خبر : دراسة: الدولة العبرية لم تتمكن حتى اليوم من وضع استراتيجية لمواجهة حزب الله

الجمعة 22 أكتوبر 2010 12:43 ص / بتوقيت القدس +2GMT
دراسة: الدولة العبرية لم تتمكن حتى اليوم من وضع استراتيجية لمواجهة حزب الله



رأت دراسة اسرائيلية جديدة، اعدها الباحث ندير تسور، من معهد ابحاث الامن القومي في تل ابيب، ان الدولة العبرية، وبعد مرور اربع سنوات على انتهاء حزب لبنان الثانية فشلت في تبني استراتيجية واضحة لمعالجة تهديد حزب الله، لافتا الى ان هذا الفشل يطفو بقوة على السطح في عدم تمكن اسرائيل من فعل اي شيء لمنع حزب الله من مواصلة تزوده بالاسلحة المتطورة والتي سيستعملها في المواجهة القادمة ضدّ اسرائيل.وقالت الدراسة ان القائد هانيبال هو صاحب المقولة المشهورة: اما ان تقهر عدوك، وامّا انْ تقبل مصير المقهورين، وامر هنيبال في الجيش الاسرائيلي ينص بالحرف الواحد: يتحتم على جنود الجيش احباط عملية الاختطاف ومنع الاسر، بكل ثمنٍ، وحتى القيام باطلاق النار باتجاه سيارة الخاطفين والاسير، حتى لو ادّى الامر الى مقتل الجندي المخطوف، والهدف من وراء ذلك، هو منع حالة الصدمة والتداعيات السياسية وغيرها لعملية الاسر.الباحث تسور، في دراسته الجديدة اكد من خلالها على انّ جيش الاحتلال قام بتفعيل الامر المذكور بعد قيام حزب الله باختطاف الجنديين الاسرائيليين في الثاني عشر من شهر تموز (يوليو) من العام 2006، وعُقدت جلسة طارئة للحكومة الاسرائيلية، مشيرا الى ان الدولة العبرية، التي كانت حتى عملية الاختطاف اسيرة سياسة الاحتواء او الاستيعاب، بمعنى عدم الانجرار وراء استفزازات التنظيمات الارهابية، على حد تعبيره، قررت الخروج عن اطار هذه السياسة، والبدء بعملية عسكرية واسعة النطاق، وعندما ردّ حزب الله على القصف الاسرائيلي المكثف على لبنان، زاد الباحث، قامت اسرائيل بتفعيل اكثر للقوة العسكرية التي تمتلكها، والتي كانت غير مسبوقة.وقال الباحث ايضا ان الرد الاسرائيلي السريع ومنع كل تأجيل في الرد العسكري حتى اتخاذ قرار للمواجهة، عكسا بصورة واضحة الخشية الاسرائيلية من تبني حزب الله وسورية وايران نظرية الوعي القائلة انّ الدولة العبرية ضعيفة، ومن الصعب عليها، ان لم يكن مستحيلا، التخلص من الضغوطات الدولية التي كانت ستمارس من اجل منعها من الدخول في المواجهة مع حزب الله. بالاضافة الى ذلك، قال الباحث تسور في دراسته، انّ اسرائيل رأت في اختطاف الجنديين من قبل حزب الله فرصة غير مسبوقة لتغيير اساسي للواقع الذي نتج في الجنوب اللبناني عقب انسحاب الجيش الاسرائيلي من المنطقة في ايار (مايو) من العام 2000، علاوة على انّها رأت في الهجوم العسكري فرصة مريحة لنسف وعي العدو وثقته الكاملة بقوته، هذا الوعي الذي تنامى بصورة مقلقة للغاية، على حد تعبيره، في صفوف حزب الله، ومنحه شعورا بالانتصار، اذ انّ الحزب رأى بالانسحاب انتصارا وتفاخر بذلك امام من يقودونه، اي الايرانيين والسوريين، بالاضافة الى التنظيمات الفلسطينية التي تحارب اسرائيل، كما قال تسور.