مركز بيغن-السادات: الانسحاب من الضفّة الغربيّة تهديدٌ وجوديٌّ على إسرائيل

الخميس 24 يناير 2019 10:52 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مركز بيغن-السادات: الانسحاب من الضفّة الغربيّة تهديدٌ وجوديٌّ على إسرائيل



القدس المحتلة/سما/

رأت ورقة بحثيّة صادرة عن مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجيّة في تل أبيب، بان الانسحاب من الإسرائيليّ من الضفّة الغربيّة يُشكّل خطرًا وجوديًا على كيان الاحتلال. وشدّدّت الورقة التي قام بإعدادها الجنرال في الاحتياط غرشون هكوهين على أنّه بينما تتأخّر خطة السلام من قبل إدارة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، التي باتت معروفة إعلاميًا بـ”صفقة القرن”، فإنّ انسحابًا مستقبليًا من يهودا والسامرة، وهو الاسم التلموديّ للضفّة الغربيّة، سيضع إسرائيل أمام خطرٍ وجوديٍّ.
ولفت المُراسِل للشؤون العسكريّة في صحيفة (يسرائيل هايوم) العبريّة إلى أنّ الورقة البحثيّة التي وضعها الباحث العسكريّ هكوهين تُشكّك بفكر معظم كبار رجالات جهاز الأمن في الماضي وفي الحاضر، إذْ أنّه في لُبّ البحث، يُشدّد الجنرال هكوهين على أنّ تغيّر شكل الحرب في العقود الأخيرة من المواجهة التقليديّة بين الجيوش إلى مواجهاتٍ تُشرِك السكان المدنيين، يُلزِم باستمرار تواجد إسرائيل في المناطق التي لم تسلم بعد للفلسطينيين، على حدّ تعبيره.
الباحث العسكريّ استعرض في الورقة سلسلةً من السيناريوهات التي من شأنها أنْ تتطوّر إذا ما خرج الجيش الإسرائيليّ من مناطق (A) و (B) في الضفّة الغربيّة، وفي الوقت عينه يُحذّر من أنّه مثلما حصل في جنوب لبنان وفي قطاع غزّة، في حالة انسحابٍ إسرائيليٍّ، فإنّ المنظمات التي وصفها بالإرهابيّو ستجعل منازل المواطنين العرب في “يهودا والسامرة” ميادين قتال، من خلال تلغيم الشوارع وجعلها مخازن للصواريخ مثلاً، كما أكّد.
بالإضافة إلى ذلك، جاء في الورقة البحثيّة أنّه تشوشّت حتى الاختفاء، والمقصود قدرة الفصل بين المجال العسكريّ والمجال المدنيّ، مُضيفةً أنّ ساحة الحرب تنقل إلى المجال المبنيّ وتدخل أساسًا إلى غياهب المجال المدنيّ، كما أنّها لفتت إلى مشكلةٍ مُتوقّعةٍ أخرى وهي حفر أنفاق من أراضي الدولة الفلسطينيّة إلى داخل إسرائيل.
وتابع الباحث العسكريّ الإسرائيليّ هكوهين قائلاً إنّ تجريد الدولة الفلسطينيّة من السلاح ليس قابلاً للتحقق، مثلما ثبت بشكلٍ لا لبس فيه من الفشل المُدّوي في تجريد قطاع غزة من السلاح في إطار مسيرة أوسلو، بالإضافة إلى ذلك، يُوضِح هكوهين بأنّ المنطق الحربيّ لحزب الله، الذي تبنّته حماس، ستتبنّاه على نحو شبهٍ مؤكّد الضفّة الغربيّة المُحتلّة بعد الانسحاب الإسرائيليّ، على حدّ قوله.
وبناءً على ذلك، جزم الباحِث العسكريّ بأنّه في هذه الظروف، في كلّ حالةٍ يُنفّذ فيها هجومًا عسكريًا من الدولة الفلسطينيّة نحو إسرائيل، سيجد جيش الاحتلال صعوبةً في الردّ بالهجوم مثلما حصل في لبنان وغزة.
عُلاوةً على ذلك، شدّدّ الجنرال هكوهين في ورقته البحثيّة على أنّ الحديث يجري عن سيناريو أمنيٍّ خطيرٍ للغاية، فالتواجد بين المدنيين يجعل الجيوش مكشوفةً أمام الهجمات التي نعتها بالإرهابيّة، وفي هذه الظروف، تابع، من شأن القوة المُهاجِمة أنْ تتكّبد إصابات عديدة، ناهيك عن خسائر واسعةٍ في أوساط السكان المدنيين بشكلٍ من شأنه أنْ يؤدّي إلى فقدان الشرعية داخليًا ودوليًا لدرجة المخاطرة في تحقيق أهداف الحرب، بحسب زعمه.
كما حذّر هكوهين من قتالٍ متعدّد الجبهات مثلما هو متوقع منذ اليوم في لبنان وسوريّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ السيناريو القتاليّ المُتزامِن في قطاع غزّة ولبنان بات يعتبر منذ الآن سيناريو معقولاً، فما بالك أنّ القطاع سيشكل جزءًا من الدولة الفلسطينيّة التي ستقوم، مُوضِحًا أنّ انضمام التهديد من دولةٍ فلسطينيّةٍ في يهودا والسامرة، من شأنه أنْ يُعرّض ردّ الجيش الإسرائيليّ ويضعه في ضائقةٍ شديدةٍ، قال الجنرال هكوهين.
وفي الوقت الذي يؤيّد الكثيرون من كبار رجالات الساحة السياسيّة-الأمنيّة في كيان الاحتلال بوجوب الانفصال عن الفلسطينيين، يعتقد هكوهن بأنّ الوضع الحاليّ تحديدًا، حيث يوجد استيطانٌ إسرائيليٌّ في عمق المنطقة، يجلب منفعةً سياسيّةً وأمنيّةً كثيرةً.
واختتم الباحِث العسكريّ ورقته البحثيّة بالقول إنّه يكفي النظر إلى مصاعب القتال التي تُواجِهها جيوش العالم في العقود الأخيرة، وعلى نحوٍ خاصٍّ في أفغانستان والعراق وسوريّة ضمن أمور أخرى، وبشكلٍ أساسيٍّ في مناطق مأهولةٍ كبيرةٍ مثل الموصل في العراق وحلب في سوريّة، كي نفهم عمق الغرور وانعدام المسؤولية اللذين يظهران في تجاهل الخطر الأمنيّ-الاستراتيجيّ الوجوديّ الكامن في انسحابٍ إسرائيليٍّ شاملٍ من يهودا والسامرة، أيْ الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وغور الأردن وإقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ في هذه المناطق، على حدّ تعبير الجنرال هكوهين.