حتى لا تشرق شمس فنزويلا من الغرب ..د. نادية الحكيم

الجمعة 15 فبراير 2019 01:59 م / بتوقيت القدس +2GMT
حتى لا تشرق شمس فنزويلا من الغرب ..د. نادية الحكيم



و جاء الدور الان على فنزويلا لتبدأ حرب الاستنزاف بالتوازي مع سياسات التهديد فالتجويع..فالتركيع..و انتهاءا بالاستحواذ..
كل الأسباب و الذرائع مهيئة لهكذا تدخل في فنزويلا و التي شكلت على مدى سنوات طويلة صداعا مزمنا للولايات المتحدة خاصة في عهد تشافيز، ففنزويلا هي نصل الخنجر اللاتيني الحاد المغروس في خاصرة الغرب و الولايات المتحدة .و فنزويلا هي صوت الحق الصادح للشعوب المضطهدة و للقضايا الانسانية العادلة كالقضية الفلسطينية ،و للشعب العراقي ايان حصاره والذي كان تشافيز يوما أول من خرق الحصار الجوي المفروض عليه،عدا عن الدعم اللامحدود للجارة الكوبية ،و لشعوب القارة الافريقية،و الأهم من كل ذلك أن فنزويلا هي برميل نفط القارة الأمريكية و حيث يسيل النفط يسيل لعاب الولايات المتحدة و يدفعها باتجاه التدخل سواءا عاجلا أم أجلا.
و لربما هناك سؤال يطرح نفسه عن طول انتظار الادارات الأمريكية و صبرها الواسع على الجموح الفنزويلي الى حد الان.لعل اول الأسباب اقليمي بحت اي بعلاقة مع الوضع الحيوسياسي لدول امريكا الحنوبية في ظل حكومات كانت الى أمد غير بعيد ذات توجهات سياسية يسارية متناغمة فيما بينها و مناهضة للهيمنة الأمريكية على القارة ،مما شكل حزام أمان لكل دولة في المنطقة من محاولات التدخل الخارجي بما فيها فنزويلا بحيث أن الاعتداء على احدى تلك الدول سيدفع الى مواجهة مع قارة بأكملها تقريبا.الى أن اجتاح اليمين الموالي للغرب سدة الحكم خاصة في أكبر دولتين في أمريكا الجنويية ونقصد البرازيل و الأرجنتين.انقسام الصف و حتى ظهور الخلافات البينية فتح الباب على مصراعيه لتطبيق القاعدة الاستعمارية التقليدية (فرق تسد )و هذا ما كان.و بالعودة الى الوضع الفنزويلي فان ثلاثة عوامل ستكون مهمة و حاسمة في الصراع الحالي الدائر هناك .أوﻻهما التحالفات الاستراتيجية لفنزويلا ( ان وجدت ) و التي ستشكل دعما سياسيا ،ديبلوماسيا،و حتى عسكريا لها كما حصل في سوريا. و ثانيهما موقف الجيش الفنزويلي و التفافه العقائدي حول قيادته.و ثالثهما و هو الأهم وعي الشعب الفنزويلي العميق لما يحاك لبلاده من وراء الكواليس، و رفضه تبني المعارضة الحالية كمعارضة وطنية في ظل رفعها لشعارات تمس من استقلالية البلد و القرار الوطني و اعتمادها الاستقواء بالقوى الخارجية لفرض أجنداتها المشبوهة.
الولايات المتحدة تعرف تماما من أين تؤكل الكتف.النفط الفنزويلي ذو مزايا عديدة تتعلق بجودته الفائقة و باحتياطاته الهائلة.ففنزويلا واحدة من ست دول تؤمن نصف احتياجات العالم من البترول، عدا عن أنها على مرمى حجر من الولايات الأمريكية( 5أيام تحتاجها الناقلات من موانىء فنزويلا الى الموانىء الأمريكية مقارنة ب5 أسابيع من الشرق) دون الحديث عن احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي تشكل 30بالمائة من احتياطات النصف الغربي للكرة الأرضية.و رغما عن كل ما ذكر يعيش الشعب الفنزويلي ظروفا معيشية حرجة نتيجة لحصار خانق يستهدف قوته و احتياجاته اليومية بهدف دفعه للقبول بالاملاءات الخارجية.هي لحظة تاريخية حاسمة لمصير فنزويلا تحتم على شعبها أولا أن يستوعب دروس الاخرين المريرة بأن ييمم وجهه صوب الشرق حيث بلاد العرب الذين سلموا مفاتيح خزائنهم و ثرواتهم و نفطهم و مصيرهم للغرباء و رغم ذلك لم يسلموا من الحروب و الدمار و النزاعات و الدسائس .و ثانيا ألا يدير وجهه للغرب أملا في شروق للشمس من هناك فمن الغرب لن يتلقى الا صفعة قاسية لا تقل قساوتها عن صفعاتنا العربية …
كاتبة تونسية