وبرأيه فانّ انتقال اسرائيل وبسرعة فائقة من سياسة الصبر والاحتواء والاستيعاب الى سياسة العمل العسكري المكثف، سبب مفاجأة كبيرة لحزب الله، ولكنّه اضاف انّ هذا الانتقال ادّى في ما ادّى الى تغيير الوعي لدى العدو، وبموازاة ذلك، سبب صعوبات جمّة في الوعي لدى الجيش الاسرائيلي، الذي انتقل بسرعة وبدون تحضير من سياسة ضبط النفس، المتمثلة برد معقول، الى سياسة الهجوم المكثف، التي تحمل في طياتّها الكثير من المخاطر، وشدد الباحث على انّ استمرار حرب لبنان الثانية لمدة 34 يوما، ومن ناحية اخرى تعرض العمق الاسرائيلي للقصف اليومي من قبل حزب الله، ادّيا الى افقاد الجيش الاسرائيلي الثقة بالنفس، كما انّ هذين العاملين اثرا سلبًا على وعيه من الناحية النظرية ومن الناحية العملياتية.واعترفت الدراسة بانّ الحرب كشفت عن فشل مرده في نظرية العمل التي كانت مبنية على ضرب وتدمير مستمرين للاهداف المهمة لدى العدو بهدف تغيير وعيه، ووعي قادته ووعي الدول التي تدعمه، وزاد قائلا انّ سياسة الحرب الاسرائيلية، التي استعملت خلال حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006، والقائمة على تفعيل القوات بصورة غير مسبوقة، وبدون تركيز، وبدون جهود لارغام العدو على الاستسلام، هذه السياسة فشلت، كما اكدت الدراسة.وخلصت الدراسة الى القول انّه بعد مرور اربع سنوات على حرب لبنان الثانية بات واضحا انّ الجيش الاسرائيلي استوعب الدروس، خصوصا وانّه استعمل التحسينات التي ادخلها على ادائه في العدوان الذي شنه على غزة في اواخر العام 2008 واوائل العام 2009، كما تفهم الجيش الفشل العسكري والفكري الذي لازمه قبل عدوان العام 2006 على حزب الله، وانكشف بكل وضوح خلال الحرب الثانية على لبنان. ولكن مع ذلك، رأى الباحث الاسرائيلي، انّه بسبب الخلافات السياسية الداخلية في اسرائيل والتفاوت في المواقف بين القوى السياسية الفاعلة في الدولة العبرية، فلم تتمكن اسرائيل حتى اليوم، اي بعد مرور اربع سنوات على وضع الحرب اوزارها، من وضع استراتيجية واضحة بالنسبة لمعالجة حزب الله، وبرأيه يبرز الفشل الاسرائيلي جليا وواضحا في قضية تسلح حزب الله بعد الحرب، اذ انّه على الرغم من ان الحزب يواصل زيادة ترسانته العسكرية بشكل مقلق، فانّ اسرائيل لا تفعل شيئًا لوقف عملية التسلح، وهذه الاسلحة المتطورة التي يواصل حزب الله بالتزود بها ستُستعمل من قبله في المواجهة القادمة ضدّ اسرائيل، على حد قوله. وشدد على ان فشل اسرائيل في وضع استراتيجية لمواجهة حزب الله يؤثر سلبا على مستقبلها، اذ انّه حتى اليوم لم يصل صناع القرار في تل ابيب الى قرار من افضل لاسرائيل: القيام بعمليات عسكرية محدودة ضدّ حزب الله وتحقيق نتائج قيّمة، ام القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق لضرب البنية التحتية وتحقيق الردع، هذه السياسة التي ستنزع من حزب الله مواصلة تعاظم قوته العسكرية واستغلالها في مناسبات عديدة في نزاعات صراع البقاء العنيفة، التي يديرها حزب الله، على حد تعبيره