دنيا وبسام بين فكي معبر يمنع نظرة الوداع..نسرين يموسى

السبت 17 فبراير 2018 10:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT



اه يا بسام 

صرخة دوت في كل الفضاءات , لم تصل بسام وحده, ووصلت كل القلوب حتى التي لا تعرفه, من شدة غصتها ,التي جعلت صاحبتها تتلوى ألماً وهي في القاهرة بعيدة عن رفيق دربها الذي وافته المنية فجأة.
دنيا الأمل إسماعيل الشاعرة والصحافية والناشطة ,زوجة الحقوقي بسام الأقرع , تجردت من كل ألقابها , وصرخت بصوت المرأة, توقفت كل أمالها على إلقاء نظرة واحدة, نظرة وداع أخيرة, لن تراه بعدها.
الخبر لم يقف أمامه معبر رفح, ووصل إليها, دون بسام, المعبر قسى عليها, سيوارى جثمانه, دون أن تمسك يداه , وتتشابك أصابعهما, في إشارة طمأنينة منها لروحه, أن ارقدي في سلام يا روح حبيب العمر , وكل أمانينا باقية , وستكون حلقة الوصل بيني وبينك, حتى لو كنت في زمان ومكان, غير مكاني وزماني.
الحضن الأخير, والنظرة الأخيرة,ووصاياها له, ورسالتها التي كتبتها على هاتفها , وجاءها إشعار وصولها إلى هاتف رفيقها, لكن بلا رد منه, كل ذلك صدته لعنة معبر رفح, معبر قتل الشعور , معبر الموت للأحياء قبل الموتى.
غادر بسام ونصفه الآخر بعيدا عنه, دققت روحه في وجوه المودعين, لم تكن ,شعر بها, بصرخاتها, بشوقها لضمه, حتى يكون دافئاً في ثراه, وترك سريره , ورائحته تعبقه حتى يتسنى لابنته التي برفقتها ولها , أن تعوضا وداعه الذي كان مستحيلاً.
الكل تمنى توقف الساعة وتأخير صلاة الجمعة, حتى يتسنى لدنيا توديع رفيقها ,لكن لا الساعة توقفت, ولا الصلاة تأخرت, وفقط نخوة المماطلين في تنفيذ المصالحة هي التي توقفت , واستمرت لعنة أزمة توابعه ومنها المعبر .
كل الأحلام والآمال تندثر على بوابة المعبر أو خلفها , في الأمس ناشدت احداهن للتوجه إلى خطيبها, لكن للأسف باءت محاولاتها بالفشل, وجلست قبالة فستان زفافها تحتضنه بعيناها وصورة المعبر الموصد بابه تتغلب على حلمها.
ماذا بعد من نناشد لينقذنا من الموت المحتم , بسبب المرض الذي أصبح من الصعب السفر إلى علاجه, أو من الموت ونحن نناشد لنودع حبيباً غادر الحياة.
وفقط المعبر مكتوب على اسم وفود المصالحة, مرة تذهب وأخرى تعود,بلا نتائج وفقط نتيجة واحدة هي لا تحلموا في غزة, سنعذبكم أكثر ولن نتصالح.
في غزة نحن أموات ,بفعل فاعل,نعم الفاعل هو الذي يرجئ تسهيل العقبات , لتنصرف لعنة التعقيدات عنا.
ماذا نفعل؟ مشاعرنا أصبحت لعبة يتقاذفها طرفا الانقسام ,ولا حياة لمن تنادي.
دنيا ليست الوحيدة التي ماتت مرتين,مرة عند وفاة زوجها حبيبها,ومرة حين تجمدت أحبالها الصوتية وهي تودعه عبر هاتفها الذي لا يوصل حزنها وشوقها لضمة الوداع.
دنيا وغيرها ستلعنكم يا قادة التماطل.
كفوا عن تعذيبنا فلم يعد أي طاقة للاحتمال.
نموت في اليوم ألف مرة على أعتاب تخاذلكم,سيلعنكم التاريخ وأول اللاعنين ضمائركم.
وداعا بسام, كلنا شيعناك بصحبة صوت دنيا الذي استصرخنا أن نمشي بجنازتك ونودع روحك ,ونلعن الساسة المتآمرين على قتلنا ببطء,وشيعنا آدميتنا على بوابة معبر يذبحنا .