ماذا يترتب على استمرار تعطيل المصالحة .. احمد الريس

الأربعاء 07 مارس 2018 03:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
ماذا يترتب على استمرار تعطيل المصالحة .. احمد الريس



الجميع يترقب الحالة السيئة التي يعاني منها المواطن الفلسطيني على مدار سنوات الانقسام الداخلي وما نتج عنه من مآسي ودمار طال كل مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية حتى التعليمية، والتي لا تٌخفى على أحد إن كان من قيادة الشعب الفلسطيني أو الفصائل بما فيهم طرفي الانقسام .


بلا شك الوضع كارثي ويستوجب حكمة فائقة للخروج من الأزمة الخانقة التي يعاني من الكل الفلسطيني .


أولا : على الصعيد الداخلي هناك حالة احتقان ستؤدي في أي لحظة إلى الانفجار في وجه الجميع ، وفي اعتقادي كل المؤشرات الحالية تؤكد إلى أن الشعب وصل إلى أعلى درجة من تحمل تبعات الضغوط التي مورست طوال الأعوام السابقة ولا تزال .


وهنا علينا أن نتذكر جيداً بداية الانتفاضة الأولى التي أٌطلق عليها انتفاضة الحجارة والتي انطلقت في 8 ديسمبر كانون أول 1987 من مخيم جباليا ثم انتقلت إلى كل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية. حيث الشرارة الأولى حينما قام سائق شاحنة صهيوني بعملية دهس لمجموعة من العُمال الفلسطينيين على حاجز ما يسمى
" إيرز " والتي بدأت بشكل من أشكال الاحتجاج العفوي على الأوضاع المذرية وانتشار البطالة وإهانة الشعور القومي ، وممارسة القمع الذي كانت دولة الكيان تمارسه على أبناء شعبنا في كل مكان .


إن كل الأدوات في تلك الفترة مقارنةً بالظروف التي يعاني منها أبناء شعبنا في مختلف مجالات الحياة منذ سنوات الانقسام والحصار حاضرة في المشهد الحالي .
على الجميع أن يٌدرك بأن حالة الصمت لن تستمر من قبل المواطنين والمتتبع للجينات الفلسطينية يعي بأنه خُلق حر. ولا يقبل بأن يكون تحت تأثير الخنوع والتلاعب بين طموحات ذاك الطرف أو ذاك،ومواصلة حياة مليئة بالضنك والحاجة .

على صعيد الاستحقاقات التي تعطلت جراء استمرار حالة الانقسام
إن استمرار الظروف السيئة التي تعصف بالوطن في ظل الانقسام أدى إلى عدم تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية بحيث تضم جُل الفصائل والقوى الفلسطينية وفق أسس ديمقراطية والإبقاء على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ، وذلك وفق اتفاق القاهرة في مارس عام 2005 . كما جاء في وثيقة الوفاق الوطني في يونيو 2006 .


وبما يتلاءم مع المتغيرات على الساحة الفلسطينية ، وبما يسمح لقدرة منظمة التحرير بالقيام بمسؤولياتها اتجاه أبناء شعبنا في الوطن والشتات ، والدفاع عن حقوقه الوطنية والسياسية في المحافل الدولية والإقليمية .


كما استمرار حالة الانقسام شكل عائقاً أمام تشكيل مجلس وطني جديد يمثل كل القوى والأحزاب الوطنية والإسلامية . وأمام التوافق على تحديد ولاية المجلس الوطني وعلى موعد انتخابات للمجلس الوطني وإمكانية وضع أسس وآليات له .


استمرار حالة الانقسام شكل عائقاً على وضع معالجات للقضايا المصيرية في الشأن السياسي والوطني وما يلزم لها من قرارات .


- استحقاق الانتخابات :
الاستمرار في حالة التأرجح حول تطبيق المصالحة إلى عدم إتاحة الفرصة أمام تهيئة المناخ لتحديد موعد للانتخابات الرئاسية والتشريعية .
كما أنه كان عائق أمام توقيع ميثاق شرف بين جميع القوى من شانه أن يضمن إجراء انتخابات دورية تمتاز بالنزاهة والجدية والشفافية في موعدها المحدد .


استحقاق الأمن :
استمرار الانقسام يعيق إمكانية صياغة القوانين الخاصة بالأجهزة الأمنية وطبيعة المهام الموكلة لها وفق ما تتطلبه المصلحة الوطنية . كما لهذا الاستمرار في حالة عدم الوئام وقف عائقاً لوضع قوانين تُحرم أن تخضع تلك الأجهزة إلى الحزبية والفصائلية وأن تكون مهنية بحثه . وان جميع قوى الأمن تخضع لمحاسبة ومساءلة أمام المجلس التشريعي . وكذلك غياب قانون يقضي بإخضاع  كل ما تملك الأجهزة الأمنية من أسرار ومعلومات تدخل السرية التامة ويُجرم من يقوم باختراقها او التلاعب بها .
والاستمرار في حالة التشرذم وعدم تنفيذ المصالحة يقف عائق أمام الحصول على قرار من شأنه كفالة حقوق كل المقيمين على الأراضي الفلسطينية من مواطنين وأجانب لهم الحق في ان يتوفر لهم الأمن والأمان دون تمييز مهما كان انتماؤه أو جنسه أو لونه أو معتقداته .
كما غياب تنفيذ المصالحة يقف عائق أمام قرار يقضي بتجريم إعطاء أي معلومات أو تخابر مع العدو أو معلومات عن المقاومة الفلسطينية واعتبارها خيانة عظمى .
واستمرار أزمة المصالحة يقف عائقاً أمام تجريم ونبذ الاعتقال السياسي مما يكفل حرية الرأي في فلسطين ، وكذلك ضرورة اعتماد قانون يقضي على احترام الأجهزة الأمنية لحقوق الشعب في المقاومة والدفاع عن الوطن .


