الاعلان كان صاخبا. مفزعا. نائب قائد الحرس الثوري الايراني، حسين سلامة، هدد أمس بصراحة: "نحن فقط قادرون على أن نقرر اذا كانت اوروبا ستتجمد من البرد في الشتاء". اذا كانت الامور صحيحة، فمن الصعب تجاهل المعاني المطلقة: ايران من شأنها أن توقف تدفق نفطها – والعالم بأسره سيتعرض لضربة شديدة. ولكن هل حقا هناك سبب للقلق، ام ان هذا مجرد تهديد عابث آخر مبالغ فيه وغير واقعي من انتاج ايران؟ صحيح ان ايران تملك احتياطات هي بين الاكبر في العالم – رقم 2 في العالم في احتياطي الغاز الطبيعي ورقم 3 في العالم في النفط – الا ان تأثيرها على السوق الاوروبية وعلى السوق العالمية بشكل عام، في كل ما يتعلق بتوريد الطاقة بعيد عن أن يكون ذا مغزى. "الاعلان عن تجميد اوروبا هو تهديد عابث"، تقول بحزم د. براندا شيفر، خبيرة العلاقات الدولية في مجال الطاقة من جامعة حيفا. "في اوروبا يستخلصون الكهرباء والتدفئة اساسا من الغاز الطبيعي، الفحم والنووي، والتي ليس لايران فيها تأثير. النفط ومنتجاته تستخدم للمواصلات وللصناعة. في كل الاحوال، اذا توقفوا عن توريد الغاز فان هذا سيلحق في اقصى الاحوال ارتفاعا في الاسعار ولكنه لم يمس بالسوق العالمية". القول الحاد للمسؤول الايراني هو تلميح واضح من طهران نحو اوروبا، عشية انعقاد مجلس الامناء الذي يفترض به أن يقرر حجم العقوبات الجديدة ضد الدولة. اذا عاقبتمونا، كما يتعهد الايرانيون، فسنعاقبكم بالطريقة البدائية "العين بالعين". عقوبات علينا – عقوبات عليكم. "نحن"، كما تباهى نائب رئيس الحرس الثوري، "نصدر نصف انتاج النفط العالمي. اذا اوقفنا التصدير بسبب عقوباتكم، فستتجمدون من البرد". غير ان هذه المعطيات غير دقيقة، على أقل تقدير. في هذه اللحظة تورد الدولة اقل من 4.5 في المائة من الاستهلاك العالمي اليوم للنفط – نحو 4 مليون برميل من أصل نحو 85 مليون تستهلك كل يوم. وأكثر من ذلك: ايران، التي تجد صعوبة في استثمار الاموال في اقامة المصافي، وان كانت تنتج نحو نصف حجم الانتاج من النفط اليومي، الا انها تستورد ايضا كميات كبيرة من النفط المكرر (البنزين، السولار وما شابه). "في وضع سوق النفط اليوم، وقف التوريد الايراني لن يؤدي الى أي فزع او مشكلة عسيرة"، توضح د. شيفر. "من جهة اخرى، وقف التصدير سيمس بشدة بايران نفسها، التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على المداخيل من النفط. وفضلا عن ذلك، اذا ما اوقف التصدير فهم لا بد أيضا لن يتمكنوا من استيراد النفط المكرر، الامر الذي سيمس بهم شديد المساس بالطبع". كما تملك ايران احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي في حجمها، ولكن في معظمها لا يمكنها على الاطلاق ان تستخدمه الان لانها غير قادرة على تطوير الحقول وشركات دولية كبرى غير مستعدة للمخاطرة بالاستثمار. والنتيجة كما تشرح شيفر هي أن ايران لا تشكل اليوم لاعبا جديا في سوق الغاز الطبيعي السائل. وتضيف بانه "قبل نحو سنة ونصف السنة كانت هناك توقفات للغاز من ايران الى تركيا، وهذا لم يشل الاقتصاد التركي حقا. فللايرانيين ما يخسرونه اكثر مما يخسره العالم". في هذه الاثناء، يواصل محمود احمدي نجاد تسجيل ارقام قياسية في اللاسامية. فقد قال أمس في مؤتمر لمنظمة التضامن الاسلامي من اجل مستقبل فلسطين ان "الجميع يعرف بان النظام الصهيوني يسعى الى السيطرة على العالم. وهو مصدر كل الحروب، قتل الشعب، الارهاب والجرائم ضد الانسانية". وحسب الرئيس الايراني فان وجود "الكيان الصهيوني" هو اهانة للبشرية. "بمعونة الله وبفضل المقاومة الفلسطينية، فان نظام الاحتلال الصهيوني فقد منذ الان سبب وجوده".خط البرميلموردات النفط الكبرى في العالم (بملايين البراميل يوميا)العربية السعودية 10.782روسيا 9.790الولايات المتحدة 8.514ايران 4.174الصين 3.973كندا 3.350المكسيك 3.182اتحاد الامارات 3.046الكويت 2.741فنزويلا 2.643• معطيات 2008• بالاجمال يستهلك في العالم كل يوم نحو 85 مليون برميل من النفط.
