خبر : لا مجال للحياد في معركة استحقاق الدولة الفلسطينية..إبراهيم أبراش

السبت 10 سبتمبر 2011 02:53 م / بتوقيت القدس +2GMT
لا مجال للحياد في معركة استحقاق الدولة الفلسطينية..إبراهيم أبراش



قرار القيادة الفلسطينية الذهاب للأمم المتحدة للحصول على اعتراف بفلسطين دولة أمر على درجة من الأهمية والخطورة ويجب تجنيبه المهاترات والمناكفات السياسية الداخلية ،فالقرار الذي  سيصدر عن المنتظم الدولي سواء في أيلول أو بعده لا يخص الرئيس الفلسطيني وحده ولا حركة فتح ومنظمة التحرير ،بل يمس الحقوق السياسية لمجمل الشعب الفلسطيني وسيشكل مرجعية للحراك السياسي القادم سواء كان عودة لطاولة المفاوضات أو دعوة لمؤتمر دولي للسلام،وإن كان علينا في نفس الوقت عدم المراهنة كثيرا أو رفع سقف التوقعات فالشرعية الدولية لن تقدم لنا الدولة على طبق من ذهب . العودة للشرعية الدولية ليس خطأ بل تصحيح لخطأ بدأ عندما تم توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 بعيدا عن الشرعية الدولية وبعد مفاوضات سرية لم تشارك فيها الأمم المتحدة،ولو كانت اتفاقية أوسلو ومجمل عملية التسوية تحت إشراف الأمم المتحدة لما آلت الأمور إلى ما هي عليه ،كما أنه أمر كان يجب أن يحدث في مايو 1999 عندما انتهت المرحلة الانتقالية لاتفاقية أوسلو.آنذاك كان الراحل أبو عمار مصمما على إعلان قيام الدولة وإلغاء السلطة واتفاقات أوسلو ووضع العالم أمام مسؤولياته بعد أن أعطى للتسوية والمفاوضات فرصة كافية واكتشف المماطلة الإسرائيلية،  إلا أن ضغوطا دولية وعربية مورست عليه وخصوصا من مصر حسني مبارك الأمر الذي دفعه للتراجع ،واليوم يُعيد الرئيس أبو مازن القضية للشرعية الدولية ما دام العالم كله بات يُقر بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وحقه في دولة مستقلة وبعد أن وصلت المفاوضات لطريق مسدود باعتراف واشنطن نفسها راعية عملية التسوية. نقطة الضعف في العودة للشرعية الدولية اليوم تكمن في كونها جاءت بعد فشل المفاوضات التي شكلت تغطية لممارسات استيطانية صهيونية خلقت أمرا واقعا يُصَعِب من قيام دولة فلسطينية مستقلة على مجمل الضفة وغزة وعاصمتها القدس الشرقية ،كما أنه جاء بعد فشل نهج المقاومة المسلحة الفصائلية ،كما انه جاء في ظل انقسام فلسطيني غير مسبوق.إلا أن هذه العوامل السلبية أو المعيقة للدبلوماسية الفلسطينية يقابلها ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه ومأزق الحكومة الإسرائيلية وحالة التأييد والتعاطف الشعبي العالمي مع الشعب الفلسطيني، والحالة الثورية العربية التي باتت تحاصر الكيان الصهيوني وما يجري في مصر نموذجا لها بالرغم من كل التخوفات من القوى المضادة التي تحاول ان تحرف الثورات الشعبية عن مسارها. لكل ما سبق ولأن القضية الفلسطينية ستكون غالبا مطروحة على جدول اجتماعات مجلس الأمن والجمعية العامة في أيلول ،فعلى الفلسطينيين حسن إدارة هذا الملف الخطير واضعين نصب أعينهم المصلحة الوطنية الإستراتيجية وليس الحسابات الضيقة للأحزاب.مع كل التخوفات من كيفية إدارة هذا الملف الخطير وبالرغم من كل التحفظات والانتقادات التي يمكن توجيهها للسلطة ولمنظمة التحرير ،إلا أن تصميم القيادة الفلسطينية على الذهاب للأمم المتحدة يضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية ولن يغفر التاريخ والشعب لأحد تهربه من استحقاق الدولة حتى وإن كان هذا الاستحقاق يدخل في باب إنقاذ ما يمكن إنقاذه ،مع تأكيدنا على أن تثبيت فلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة يستحق كل دعم وتأييد. كتبنا وكتب كثيرون محذرين من أن يكون يؤول الحراك الفلسطيني في الأمم المتحدة بشان الاعتراف بفلسطين عضو في المنظمة الدولية  لمجرد قرار على ورق في مقابل أن يتم إسقاط حق العودة أو التأثير على الصفة التمثيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا لكل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات أو أن ينقص القرار أو يلغي حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة في حالة عدم التزام إسرائيل بالانسحاب من أراضي الدولة الموعودة.إلا أن كل هذه التخوفات لا تأتي من باب التشكيك باستحقاق الدولة بل من باب التنويه لخطورة الحدث والتحذير من هجوم دبلوماسي أمريكي وإسرائيلي مضاد لتفريغ مشروع القرار الفلسطيني من مضمونه .هذه التخوفات والمحاذير يجب أن تشكل دافعا وسببا إضافيا للالتفاف حول الحراك الدبلوماسي الذي يقوده الرئيس أبو مازن لتقوية موقف الرئيس والشعب الفلسطيني في المحافل الدولية ولضمان عدم المساس بثوابت الشعب الفلسطيني في أي قرار يصدر عن المنتظم الدولي. الموقف المتحفظ والحذر بل والمشكك أحيانا لحركة حماس وغيرها من القوى السياسية اليسارية لم يعد مفهوما أو مقبولا ،فقد اعترفت هذه القوى بأن الهدف الوطني الفلسطيني محل التوافق اليوم هو الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس  وحق عودة اللاجئين وهذه القوى باتت تعترف بالشرعية الدولية وبأهمية العمل الدبلوماسي ،كما أنها وخصوصا حركة حماس أوقفت المقاومة المسلحة من خلال التزامها بالتهدئة وقررت منح السلام فرصة أخرى كما ذكر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ... فلماذا هذا الحذر والتشكيك بالحراك الدبلوماسي للرئيس أبو مازن لتثبيت فلسطين دولة ؟وهل دولة غزة أكثر أهمية من دولة في الضفة وغزة عاصمتها القدس ؟ .مشاركة كل القوى السياسية في معركة استحقاق الدولية مصلحة وطنية سواء لتثبيت الاعتراف الدولي بدولة فلسطين أو لضمان عدم الانزلاق نحو قرار دولي جديد ينقص من الحقوق الوطنية. لا يقبل اليوم أن تقف قوى سياسية فلسطينية موقف المتفرج على معركة استحقاق الدولة وخصوصا أنها لم تعد  تمارس اليوم  أي شكل من أشكال النضال لا السياسي ولا العسكري ،و لأن ما سيصدر عن الشرعية الدولية سواء كان مكسبا أو خسارة لن يكون مكسبا أو خسارة لأبو مازن ومنظمة التحرير بل مكسبا أو خسارة لكل الشعب الفلسطيني . ‏10‏/09‏/2011 Ibrahemibrach1@gmail.com