وكأنّ اللي فينا لا يكفينا ..صادق الشافعي

السبت 22 سبتمبر 2018 12:50 م / بتوقيت القدس +2GMT



بالتأكيد نحن لسنا شعباً من الملائكة ولا نخلو من أخطاء البشر وخطاياهم وانحرافاتهم.
 لكن ما نعيشه، وكما تنقله وسائل الإعلام من بيانات رسمية عن الجهات المعنية يقدم صورة أعلى، وربما بكثير، من المعدل العادي المقبول. هذا يعني ارتفاع معدل القتلى والمصابين، والمدمنين والمنحرفين والفاسدين أيضاً.
وكأنّ اللي فينا لا يكفينا.
وكأن الضحايا التي تسقط منا يومياً وكل ما تقوم به قوات الاحتلال من قتل واعتقال وتوسع استيطاني وسن قوانين وتشريعات عنصرية ومصادرة اراض وحملات تنكيل بالأسرى و..و..  وكلها تنشر في نفس وسائل الإعلام ايضاً وبشكل شبه يومي،  كأنها لا تكفي.
من واقع البيانات الرسمية للجهات المعنية نتناول اربعة مجالات.
* في مجال حوادث المرور:
 - بيان في 30 آب الماضي "مركبات غير قانونية تدهس ( وتقتل) ضابطاً وشرطياً".
هذا الحادث والبيان حوله شكل الذروة لعدد لا يحصى من بيانات شبه يومية عن مشاكل المرور وحوادثها وضحاياها.
- "وحررت الشرطة منذ بداية العام 112 ألف مخالفة مرورية...."
-  في 1/8 "ادارة شرطة المرور سجلت وقوع 1303 حوادث سير في محافظات الضفة الشهر الماضي (فقط) نتج عنها وفاة 16 شخصاً وإصابة 996 بجروح مختلفة، حالة 12 منهم خطيرة ..." 
- " شرطة المرور انزلت عن الشارع 1271 مركبة لا تتوافر فيها شروط السلامة..."
وكأنّ الكيل قد طفح  لتعلن الشرطة في اوائل الشهر الحالي انها " قررت تفعيل بعض مواد قانون المرور الفلسطيني وتشديد الرقابة لمواجهة ارتفاع نسبة حوادث السير و... ".
وبدأنا بعدها نقرأ عن توقيع مخالفات وغرامات وتنزيل سيارات وسحب رخص  وتوقيفات.
أما لماذا لم تكن هذه المواد من القانون تفعّل من قبل؟
فيمكن التجاوز عن السؤال لصالح الترحيب بهذا التطور والأمل باستمراره والمواظبة عليه. ولصالح السؤال حول كفاية القانون الحالي وعقوباته، أم أنه بحاجة الى تطوير وتعظيم للعقوبات.
* في مجال المواد الغذائية المهربة وغير الصالحة للاستهلاك الآدمي.
- حسب "الأيام الإلكترونية" في 8/8 "ضبطت طواقم الضابطة الجمركية فجر اليوم شاحنة محملة بالدجاج اللاحم من بضائع المستوطنات الممنوع تداولها بالأسواق الفلسطينية.... وبالفحص والتدقيق تبين ان مصدره (الدجاج) إحدى المستوطنات في منطقة الأغوار. وهو ممنوع من التداول، اولاً وفقاً لأحكام القانون الذي يمنع ويحظر تداول بضائع المستوطنات (فما بالك وهو لا يحمل اي شهادات طبية او صحية)"
- "أفصحت الإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني اليوم(6/8) عن قيام طواقمها بالتعاون مع لجان أُخرى ... بضبط قرابة 89 طناً من المنتجات والسلع الغذائية التي شكل اغلبها منتجات غير وطنية ( مهربة) وتم ضبط 43 طناً من منتجات المستوطنات".
هل يعقل وهل يجوز ان يستمر هذا الأمر بهذا الشكل؟ وهل يجوز ان "يهجم" المتسوقون الفلسطينيون على الشراء من متاجر الاحتلال في الأيام التي يسمح لهم بالوصول اليها؟
هل يجوز ذلك في الوقت الذي تنظم فيه الحملات تدعو دول العالم وشعوبه لمقاطعة
دولة الاحتلال وبشكل خاص منتجات المستوطنات، وتحقق نجاحات جيدة فيها؟
الأهم، الا يؤشر ذلك الى ضرورة زيادة وتقوية حملات التوعية اولاً، ثم الى ضرورة مراجعة القوانين وتغليظ العقوبات اذا لزم الامر؟
* في آفة المخدرات،
الحديث هنا لا يتعلق فقط بالتعاطي المنتشر والذي تجهد دولة الاحتلال على تغذية انتشاره بين الشباب وبالذات في مدينة القدس وجوارها. الحديث هنا هو عن زراعة المخدرات.
- آخر بيانات الشرطة يوم الأربعاء الماضي "ضبطت شرطة الخليل اليوم مشتلاً كبيراً للمخدرات يحتوي بداخله على 2600 من أشتال القنب الهندي المهجن المخدرة......."
 -  في 28/7  "أكد مصدر في جهاز المخابرات العامة بمحافظة الخليل عن ضبطه لأكبر مصنع ومشتل للمخدرات وزراعة الحشيش والماريجوانا في محافظة الخليل وانه ضبط 1200 شتلة قنب هندي ... وان قيمة المضبوطات قدرت بخمسة ملايين شيكل قبل التصنيع. وأضاف ان هذه المنطقة تقع ضمن المناطق سي  ... والخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية.
-  في 15/9 "تمكنت الشرطة من ضبط 101 شتلة من نوع القنب المهجن في بلدة صانور قضاء جنين مزروعة على سطح الطابق الثالث..."
الملاحظ في زراعة هذا الآفة ان المشاتل تتركز بشكل خاص في المناطق الحدودية مع دولة الاحتلال، ما يؤشر الى إمكانية تعاون مع عصابات مخدرات داخلها.
 ومع التقدير لجهود الجهات الأمنية في ملاحقة هذه الآفة، فمن الواضح انه بقدر ما تتطلبه معالجة آفة المخدرات بشكل عام من دراسة اجتماعية وحملات توعية منظمة، فإنها تتطلب تعزيز القوانين وتغليظ العقوبات والضرب بيد من حديد وبتركيز خاص على أصحاب المشاتل ثم المروجين.. 
* في انتشار جرائم القتل بشكل لافت وغير مبرر في معظم مناطق الوطن، يلعب الدور الأساسي في انتشار هذه الظاهرة بالتأكيد الحالة النفسية وحالة الاحتقان الناتجان عن الظروف غير الطبيعية التي يعيشها شعبنا.
ويلعب دوراً مساعداً فيها أحد أوجه الموروث الاجتماعي المتمثل بعرف العطوة. وذلك حين يتعدى العرف دوره المحمود في وقف انتشار القتل المتبادل والثأر بين العائلات، يتعداه الى تخفيف العقوبة على القاتل وربما الى إلغائها.
وذلك في تجاوز وربما تعدٍ على نصوص القانون وهو ما تجب معالجته بالطرق المجتمعية اولاً كما بالطرق القانونية أيضاً.
واضح ان بعض الجوانب في حياتنا تحتاج الى تحديث وتفعيل القوانين وتغليظ بعضها.
لكن الأهم بكثير انها تحتاج الى جهد استثنائي وضروري في العمل الاجتماعي الواسع، وفي النشاط التوعوي.