قلق وتوتر وخوف في غزة من احتمال شن إسرائيل عدواناً رابعاً

الأحد 05 نوفمبر 2017 09:02 ص / بتوقيت القدس +2GMT
قلق وتوتر وخوف في غزة من احتمال شن إسرائيل عدواناً رابعاً



الحياة اللندنية

تُتيح شمس العصر أو ما قبل الغروب لمليوني فلسطيني يعيشون حياة ضنكة في قطاع غزة أن يروا بوضوح الطائرة الاسرائيلية الصغيرة من دون طيّار، التي يُطلقون عليها «الزّنانة».

ولم تعد شمس الغروب الذهبية، التي تميل للحمرة كلما اقتربت من «الغطس» في البحر المتوسط مساء، إذ تنعكس على جسم الطائرة الصغيرة، مثاراً لـ «الرومانسية»، بل مصدراً للرعب من موت يحلق في سماء القطاع على مدار الساعة.

ويتواصل طنين عشرات، بل ربما مئات الطائرات الصغيرة، على ارتفاعات منخفضة فوق رؤوس الغزيين، لدرجة يشعر كل واحد منهم أنه يعيش داخل خلية نحل لا يتوقف نحلها عن الطيران ليحط فوق الزهور قبل أن تعود لتنتج عسلاً طيباً في حياة لهم.

لكن الغزيين يشعرون، مع طنين هذه الطائرات المتواصل، أن القلق والتوتر سيد الموقف، بل إن اسرائيل استبدلت طبول الحرب بطنينها، وإن الموت يقترب منهم أكثر فأكثر.

ومن بين طنين «الزّنانات» جاءت تصريحات رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو بأنه يبحث للفلسطينيين عن «نموذج جديد» لدولتهم العتيدة المنتظرة.

وبين طنين «الزنانة» وطنين نتانياهو، وتوقعات بأن تشن الدولة العبرية حرباً جديدة على القطاع، أو لبنان، أو المنطقتين معاً، وفي هذه الأجواء المكهربة، على رغم أن التيار لا يصل بيوت الغزيين منذ نيسان (أبريل) الماضي سوى أربع ساعات يومياً، فإن الغزيين باتوا يتندرون على أنفسهم.

وقال أحدهم ساخراً: «هل ستكون دولتنا الموعودة من نتانياهو بطعم الشيكولاتة، أو الكراميل، أو الفانيلا مثلاً؟ أم كالعادة بطعم الموت؟!».

ومع ذلك يشعر معظم الغزيين بالقلق والتوتر والخوف من احتمال شن عدوان اسرائيلي رابع على القطاع، لن يقتل البشر ويدمر الحجر ويحرق الشجر وحسب، بل سيدمر مصالحة وليدة، جاءت بعد عشر سنوات من الحزن والحصار والفقر والبطالة.

وفي السياق يقول قائل: «أجت الحزينة تفرح لم تجد لها مطرح».

وتزامن هذا القلق والتوتر مع استمرار السلطة الفلسطينية في فرض «العقوبات» على القطاع، التي أقرها الرئيس محمود عباس اعتباراً من نيسان (أبريل) الماضي، والمتمثلة في عدم دفع قيمة 50 ميغاواط من أصل 120 ميغاواط من التيار الكهربائي التي تزود بها إسرائيل القطاع.

كما أن عباس أوعز لرئيس الحكومة رامي الحمد الله بحسم نسب تتراوح بين 30 في المئة و 88 في المئة من رواتب موظفي السلطة في القطاع البالغ عددهم نحو 65 ألفاً، فضلاً عن إحالة أكثر من ستة آلاف موظف منهم إلى التقاعد القسري، علاوة على تقليص تمويل الأدوية والتحويلات الطبية، وحرمان عائلات أسرى وشهداء من مخصصاتها المالية.

