نعم سننتصر ولكن ..حمادة فراعنة

السبت 18 أغسطس 2018 01:40 م / بتوقيت القدس +2GMT
نعم سننتصر ولكن ..حمادة فراعنة



وحّدنا الشهداء حول أمننا ونظامنا، وتنادى كل منا حسب موقعه للتنديد بكل أفعال التطرف والإرهاب وتداعياته لأسباب جوهرية:
أولاً: لأننا لا نرغب بالعنف وسيلة للتغيير والتبديل للوضع القائم مهما بدا من متاعب وفقر وسوء الخدمات وغياب البرنامج الوطني الجمعي الذي يفتح على الأمل والتطور التدريجي نحو العدالة والديمقراطية وتداول سلطة اتخاذ القرار بناء على إفرازات انتخابات نيابية نزيهة.
ثانياً: ولأننا تعلمنا وتلقينا شواهد ودروساً من نتائج الربيع العربي المدمرة التي أطاحت بليبيا وسورية والعراق واليمن وقبلهم الصومال، واستنزفت مصر ودمرت موارد الخليجيين المالية، ولذلك صمدنا أمام موجات التدفق الإرهابي، رافضين مظاهر العنف وأولوياته ومقدماته التي شردت وجوّعت السوريين والليبيين والعراقيين واليمنيين، وتمسكنا بأولوية الأمن على حساب العيش الذي يليق بنا، فالأمن له الأولوية على مطلبي العدالة والديمقراطية، إضافة إلى أهمية تحسين الخدمات والرعايات التعليمية والصحية والاجتماعية.
سياسة التطرف كخيار جهادي وأدواتها بهدف التغيير والوصول إلى السلطة لديها عوامل دافعة لدى أصحابها يقف في مقدمتها إحساسهم بعدم القدرة في الوصول إلى الهدف من خلال الأساليب المدنية والسلمية والقانونية، والعوامل الحاضنة تسهل لهم مهام الاختيار وفي طليعتها الفقر المنتشر في الريف والبادية وأحياء المدن المكتظة ولدى المخيمات، والفقر عنوان واسع يحتاج لمعالجات حكومية واقعية وفتح سُبل الحياة والاختيار لا أن نبقى معلقين في الهواء ننتظر الربيع المقبل.
توسيع قاعدة الشراكة عبر الانتخابات إحدى أهم الأدوات السياسية للمعالجة وفتح الأبواب للذين يتطلعون للمشاركة في مؤسسات صنع القرار عبر الانتخابات، وهذا يتطلب سرعة البت بقانون انتخاب وطني يقوم على القائمة الوطنية على مستوى المملكة، وتوحيد الأردنيين ضمن قوائم جامعة بدلاً من القوانين التي تمزق الأردنيين ولا توحدهم عبر القوائم الجهوية الضيقة.
لقد ورثنا سيطرة سياسية وفكرية قامت على التحالف بين القوى المحافظة، التي شكلت حوائط صد طوال الخمسين سنة الماضية ضد أي اتجاهات ديمقراطية أو ليبرالية تتطلع إلى الشراكة في مؤسسات صنع القرار، والتخلص من مفاهيم ونفوذ الشمولية والتفرد والجهوية، ولم تسلم ذوات تطور وعيها المحافظ نحو الإيمان بالتعددية وضرورة الاحتكام لصناديق الاقتراع وشيوع القيم المدنية على أساس العدالة والديمقراطية، لم تسلم من الأذى والتصنيف، مثلما لم تسلم قيادات من «الإخوان المسلمين» كانت حليفة للاتجاه المحافظ أمثال سالم الفلاحات ورحيل الغرايبة ومد الله الطراونة وغيرهم تطور وعيها وخيارها نحو الإيمان بقيم العصر دون أن تتخلى عن مرجعياتها الإسلامية العقائدية ولكنها تحررت من القيود المحافظة بحثاً عن خيارات أكثر استجابة للعصر ومتطلبات التعددية الديمقراطية وشروطها، وتمردوا على عقلية التفرد والسيطرة والاجتهادات السلفية التي لا صلة لها بالعصر الذي نعيشه، ما يتطلب التخلص التدريجي من تبعات الماضي، وفتح نوافذ مغلقة للاتجاهات الوطنية والقومية واليسارية والليبرالية لأنها تشكل مداميك الحرص على أمن الوطن والتنافس السلمي المدني الديمقراطي للحفاظ عليه وتطويره.
لقد شهدت أوروبا ظاهرة العنف اليساري، في ألمانيا بادر ما ينهوف، وفي إيطاليا الجيش الأحمر، وفي اليابان كذلك وتم معالجتها بالانفتاح والمزيد من الديمقراطية مصحوبة بالمعالجة الأمنية، وطالما أن المعالجة الأمنية موجودة وناجحة لدينا، فنحن نحتاج لاستكمال ذلك عبر المعالجات السياسية والفكرية والديمقراطية إلى جانب المعالجات الاقتصادية والاجتماعية الملحة.