خبر : وقفة مع محطات حياة الصحافي اليهودي يتسحاق بن عوفاديا المعروف عربياً بـ "زكي المختار" / بقلم : رأفت حمدونة

السبت 19 ديسمبر 2009 10:32 ص / بتوقيت القدس +2GMT
وقفة مع محطات حياة الصحافي اليهودي يتسحاق بن عوفاديا المعروف عربياً بـ "زكي المختار" / بقلم : رأفت حمدونة



قبل أيام قلائل أعلنت الإذاعة الإسرائيلية وفاة الصحافي يتسحاق بن عوفاديا المعروف عربياً بـ "زكي المختار" عن عمر يناهز 86 عاما ، وبلا شك هنالك الآلاف من العرب ممن تأثروا بوفاة هذا الصحفى الذى فى نظرهم " الصحفى العربى الانسانى  " وخاصة من مستمعى برنامج " استوديو رقم واحد" الذي أصغى اليه الملايين في فلسطين والدول العربية المجاورة على مدى سنوات عديدة دون أن يعرفوا أن هذا الصحفى يهودى باسم "  يتسحاق بن عوفاديا " وأنه يقدم من خلال البرنامج العديد من الأهداف الأمنية البحتة التى أنشىء من أجلها القسم العربي في الاذاعة الاسرائيلية وكان يتسحاق بن عوفاديا من مؤسسيه ، وكان عوفاديا على علاقة وثيقة بأجهزة الأمن الصهيونية والتي وضعت تحت تصرفه ميكرفونات إذاعة الاحتلال الإسرائيلي الموجهة ، واختار زكي المختار عام 1993 وتحديدا شهر أيار منه ليعلن عن نفسه وليقول لكل الفضوليين بأنه ليس فقط يهوديا بل يهوديا "بآراء متطرفة". وكما تقول إحدى المصادر " يمكن القول باطمئنان بان الصحفى يتسحاق بن عوفاديا المعروف عربياً بـ "زكي المختار" والذي كان يستقبل مكالمات محلية تحمل شكاوى، استغل عمله الإذاعي وضائقة المواطنين تحت الاحتلال، حيث الحصول على رخصة قيادة أو خط هاتف أو تصرح سفر يستوجب أمور كثيرة صعبة منها موافقة المخابرات، لكي يقوم بحل تلك المشاكل بمقابل مادي، وتم ذلك حين افتتحت زوجته " زهافا بن عوفاديا" مكتبا في شارع نابلس ليس بعيدا عن باب العمود "وسط القدس الشرقية" وفي عمارة عربية مكتبا للمساعدة في حل تلك المشاكل وما أكثرها، وكان الكثير يقصدونها لكونها يهودية إسرائيلية وزوجة لزكي المختار الذي يملك علاقات كثيرة في الدوائر الحكومية، وحقق مكتبها نجاحا ملحوظا وحققت هي أرباحا مادية لا يمكن حصرها. ومن القضايا المهمة لمن نعى من العرب أو تضامن مع " المختار اليهودى " أن يعرف أن عشية عيد الفصح اليهودي عام 1986م، وعندما كان يتسحاق بن عوفاديا يقدم برنامجه الصباحي أقدم ثلاثة من الفدائيين الفلسطينيين من القدس وعلى رأسهم أحد عمداء الأسرى المقدسيين والذى لازال لحتى اللحظة فى سجون الاحتلال " الأسير علاء البازيان – أبو كمال على قتل زوجة المختار  " زهافا بن عوفاديا" بواسطة مسدس . ومن غير الشهير عن يتسحاق بن عوفاديا أنه يعتقد  بالكثير من الآراء السياسة المتطرفة والعنصرية والكره للعرب ، ولقد قال فى أحد المقابلات فى بداية التسعينيات "الإسرائيليون يعرفون بأنني يهودي وحتى يهودي بآراء متطرفة، والعرب في الخارج لا يعرفون وهم واثقين بأنني واحد منهم" ومن الجدير بالذكر أن التنظيمات الفلسطينية اتهمت " زكى المختار " بتمرير رسائل من خلال برامجه ، وكانت هذه الرسائل مشفرة لعملاء في الدول العربية وفي أوساط المنظمات الفلسطينية وحتى السجون . وكان برنامج " المختار " أحد " المسموحات" التي كان يستمع إليها الأسرى في سجون الاحتلال عبر اذاعة إدارة مصلحة السجون ، حيث لم يكن هناك إلا جهاز راديو واحد توصل منه سماعات لكل غرفة وتقوم إدارة السجن بفتح هذا الراديو في ساعات محددة صباحا ومساءا، وفي كل صباح كانت إدارة السجون معنية باسماع الأسرى برنامج زكي المختار لمدة ساعتين ثم يتم إغلاق الراديو. وقد احتل بن عفوديا "الملقب زكي المختار" كذلك لسنوات عديدة منصب مدير البرامج العربية في صوت "اسرائيل"، حيث قام بتحرير وتقديم سلسلة من البرامج التي تم بثها على مدى سنوات طويلة ومنها "أستوديو رقم واحد" و- "على ذوقي" و- "ملفات القضاء". ومن المهم التأكيد أن جهاز الأمن الداخى المعروف بالشاباك كان يشرف على برامج الإذاعة والتلفزيون باللغة العربية الموجهات للجمهور العربى ، واستطاع الشاياك أن يوظف هذه الوسائل الاعلامية في عمله في مجال إسقاط الفلسطينيين والعرب ودفعهم للعمل لصالح المخابرات ، ولعل أول الدلائل على لعب وسائل الإعلام الإسرائيلية باللغة العربية هذا الدور القذر، هو ما كشفه الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية أوائل الثمانينيات، عندما قاموا بالتحقيق مع بعض الفلسطينيين الذين ارتبطوا بالمخابرات الإسرائيلية. إذ تبين أن الإذاعة الإسرائيلية باللغة العربية تبث برنامجين مهمّتهما الأساسية تجنيد العملاء لصالح "إسرائيل". ولعل على رأس هذه البرامج هو برنامج ""استوديو رقم واحد""، الذي كان يقدمه الصحفى اليهودى باسم عربى " زكي المختار" ، وقد اعترف عدد من الفلسطينيين أنهم سقطوا في حبائل المخابرات الإسرائيلية عن طريق هذا البرنامج . لذا أعتقد أن محاولة هروب المستمع العربى وخاصة الفلسطينى للاعلام الاسرائيلى احتجاجاً على عدم ثقته بالاعلام المحلى الحزبى فى غالب الأحيان تعتبر محاولة غير مقبولة على الأقل ، كون معظم وسائل الاعلام العربية " مشاهدة ومسموعة ومقروءة " ممن تكون تحت التوجيه الاسرائيلى تهدف للتأثير على المستمع العربى بما ينسجم مع حاجاتها وأهدافها ، وأحذر كل المستمعين العرب من التلقى وبثقة لهذا الاعلام .   ** ماجستير دراسات إسرائيلية – جامعة القدس / أبو ديس     بكالوريوس من الجامعة المفتوحة في إسرائيل / رعنانا للمراسلة على الاميل : rafathamdona@yahoo.com