متى انتصرت إسرائيل؟! خالد صادق

الثلاثاء 27 نوفمبر 2018 07:15 م / بتوقيت القدس +2GMT



حالة الخوف والفزع التي تصيب الزعماء العرب من "إسرائيل" واللهاث خلفها لأجل كسب ودها, وشحذ واستجداء مساعدتها, واستجلاب عطفها, ليس له ما يبرره, فإسرائيل كيان ضعيف لا يستطيع حماية نفسه, وهى تلقي بنفسها في حضن الإدارة الأمريكية كي تدافع عنها وتدفع عنها الأعداء, وهذا الكيان "اللقيط" يحمل عوامل ضعفه في داخله, وجبهته الداخلية هى نقطة ضعفه الكبرى, وهى أول ما ينهار داخل هذه المنظومة المتهالكة, وإذا كانت تفزعكم تهديدات نتنياهو أيها الزعماء والمتنفذين العرب, فإنها لدى الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ليست أكثر من فقاعات هواء, وتشبه إلى حد بعيد ما تحدثه طائرات "الاف 16" من تفريغ هواء في سماء غزة لإرعاب المواطنين, وهى في النهاية صوت صاخب ليس له أي تأثير حقيقي على ارض الواقع, نتنياهو لا يخيف ولا يمكن لتهديداته الخرقاء ان ترعبنا لأننا نعرف كيف نواجهها وبأي أسلوب. 
دعونا نقف على حقيقة واضحة ونسأل أنفسنا متى انتصرت "إسرائيل" على العرب والفلسطينيين, في حربها عام 1948م, لم تنتصر علينا العصابات الصهيونية بل كانت بريطانيا هي التي تقاتل وتدعم اليهود بقوة وتمرر مخططات التمكين لهم على ارض فلسطين بخداع الزعماء العرب الذين قالوا أننا نوافق على إقامة اليهود المساكين على ارض فلسطين والتعايش معهم, ولم تقاتل الجيوش العربية دفاعا عن فلسطين آنذاك, وفي نكسة 67 قاتلت الجيوش العربية بأسلحة فاسدة, وتم التأمر عليها داخليا وخارجيا, ولم تحارب إسرائيل لتنتصر, بل ارتكبت مجازر جماعية بحق المدنيين الفلسطينيين والعرب, وتعاون الغرب كله مع "إسرائيل" ليكفر عن جريمته فيما يسمى ياسطورة "المحرقة", وصدرت "إسرائيل" بشاعتها للعالم العربي الذي أصيب بالفزع من هول الجرائم والمجازر التي نفذتها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين والعرب, أي ان اليهود قاتلوا بمنطق العصابات المجرمة وليس الجيوش النظامية, أما في حرب 73 فحاربت الجيوش العربية وانتصرت, ثم جاءت حرب 82 على لبنان وتكبدت "إسرائيل" خلالها خاسر فادحة على يد الفدائيين الفلسطينيين واللبنانيين, وانسحبت من بيروت مهزومة مدحورة, وفي حرب تموز 2006م تكبدت "إسرائيل" خسائر فادحة على يد المقاومة اللبنانية ومقاتلي حزب الله, وفي عدوان 2008 و2012 و 2014م على غزة فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها والقضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة, وحتى العملية العسكرية الأخيرة التي سميت بحرب الأربعين ساعة كانت نتائجها كارثية على الاحتلال, وأبدت المقاومة الفلسطينية تطورا عسكريا كبيرا في أدائها القتالي , وكبدت الاحتلال خسائر فادحة, وانتهت جولة القتال بإخفاق كبير للاحتلال حيث سقط وزير الحرب المجرم أفيغدور ليبرمان, واندلعت تظاهرات كبيرة داخل مدن الاحتلال تطالب حكومة نتنياهو بالاستقالة. 
لو قرأ الزعماء العرب بعناية تاريخ هذا الكيان, وتدارسوا أهم المحطات التي مرت بها "إسرائيل" لعلموا أنها ليست ذاك الكيان الذي لا يقهر, وان مشوارها العسكري الطويل في منطقتنا العربية مليء بالهزائم والإخفاقات, وأنها اوهن واضعف واجبن بكثير من ان يعتمدوا عليها لتحمي عروشهم, ولا تملك سوى الاستقواء بأمريكا والاختباء وراء ظهرها لحمايتها من الفلسطينيين, "إسرائيل" التي تئن من ضربات المقاومة في غزة, وتعجز عن الإمساك بالفدائي الفلسطيني البطل اشرف نعالوه, وتفشل في حماية جنودها ومستوطنيها من عمليات الطعن البطولية التي ينفذها أبطال فلسطين في الضفة والقدس, من يستند على جدار "إسرائيل" المتهالك سيهيل الجدار على رأسه, ولن يستطيع ان يغسل العار الذي علق بثوبه, وسيبقى محل سخط ونقمة لدى شعبه, لكن السؤال الذي يراودنا دائما متى يدرك العرب أنهم بوحدتهم وتلاحمهم وتماسكهم يستطيعوا ان ينتصروا على "إسرائيل", متى يدركون أنهم بما يمتلكون من مقدرات طبيعية وثروات هائلة يستطيعوا ان يؤثروا على علاقة هذا الكيان المجرم بالغرب والإدارة الأمريكية, كي يدركون أنهم بمقاطعتهم لإسرائيل, وإبقائها في عزلتها يقصرون من أيامها على ارض فلسطين, ويهددون وجودها واستقرارها. 
"إسرائيل" دولة مهزومة, وتحمل في داخلها عوامل فنائها, ولا يمكن ان تتعايش في المنطقة بسلام لأنها دولة تقوم على الإرهاب, ولا تستطيع ان تعيش إلا في أجواء فاسدة وموبوءة, وهى تدرك جيدا انها غريبة على المنطقة وغير مقبولة فيها, وتدرك ان مصيرها إلى زوال, ولكنها تحاول ان تعيش لأطول فترة ممكنة, فلا تمنحوها ذلك بخوفكم منها وخشيتكم من مواجهتها, فزوال "إسرائيل" حتمية قرآنية.