خبر : الثورات العربية وحسابات الربح والخسارة فلسطينيا.. د. أبراهيم ابراش

الثلاثاء 31 مايو 2011 07:51 م / بتوقيت القدس +2GMT
الثورات العربية وحسابات الربح والخسارة فلسطينيا.. د. أبراهيم ابراش



من حيث المبدأ وحتى لا يؤخذ العنوان على غير مقصده فإن كل ما فيه مصلحة الشعوب العربية والإسلامية سيكون فيه مصلحة للفلسطينيين ،وبالتالي فإن الثورات العربية التي تعبر عن إرادة غالبية الشعوب العربية بالتغيير ستخدم القضية الفلسطينية إن لم يكن عاجلا فآجلا.وتاريخ القضية الفلسطينية على مدار قرن تقريبا يؤكد التداخل ما بين القضية الفلسطينية ومحيطها العربي والإسلامي بل إنها القضية العربية الوحيدة التي يشكل البعد القومي مكونا رئيسا مما جعل استقلالية القرار الوطني الفلسطيني يواجه تحديات غير موجودة بالنسبة للشعوب والنظم السياسية الأخرى ،وهي القضية الوحيدة التي يتم فيها الحديث عن البعد القومي للقضية الفلسطينية والبعد الإسلامي للقضية الفلسطيني حتى وإن كان الحديث نظريا فقط.   من حق الشعوب العربية أن تثور على أنظمة لم تكن فقط حملا ثقيلا على شعوبها وسببا في فقرها وبؤسها وكبت حرياتها بل كانت أيضا سببا في ضياع فلسطين ومحاصرة حركة التحرر الفلسطينية وفي التواطؤ مع إسرائيل وواشنطن على المصلحة الفلسطينية،أن تصبح الشعوب العربية المؤيدة والمتعاطفة مع عدالة القضية الفلسطينية سيدة نفسها وصاحبة القرار فهذا إضافة لقوة الشعب الفلسطيني في فلسطين وإعادة تفعيل وتنشيط الشعب الفلسطيني في الدول العربية حيث يعيش فيها حوالي نصف الشعب الفلسطيني حيث كانوا ممنوعين من التعبير عن فلسطينيتهم ومن ممارسة حقوقهم السياسية بحرية،الثورات العربية بعد اكتمال كل حلقاتها وتمكين الشعوب العربية من السلطة والحكم ستعيد الاعتبار لمفهوم البعد القومي للقضية الفلسطينية حيث سيؤسس على أرضية ممارسة واقعية شعبية وليس على خطاب للأنظمة والنخب يوظف كأداة للتدخل في الشأن الفلسطيني ومصادرة قراره المستقل.   ولكن الثورات العربية ككل الثورات عبر التاريخ تمر بثلاث مراحل:مرحلة الهدم بمعنى هدم أو إسقاط النظام القديم وهذه المرحلة قد تتدرج من إسقاط رأس النظام إلى إسقاط مؤسسات ونخب النظام،أما المرحلة الثانية فهي انتقالية مفتوحة على كل الاحتمالات بما فيها ارتداد الثورة على نفسها والدخول في دوامة الحرب الأهلية وهذه مرحلة خطيرة ويجب الحذر منها،أما المرحلة الثانية فهي مرحلة بناء الثوار لنظام جديد أفضل من النظام السابق.الثورات العربية حتى الآن ما زالت تتراوح ما بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية وفي هاتين المرحلتين تبرز تداعيات سلبية كالفوضى الأمنية وتدهور الوضع الاقتصادي ومحاولة قوى مضادة للثورة داخلية وخارجية ركوب موجة الثورة ،ومن يراقب الأوضاع في تونس ومصر سيلمس هذه التداعيات،وعلى كل حال فكل الثورات تمر بهاتين المرحلتين فالثورة الفرنسية مثلا استمرت لعشر سنوات عانى فيها الشعب الفرنسي الأمرين.   