خبر : لهذه الأسباب يرفض نتنياهو وقف الاستيطان في القدس ؟؟.. محمد سليمان طبش

الإثنين 26 أبريل 2010 07:00 م / بتوقيت القدس +2GMT
لهذه الأسباب يرفض نتنياهو وقف الاستيطان في القدس ؟؟.. محمد سليمان طبش



على الرغم من كل التحركات والجولات المكوكية التي قام ويقوم بها مبعوث الإدارة الامريكية إلى المنطقة ، جورج ميتشل ، بهدف إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي ، نتنياهو بضرورة وقف النشاط الاستيطاني في مدينة القدس كخطوة أولى على طريق استئناف المفاوضات السياسية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وعلى الرغم من مطالبة الرباعية الدولية الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ ذات المطلب وقف الاستيطان .. على الرغم من ذلك إلا أن نتنياهو يخرج بعد كل لقاء له مع المبعوث الأمريكي ليؤكد من جديد أن لا تعليق ولا وقف للنشاط الاستيطاني في مدينة القدس وهو الأمر الذي أثار الحيرة والدهشة للكثير من المحللين والمتابعين لتطورات الملف الإسرائيلي - الفلسطيني من منظور كيف أن جهود الإدارة  الأمريكية والرباعية الدولية والاتحاد الاوروبي حتى اللحظة لم تثمر في بناء الخطوة الأولى على طريق إعادة تفعيل عملية السلام في المنطقة والخاصة بوقف أو تجميد الاستيطان في مدينة القدس حيث إصرار نتنياهو على عدم إدراج ملف القدس في إطار أي مفاوضات قادمة .. الأمر يتعلق بجملة من الأسباب ، ثمة اعتقاد لدينا أنها تقف خلف موقف نتنياهو المتشدد في هذا الإطار : أولا : طبيعة الائتلاف الذي يشكل حكومة نتنياهو والذي يغلب عليه التطرف والتشدد الديني والعنصري ذلك لان هذا الائتلاف يتكون من حزب الليكود ،  حزب إسرائيل بيتنا بزعامة العنصري المتطرف ليبرمان ، بقايا حزب العمل ، حركة شاس  بزعامة ايلي يشاي وكذا  بعض الأحزاب الدينية الصغيرة - ائتلاف من هذا النوع الذي يشكل حكومة نتنياهو - التي تعتبر الحكومة الأكثر تطرفا وعنصرية منذ تأسيس الدولة العبرية ليس لديه أي مشروع للسلام سواء مع الفلسطينيين أو مع المحيط العربي بل أن برامح الأحزاب المشكلة لهذا الائتلاف تعتمد فلسفة التوسع والتهام الأرض و تكثيف النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية وبخاصة القدس كإستراتيجية بعيدة المدى .. من هنا فإن نتنياهو بصفته زعيما لهذا الائتلاف لا يرغب ولا يستطيع اتخاذ قرار خاص بوقف الاستيطان لان ذلك يعني انفراط عقد هذا الائتلاف ، وإذا ما أراد البحث عن بديل لهذا الائتلاف فليس أمامه سوى التوجه نحو حزب كاديما بزعامة ليفني ومحاورته على طريق تشكيل ائتلاف بديل والأمر هنا يتعلق بمطالب زعيمة الحزب تسيفي ليفني التي سبق لنتنياهو وان رفضها منذ البداية .. ثانيا : من المستحيل على نتنياهو بصفته رئيسا للحكومة الإسرائيلية الراهنة أن يسجل على نفسه انه أول رئيس حكومة إسرائيلية يتخذ قرارا خاصا بوقف النشاط الاستيطاني في مدينة القدس .. قرار من هذا النوع لن يقدم نتنياهو على اتخاذه بصورة جلية وعلنية لأنه يدرك أن ذلك سيلحق ضررا كبيرا بطموحه السياسي  الذي لا حدود له من حيث اعتقاده انه يمثل زعيما لمعسكر اليمن الديني الإسرائيلي بلا منازع . ثالثا : في إطار متابعة التطورات الخاصة بقياس توجهات الرأي العام الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة يتبين بكل وضوح أن الرأي العام الإسرائيلي يجنح بقوة نحو اليمين والتشدد والتطرف خاصة ما يتعلق بدعم النشاط الاستيطاني في القدس وقد أشارت أخر توجهات قياس الرأي العام إلى أن  أكثر من 52% من الإسرائيليين تدعم وتساند استمرارية النشاط الاستيطاني وهذا