خلالها الرد على التهديدات والضغوط ذات الصفة المالية، الأميركية تحديداً، إذ لم يوفر العرب رداً على هذه الضغوط، ما يفتح المجال واسعاً أمام تساؤل مثير، فيما إذا كانت المنظومة العربية تقف حقيقة وراء دعم التوجه الفلسطيني إلى المنظمة الدولية.. أم لا؟!Hanihabib272@hotmail.com