ما سنتحدث عنه هو تداعيات المرحلة الانتقالية للثورات العربية على القضية الفلسطينية،حيث نلمس تداعيات سلبية تستوجب من القيادة الفلسطينية التعامل معها بحذر لحين استقرار حال الثورات العربية ،ونقصد بالتعامل الحذر عدم تمكين هذه التداعيات السلبية من التأثير على الخيارات الإستراتيجية للشعب الفلسطيني ،فهذه الخيارات يجب أن تبنى على استقلالية القرار من جانب وعلى التحولات الإستراتيجية التي ستتمخض عنها الثورات بعد استقرار الأمور.إن اخطر ما يصيب شعبا من الشعوب وخصوصا إن كان الشعب يمر بمرحلة تحرر وطني هو بناء خيارات إستراتيجية تحت ضغط متغيرات مرحلية.   يمكن رصد أهم التداعيات السلبية الآنية للحالة العربية غير المستقرة بفعل الثورات على القضية الفلسطينية بما يلي:- 1-  انشغال الشعوب العربية بمشاكلها الداخلية :السياسية والاقتصادية والاجتماعية .فدون تقليل من تعاطف الجماهير العربية تجاه الفلسطينيين ورغبة الثوار بفتح صفحة جديدة مع الفلسطينيين يتم فيها تجاوز أخطاء النظم السابقة،إلا أن الشعوب العربية الثائرة ستنشغل بهمومها الداخلية وخصوصا في ثورات تؤشر إلى تحولها لحرب أهلية كما يجري في ليبيا واليمن وسوريا والبحرين،وفي هذه المرحلة من عدم الاستقرار قد تلجأ الجماعات الثائرة لنسج علاقات مع الغرب ومع واشنطن لمواجهة النظام القائم كما هو الأمر في ليبيا بل قد تلجا النظم السياسية نفسها لكسب ود واشنطن لمواجهة الثوار وللحفاظ على وجودها ،وواشنطن لن تتورع عن ابتزاز الطرفين سياسيا. 2-  الثورات العربية وما أدت من حالة عدم استقرار ومستقبل مفتوح على كل الاحتمال أوجد قناعة لدى واشنطن بأنه لا يمكنها المراهنة على أي نظام عربي أو شرق أوسطي كحليف استراتيجي ،وان الحليف الوحيد المضمون هو إسرائيل ،وهذه رسالة بلغها نتنياهو لواشنطن وكانت وراء تراجع اوباما عن وعوده وكانت وراء الترحاب الكبير لخطاب نتنياهو في الكونجرس الأمريكي،فالأمريكيون اقتنعوا بان لا حليف استراتيجي لهم في المنطقة إلا إسرائيل ،فقد خسرت واشنطن إيران مع ثورة الخميني ثم خسرت تركيا كحليف استراتيجي تابع بوصول حزب العدالة والتنمية للسلطة واليوم تخسر مصر وتونس ولا تعرف مصير حلفائها العرب .هذه المتغيرات ستؤدي لمزيد من التأييد الأمريكي للسياسة الإسرائيلية . 3-  إضعاف طرفي المعادلة الفلسطينية والتسريع بتسوية بين ضعفاء.الثورات العربية حتى اللحظة أضعفت حركة فتح والسلطة بانهيار معسكر الاعتدال مع سقوط مبارك،كما أن الوضع في سوريا وتوجه الإخوان المسلمين في مصر للمشاركة في النظام السياسي وإعطاء هذا الأمر الأولوية على أي انشغالات خارجية ،أضعف حركة حماس.وبالتالي نخشى أن المصالحة التي جرت لم تبنى على قناعات راسخة بالمصالحة الإستراتيجية التي تعني إعادة بناء النظام السياسي والمشروع الوطني على ثوابت محل توافق وطني بقدر ما كانت محاولة للحفاظ على الذات ومواجهة رياح المتغيرات الإقليمية.   ومع ذلك وحيث أننا نرى المرحلة مرحلة إدارة الصراع أو الأزمة حيث الظروف الوطنية والإقليمية والدولية غير ناضجة لحل تاريخي ،نأمل من القيادة الفلسطينية حسن إدارة الأزمة في هذه المرحلة بإنجاز ما يمكن انجازه من صفقة المصالحة حتى تمر العاصفة ونصبح أمام عالم عربي جديد يمكن المراهنة عليه كحليف استراتيجي حقيقي في معركتنا الطويلة مع الاحتلال . ‏31‏/05‏/2011 Ibrahemibrach1@gmail.com Ibrahem-ibrach@hotmail.com www.palnation.org