وفي وقت توقع الغزيون أن تتراجع السلطة عن هذه العقوبات والغاءها، شعر سبعة آلاف موظف حكومي بالصدمة عندما توجهوا الخميس الماضي الى البنوك لاستلام رواتبهم الشهرية فاكتشفوا أنه تمت إحالتهم على التقاعد المبكر قسرياً، من دون مجرد ابلاغهم بالقرار أو أخذ رأيهم.

وقال موظفون إن كثيرا من زملائهم لم تتجاوز أعمارهم 45 عاماً، وبعضهم لم يتجاوز الـ36 عاماً، تمت إحالتهم على التقاعد.

ونشر أحد النشطاء على حسابه على «فايسبوك» صورة يظهر فيها الرئيس عباس والى جواره عدد من قادة حركة «فتح» وعلق قائلاً: «قيادة تتجاوز الثمانين تُحيل شباباً في الثلاثينات من أعمارهم إلى التقاعد الإجباري؟!».

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فالغزيون توقعوا أن تتخذ السلطة والحكومة الفلسطينية إجراءات مناسبة سريعة لـ «تحسين» أو «إنعاش» حياة الغزيين، الذين تتجاوز معدلات الفقر بين صفوفهم حاجز الـ60 في المئة.

لكن الغزيين خاب ظنهم، إذ لم تفتح السلطة معبر رفح الحدودي مع مصر، على رغم تسلمه الأربعاء الماضي تنفيذاً لاتفاق المصالحة الجديد في الثاني عشر من الشهر الماضي في العاصمة المصرية.

ووفقا لدائرة المعابر والحدود في حركة «حماس»، التي كانت تسيطر على المعبر منذ الانقسام عام 2007 وحتى الأربعاء الماضي، فإن نحو 26 ألف غزي راغبين في السفر سجلوا أسماءهم لدى الهيئة.

ويشعر هؤلاء بالقلق على رغم تطمينات مسؤول هيئة الشؤون المدنية في القطاع صالح الزق، الذي أكد أن الأولوية في السفر عبر المعبر الى الخارج ستكون لهؤلاء، وهم مرضى وطلبة وحملة اقامات في دول عربية وأجنبية.

وعبّر كثير من الغزيين في أحاديث منفصلة لـ «الحياة» عن قلقهم من أن تدب الفوضى في المعبر الذي تنوي السلطة فتحه منتصف الشهر الجاري تزامناً مع توقيع «بروتوكول رايس» (نسبة إلى وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس) في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، أي غداة اعادة قوات الاحتلال الاسرائيلي انتشارها من داخل القطاع الى خارجه في 12 أيلول (سبتمبر) من العام ذاته.

وفي السياق، أبدى بعض الفلسطينيين استغرابهم إصرار السلطة الفلسطينية على العودة الى العمل بـ «بروتوكول رايس»، الذي يقضي بوضع آلات تصوير موجهة مباشرة الى وجوه المسافرين لدى ختم جوازات سفرهم، موصولة بحواسيب فلسطينية في المعبر، موصولة بدورها مع حواسيب اسرائيلية موجود في غرفة تحكم في الجانب الاسرائيلي من معبر كرم أبو سالم القريب، علاوة على وجود فريق من المراقبين الأوروبيين أيضاً.

وألغت «حماس» العمل بهذا البروتوكول في المعبر طيلة السنوات العشر، التي سيطرت فيها على القطاع.

وانتقد عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق هذا الإصرار من جانب السلطة الفلسطينية، وقال إن «بروتوكول رايس» انتهى»، ولم يُطرح في الحوارات، ومصر ليست جزءاً منه».

واعتبر أبو مرزوق في تغريدة على حسابه على «تويتر» أن «إدارة المعبر باتت وطنية»، متسائلاً: «لماذا الإصرار على الوجود الاسرائيلي بعودة (المراقبين) الأوروبيين» المكلفين كتابة تقارير لاسرائيل عن الأداء الفلسطيني في المعبر؟».