خبر : إسرائيل: زلزال هايتي تغيير الصورة/بقلم:مصطفى إبراهيم

الإثنين 25 يناير 2010 02:01 م / بتوقيت القدس +2GMT
إسرائيل: زلزال هايتي تغيير الصورة/بقلم:مصطفى إبراهيم



للمرة الثانية في أقل من عشر سنوات تقوم دولة الاحتلال على إغراق عشرات من منازل وأراضي وممتلكات الفلسطينيين في قطاع غزة، ففي الثامن عشر من شهر كانون الثاني ( يناير) الحالي، أقدمت دولة الاحتلال على فتح سد وادي غزة الذي تقيمه منذ سنوات طويلة لمنع مياه الأمطار من الانسياب الطبيعي إلى قطاع غزة وحرمان الخزان الجوفي في القطاع من أحد مصادره. واندفاع سيول المياه الجارفة في الوادي التي تدفقت على جانبي الوادي لتغرق الأراضي الزراعية والمنازل السكنية والممتلكات المدنية، ما تسبب في غرق المواطنين المقيمين في مجرى الوادي وعلى جانبيه. تزامن إغراق المواطنين الفلسطينيين في منطقة وادي غزة مع عمليات الإنقاذ التي تقوم بها طواقم الإسعاف والإنقاذ من جميع إنحاء العالم في إنقاذ المصابين جراء زلزال هايتي، بما فيها طواقم الإسعاف الإسرائيلية التابعة للجيش الإسرائيلي، والتي تلقى تغطية إعلامية واسعة في جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية المصورة والمسموعة والمقروءة. وحظي فريق الإنقاذ و طواقم الإسعاف الإسرائيلية في هايتي بغطاء كبير من جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية بدعم وغطاء من الحكومة الإسرائيلية التي عملت على إبراز دور فريق الإنقاذ بشكل مبالغ فيه، وظهر الهدف منه تغيير الصورة السيئة والمحطمة بعد الجرائم التي ارتكبتها في قطاع غزة في أذهان عدد كبير من البشر خاصة في أمريكا. وأبرزت وسائل الإعلام الإسرائيلية دور فرق الإنقاذ الإسرائيلية والتي كانت وما تزال ترسل تقاريرها المصورة والمسموعة على رأس كل النشرات الإخبارية والاهتمام بتصوير كل خطوة يقوم بها أعضاء فريق الإنقاذ، فالصورة موجهة في الأساس إلى عدد كبير من دول العالم، وتحدثت عن البطولات التي قام بها فريق الإنقاذ و طواقم الإسعاف الإسرائيلية بالبث المباشر، ونشره على شبكة الانترنت وفي مدونات خاصة أنشأت لهذا الغرض. وأقام فريق الإنقاذ الإسرائيلي مستشفى ميداني كبير أجريت فيه عمليات جراحية معقدة وعمليات ولادة وإقامة مركز لعلاج الأطفال، ما حذا بالرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بإرسال التحية إلى إسرائيل على الدور الذي تقوم به في هايتي، وهذا ما قامت باستغلاله صحيفة "يديعوت أحرونوت" ونشره وإبرازه في عنوان رئيسي، وحصل مراسلو قنوات التلفزة الإسرائيلية على مقابلات حصرية مع رئيس هايتي. وأبرزت وسائل الإعلام الإسرائيلية قيام عدد كبير من شبكات التلفزة العالمية الكبرى، وصحف أجنبية كبيرة بإعداد تقارير موسعة عن فريق الإنقاذ الإسرائيلي، و" أطرت على مهنيته العالية"، وتحدثت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية عن قيام 20 وسيلة إعلام أجنبية بنشر تقارير مؤيدة لإسرائيل خلال أسبوع، وعملت تلك التقارير على تحسين الصورة الدولية المحطمة لإسرائيل. ووصفت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية الاهتمام الإعلامي بالطاقم الطبي الإسرائيلي بأنه فاق كل تصور، "وبعد سنوات من معاناة إسرائيل من مشكلة جدية في صورتها الدولية وتصويرها أنها دولة طاغية وعدائية لا تعرف معنى الشفقة على البشر تغيرت خلال إسبوع النغمة من النقيض إلى النقيض، كأننا أيام القيامة".  وحسب تقرير صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية أن التكلفة الأولية لفريق الإنقاذ الإسرائيلي تصل إلى 11 مليون دولار، لكنها قد تتضاعف مرتين في حال استمر الفريق أسبوعا أخر، وعقب مسؤول عسكري على ذلك بالقول "إن هذه التكلفة ثانوية عندما يكون الحديث عن مساعدات إنسانية". وفي مقال نشر اليوم 24/1/2010 في جريدة هآرتس للقائد العسكري السابق لقطاع غزة في الجيش الإسرائيلي  يوم توف سامية قال فيه: " المساعدة التي تصل من إسرائيل الصغيرة تعزز الطوائف اليهودية في العالم، وجود علم، ضابط، جندي، طبيب من إسرائيل الصغيرة يبث إلى الأمم الأخرى رسالة بأننا إذا كنا نحن نستطيع فانتم أيضا تستطيعون، في أعقاب انهيار الجهاز الإعلامي الإسرائيلي، فإن أعمالاً كهذه من المساعدات الإنسانية في مناطق الكوارث تبقى تقريباً الوسيلة الوحيدة لتحسين مكانة إسرائيل في الرأي العام العالمي". ومع أن عمليات الإنقاذ في هايتي هي إنقاذاً لسمعة إسرائيل من بين الأنقاض، إلا ان خبراء حذروا من ان التغيير في صورة إسرائيل هو تغيير موضعي وعابر، وعلى رغم تأكيد الجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية أن المساعدة لهايتي تأتي لدوافع إنسانية، لكن الخبير في الاتصال والعلاقات العامة روني ريمون، يقول: "أن مهمة فريق الإنقاذ مزدوجة إنقاذ البشر، وإنقاذ سمعة إسرائيل على الأقل، حتى العملية العسكرية المقبلة في قطاع غزة!". كما وانتقد الصحافي الإسرائيلي عوفر شيلح التغطية الإعلامية الواسعة التي حرص الجيش الإسرائيلي على تسويقها لضمان تجميل صورة إسرائيل وقال: "لا يجوز التفاخر بدوافع إنسانية فيما جيران لنا في قطاع غزة يتضورون جوعاً". دولة الاحتلال بعد عام على العدوان وارتكابها جرائم حرب بحق الفلسطينيين تحاول تغيير صورتها المحطمة دوليا من خلال إرسال فرق إنقاذ و طواقم طبية تابعة للجيش الذي مارس القتل والدمار بحق الفلسطينيين، وهي لم تنجح بتغيير الصورة، وتبرئة قادتها وجنودها من دم الفلسطينيين الذي ما يزال ينزف.