الأحزاب الدينية الحريدية تبتز الائتلاف الحكومي في الوقت الضائع ... سليم ماضي

الخميس 08 مارس 2018 12:57 م / بتوقيت القدس +2GMT
الأحزاب الدينية الحريدية تبتز الائتلاف الحكومي في الوقت الضائع ... سليم ماضي



لم تترك الأحزاب الدينية الحريدية (شاس ويهدوت هتوراة) فرصة لتحقيق مآربها الحزبية إلا واستغلتها، حيث تتمتع هذه الأحزاب بقوة مساومة كبيرة في المفاوضات الائتلافية لتشكيل الحكومة الإسرائيلية بعد كل انتخابات.

وتفضل التكتلات الكبيرة (الليكود, المعسكر الصهيوني العمل سابقاً وغيرها) التآلف مع هذه الأحزاب– أو مع قسم منها– لاعتبارات تتعلق بسهولة الاتفاق معها. ولعل في تتبع تاريخ الحكومات الإسرائيلية ما يقطع بأن جل هذه الحكومات قد شارك فيها حزب ديني حريدي أو أكثر, إذ أدى موقع الدين في الدولة وتركيبها السكاني بجانب تطلعات كل طرف في كل ائتلاف إلى أن شاركت الأحزاب الدينية (الحريدية), على نحو شبه دائم في الائتلافات الحكومية. فهذه القوى تتطلب في الدرجة الأولى, مراعاة بعض التقاليد الدينية مثل المحافظة على قدسية "أيام السبت", وتعديل "قانون من هو اليهودي", كما أن هذه القوى تطلب ثمنا ماديا لالتحاقها بالائتلاف.

إلى جانب مطالبها التقليدية التي اتفقت منذ تأسيس الدولة عليها في اتفاقية (الوضع الراهن) مع بن غريون عليها وهي: عدم التجنيد وتوفير التعليم الديني (الحريدي). الائتلاف الذي يترنح نتيجة لقضايا الفساد التي تلاحق رئيس وزراءه بينامين نتنياهو، لم يعد يخشى سقوطه نتيجة لذلك فحسب، بل تلاحقه عواصف أخرى، حيث تهدد الأحزاب الحريدية بالانسحاب من الائتلاف الحكومي إذا لم يمرر قانون التجنيد الذي ينص على اعفاء الطلاب التوراة من الخدمة العسكرية، الأمر الذي يرفضه وزير المالية كحلون مطالباً التصديق على قانون الميزانية قبل 30 مارس وإلا سينسحب من الائتلاف، أيضاً يرفض التصويت على قانون التجنيد كلاً من ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا وكذلك نفتالي بينت رئيس حزب البيت اليهودي، ورئيس حزب هناك مستقبل.

الذين يطالبون بفرض قانون المساواة في تحمل الأعباء، ويتهمون الأحزاب الحريدية بأنها عبأ وطني على المجتمع والدولة. تدرك هذه القوى متي وكيف تستغل الفرص لتحقيق ما تريد، وبالرجوع للتاريخ لمعرفة قدرة وقوة هذه الأحزاب على الابتزاز، حيث نجحت هذه الأحزاب في اسقاط حكومة الوحدة الوطنية بين (حزبي العمل والليكود) عام 1990 الذي كان يتزعمها شامير، كما أفشلت هذه الأحزاب شمعون بيرس الذي خلف شامير لتشكيل الحكومة، حيث كان من الطبيعي أن تعود الأحزاب الدينية الحريدية لممارسة دورها المألوف عشية تشكيل كل ائتلاف حكومي, ولهذا فقد شهدت الفترة الممتدة من سقوط الحكومة الثالثة والعشرين وحتى تشكيل الحكومة الرابعة والعشرين, ما لم تشهده "إسرائيل" قبل ذلك من كل صنوف الابتزاز وأساليب المساومة. وقد توصل "شامير إلى تشكيل ائتلاف حكومي ضيق, وذلك بعد اثنين وأربعين يوما من المساومات والابتزازات المتبادلة, وبعد ثمانية وثمانين يوما من استمراره كرئيس حكومة مؤقتة. كما أسقطت هذه الأحزاب حكومة براك عام 2001.

منذ نشأة ما يسمى بدولة إسرائيل وجميع الحكومات حاولت إلغاء "قانون طال" الذي أتاح الاستمرار على نطاق واسع تأجيل الخدمة العسكرية الإلزامية لطلاب المدارس الدينية، لكنها عجزت أمام قوة مراوغة ومساومة وابتزاز هذه الأحزاب، فيما سقطت أحزاب أخرى ومسحت عن الخريطة الحزبية لأنها تحدت الأحزاب الحريدية، منها لا على سبيل الحصر حزب (شينوي) عام 2003، فقد حصلت شينوي على 15 مقعداً في انتخابات 2003 وكان شرطها لدخول حكومة شارون فرض الخدمة العسكرية على الأحزاب الحريدية وعدم مشاركتهم في الحكومة، وقد نجحت في ذلك فيما لم تحصل القائمة على أي صوت في انتخابات 2006 ومسحت عن الخريطة.

بإعتقادنا أن الائتلاف الحاكم سينهار إذا لم تحقق الأحزاب الدينية الحريدية ما تطالب به، خاصة وأنها تدرك أن انتخابات مبكرة ستكون نتائجها أفضل لها مما هي عليه الآن، لذلك سيسعى رئيس الحكومة جاهداً لإرضاء هذه الأحزاب في محاولة منه لانقاض الحكومة.