القدس ليست بحاجة إلى لجان فقط....جاك يوسف خزمو

الخميس 16 أغسطس 2018 12:28 م / بتوقيت القدس +2GMT



عدة لجان رسمية وشعبية تم تشكيلها خلال السنوات الماضية من أجل وباسم القدس، وضمت معظم هذه اللجان شخصيات نحترمها ونكنُّ لها كل التقدير. ومجالس هذه اللجان تجتمع بين فينة وأخرى، وتصدر بيانات ونداءات، وكذلك إدانات للإجراءات والمخططات والمشاريع الإسرائيلية التي تهدف الى المزيد من التهويد لمدينة القدس وما حولها.
وهذه اللجان تفتقر الى الميزانيات للقيام بمشاريع حيوية للحفاظ على الوجود العربي في المدينة، وتفتقر الى خطط استراتيجية فعّالة لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية الفعلية المطبقة والمنفذة على أرض الواقع. ويشعر ابن القدس بأن هذه اللجان «إعلامية»، ولإظهار الاهتمام الرسمي بالقدس، ولكن على أرض الواقع لا تفعل شيئاً ملموساً، ولا تعزز الوجود العربي، بل بصورة غير مباشرة تشكل له عبئاً ثقيلاً في الحفاظ على وجوده، ومزيداً من المعاناة في مواجهة الاجراءات والقرارات والقوانين الإسرائيلية النافذة والمطبقة على أبناء المدينة العرب جميعاً!
عندما يتم الإعلان عن تشكيل لجنة لدعم القدس، وفي خارج القدس، وأعضاؤها ليسوا من القدس جميعاً، تقوم إسرائيل بسلسلة إجراءات وقائية ضد هذه اللجنة من خلال منع فتح أي مكتب لها داخل مدينة القدس، وترصد فوراً المزيد من الأموال الإضافية لتنفيذ مشاريع استيطانية وغيرها لتعزيز الوجود اليهودي في المدينة، وكذلك القيام بسلسلة من المضايقات والمداهمات لتجار وأبناء المدينة رداً على تشكيل مثل هذه اللجنة التي هي اسمية وشكلية وليست فاعلة.
ولا بُدّ من الاعتراف والقول بكل شجاعة وجرأة ووضوح أن معظم هذه اللجان هي بالفعل لجنة واحدة، لأن العديد من الشخصيات هم أعضاء في كل هذه اللجان، ولذلك فالأفضل تشكيل لجنة واحدة فعّالة مع ميزانية مرصودة لتنفيذ خطة عمل واضحة وهادئة لا تحتاج الى دعاية. فأي لجنة تعلن أنها ستفعل الكثير، فهي لن تفعل شيئاً لأن العمل الهادئ والفعّال أفضل من بيانات وتصريحات لا تفيد بل تعيق النضال للحفاظ على الوجود العربي.
لقد سمعنا عن تخصيص عشرات الملايين من الدولارات للقيام بمشاريع في القدس، ولكن لا يلمس المواطن المقدسي وجود دعم.. فقبل مجيء السلطة الوطنية الى الوطن، كانت القدس تعج بالمؤسسات العديدة، ولكن اليوم معظم هذه المؤسسات أُغلقت بأمر من الاحتلال أو نتيجة تقصير في توفير الدعم لها.. وكذلك تقصيرنا تجاه القدس أدى الى دعم إجراءات التهويد، وخاصة في مجالات عدة ومن أهمها التربية والصحة.
نرحّب بالاهتمام بالقدس، ونرحب بتشكيل لجان دعم حقيقية، ولكننا نرفض أن تكون «القدس» كتفاً يتسلق عليه الانتهازيون للحصول على أموال لا تُصرف إلا على برامج تخدم فقط فئة ما، ولا تخدم أبناء القدس جميعاً. 
تحتاج القدس إلى أفعال وليس الى أقوال، تحتاج إلى خطط مدروسة ومشاريع حيوية، تحتاج إلى الكثير من العمل. ولكن هل هناك من يلبي ولو جزءاً مما يحتاج إليه أبناؤها، وتحتاج إليه المدينة نفسها. 

* رئيس تحرير مجلة البيادر.