واستبعاد الأجهزة الأمنية عن أن تكون أداة في الخلافات السياسية والتجاذبات بين القوى والفصائل وتجريم التخوين للمؤسسة الأمنية . على اعتبار أنها الجدار الحصين لضمان استقرار الوطن .


عدم تطبيق المصالحة يقف عائق أمام إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية وفق معايير وأسس وطنية ، والتي تعتمد على التالي :


جعل الانتساب إلى الأجهزة الأمنية على أسس مهنية ووطنية .
التأكيد على ما جاء في اللوائح والقوانين بما يخص قوانين الخدمة في المؤسسة الأمنية بحيث لا تستخدم وفق المزاج واللامهنية .
التهرب من انجاز قوانين خاصة بالأجهزة الأمنية  بما يكفل تنظيم العلاقة بينها ، وعدم التفرد وكذلك عدم التداخل في اختصاص كل جهاز .


استمرار الوضع على ما هو عليه منذ الانقسام حال دون أن يصدر قانون يمنع تشكيل أي قوة عسكرية خارج إطار الهيكلية المعتمدة من جهات الاختصاص .
ضرورة إصدار قوانين وتعديل قوانين من شأنها تجريم استخدام السلاح بعيداً عن المهام الوظيفية .
غياب تطبيق بنود المصالحة يشكل عائقاً أمام الأجهزة الأمنية أن تمارس عملها وفقاً للقانون والصلاحيات التي يمنحها .


غياب قانون يقضي بضرورة أن تخضع الموازنة لقوى الأمن وآليات الصرف إلى مبدأ الشفافية والرقابة والمساءلة أمام الجهات المخولة بذلك .
كما أنه يتوجب أن يتم إصدار قوانين واضحة ومحددة للمدة الزمنية التي تتناسب مع قادة الأجهزة الأمنية وآلية اختيارهم .


 إذا توافق الطرفان على تغليب المصلحة الوطنية العليا عن الطموحات والأماني والأطماع التي يريد كل طرف تحقيقها ستكون فرصة لتلاشي حالة الانفجار المرتقبة . وسيتحول هذا الكبت والضغط الشعبي إلى إيجابية إذا شعر بأن هناك رضا ملحوظ وفرصة تحقيق ما ينتظره منذ سنوات الانقسام والحصار والحاجة .


في تسوية كل الملفات العالقة والعمل على إنجازها بنزاهة وشفافية ولا سيما الملفات الكبيرة مثل اعتماد شهادات الخريجين من المؤسسات الأكاديمية التي تم إنشاؤها في ظل سنوات الانقسام ، والإسراع بمعالجتها بحكمة متناهية .


كما إيجاد حلول سريعة لاستيعاب الخريجين في إلحاقهم في وظائف دائمة باعتماد آلية مناسبة لإدراجهم .
العمل على وضع قانون عاجل وسريع لدائرة العلاج بالخارج كي تضمن حصول المواطنين على فرصة تلقي العلاج في المستشفيات دون تمييز وتحت مبدأ عالي من الشفافية والنزاهة كي يحصل عليها كل فئات المجتمع الفلسطيني على حد سواء .
كما ضرورة وضع خطط وبرامج في وزارة التضامن الاجتماعي كي تتناسب مع حجم الضرر الذي أصاب المجتمع للحد من حالة التسول والحاجة من ضمن الظواهر السلبية التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني خاصة في السنوات الأخيرة .


ضرورة العمل على دعم الاقتصاد الفلسطيني وإدراج قوانين تتناسب مع البيئة المحلية وما يحتاج من مشاريع استثمارية لدمج أكبر كم ممكن من الأيدي العاملة .
ضرورة الانطلاق نحو المجتمع الدولي بجبهة داخلية متينة للتصدي للمخططات
 " الصهيوأمريكية " وصفقة القرن . وتعزيز هذا التحرك بدعم داخلي وخارجي من قبل الشعوب العربية لمساندة القضية الفلسطينية وأهمية هذا الدور خاصة أن المقدسات الفلسطينية شأن فلسطيني عربي إسلامي .


إذا تضافرت الجهود والاصطفاف يداً بيد ستتحقق أماني شعبنا للوصول بأقصر الطرق إلى الأهداف السامية التي يطمح لها شعبنا بما يتناسب وحجم الألم الفلسطيني .