يؤشر على تراجع قوة و مصداقية معسكر السلام داخل إسرائيل بصورة لم تشهد الساحة الإسرائيلية مثيلا لها من قبل حيث لا نكاد نسمع على الإطلاق عن أي نشاط لقوى السلام في إسرائيل خاصة بعد تفكك  حزب العمل وتراجع قوته على صعيد الرأي العام جراء سياسة زعيم الحزب أيهود باراك الذي التحق بائتلاف نتنياهو في مقابل حقيبة الدفاع وهو لا يستطيع الانسحاب من هذا الائتلاف لأنه يخشى العودة إلى خوض انتخابات مبكرة – اذا ما نضجت الظروف لذلك -  التي لن تعطي الحزب في أحسن الأحوال أكثر من سبعة مقاعد ليس إلا وهذا طبقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة ....من هذا المنظور نتنياهو إذا بسياسته المتشددة فيما يتعلق بالاستيطان إنما ينسجم مع توجهات الرأي العام الإسرائيلي إلى ابعد الحدود . رابعا : الأمر يتعلق بدعم وإسناد المنظمات اليهودية داخل المجتمع الأمريكي وبخاصة اللوبي الخاص بمنظمة ايباك حيث دعم توجهات حكومة نتنياهو فيما يتعلق في الاستيطان خاصة في مدينة القدس وكذا دعم مجلسي الكونجرس  حيث هيمنة النفوذ اليهودي وتأثيره الكبير في دعم سياسات حكومة نتنياهو العنصرية .. هذا التأثير للمنظمات اليهودية ومدى هيمنتها  على صنع القرار السياسي الأمريكي توفر غطاءا لنتنياهو للإفلات من الضغوطات  التي تمارسها إدارة البيت الأبيض الأمريكي . خامسا : حتى اللحظة لا يمكن القول أن ادراة الرئيس اوباما قد استنفذت كل الأوراق الضاغطة لإجبار حكومة نتنياهو للانصياع لمتطلبات عملية السلام بما في ذلك وقف الاستيطان .... لسنا مع بعض الآراء التي تقول أن هناك ثمة أزمة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ، بدليل التصريحات التي يطلقها مسؤولي البيت الأبيض بين الحين والأخر والتي تؤكد التزام الإدارة الأمريكية بأمن دولة إسرائيل الكامل واستمرارية الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل .... الضغط الأمريكي على حكومة نتنياهو للاستجابة لمتطلبات عملية السلام لم يستنفذ بعد وهذا ما دفع الرئيس عباس في خطابه الاخير لمطالبة الإدارة الأمريكية  بضرورة فرض الحل المطلوب دون تردد ، بمعنى أن المطلوب من الإدارة الأمريكية ألا تكتفي بموقف المتفرج بل هي مطالبة بترسيخ أسس السلام وفرضها طبقا لخريطة الطريق والاتفاقات الموقعة بين الجانبين . سادسا : استمرارية حالة الانقسام التي تسود الساحة الوطنية الفلسطينية بين جناحي الوطن توفر لحكومة نتنياهو احد أهم العوامل التي تعتمد عليها في الاستمرار في ممارسات النشاط الاستيطاني في القدس من خلال استثمار واستغلال الوضع الفلسطيني المتردي الراهن للتهرب من دفع استحقاقات عملية السلام ... استمرارية حالة الانقسام تعني بالتأكيد استمرارية إدارة الظهر من جانب حكومة نتنياهو لكل الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة . من هنا فان من المنطق وقبل أن نطالب القوى الدولية العظمى وبخاصة الإدارة الأمريكية أن تفرض وتجسد الحل فان الأمر يفترض  الإسراع ، بادئ ذي بدء ، في إنهاء حالة الانقسام طبقا للورقة المصرية وهذا يفترض موقفا عربيا حاسما وسريعا لدفع الفرقاء الفلسطينيين نحو المصالحة وهو الأمر الذي يفترض كسر الجليد الذي يعترض عودة الحرارة إلى العلاقات المصرية – السورية نظرا لان انجاز المصالحة الفلسطينية مرهون إلى حد كبير بالتوافق والانسجام بين عواصم الترويكا العربية الفاعلة ( القاهرة ، الرياض ، دمشق ) ، و نحن نترقب لقاء القمة الثلاثية الوشيكة في شرم الشيخ والتي ستجمع قادة مصر ، السعودية ، سوريا حيث ثمة تفاؤل بانعكاس نتائج القمة على الوضع الفلسطيني بالإيجاب .....