غزة تتألم بصمت ..سليم ماضي

الثلاثاء 18 يوليو 2017 01:45 م / بتوقيت القدس +2GMT
غزة تتألم بصمت ..سليم ماضي



لقد اعتاد الناس في غزة على كتمان أوجاعهم وآلامهم دون إحداث ضجيج في الشارع، ووجدوا سبيلهم في تفريغ هموهم  وشكواهم عبر صفحات السوشيال ميديا (الفيس بوك وغيرها) أو الجلسات الضيقة وأيضاً أثناء تنقلهم في سيارات الأجرة، وبالرغم من تراكم وتفاقم الأزمات في قطاع غزة إلا أن الناس لازالت بعيدة كل البعد عن استخدام أساليب ثورية لتغيير حياة الظلم والظلام الواقعة على كاهلهم؛ ورغم أن كل عمل ثوري يحتاج الى مجموعة من المفاعيل والعوامل، فهناك ثمة أسباب عوامل جعلت الناس ترتضي هذا الواقع وتصبر وتصابر على تحمل آلامه أهمها : 
عامل الرعب والخوف عند الناس لا زال اقوى من عوامل العوز والفقر وأزمة الانقطاع وشح الكهرباء والمياه. 
الانقسام ولد ثقافة ملتبسة في الوعي لدى المواطنين في غزة. 
حالة من التيه تنتاب المواطنين بسبب تعقيدات الوضع السياسي (خلافات أبو مازن– دحلان, والسلطة برئاسة أبو مازن تعزي سبب استمرار الانقسام هو تعنت حماس ورفضها انهاؤه وحماس بدورها تدحض ذلك وتعتبر الرئيس أبو مازن السبب).
ولدت حماس ثقافة الفقر لدى الناس واستغلتهم بأساليبها المتنوعة كالطرود الغذائية وما شابه, وألهتهم في هموم الحياة وتعقيداتها. 
تاريخياً استخدمت الأنظمة العربية موروثي الأمن والدين كأدوات لإدامة حكمها, وحماس كونها حركة اسلامية فمن الطبيعي أن تحسن استخدام وتوظيف الدين. 
التداخل الاجتماعي وضيق المساحة الجغرافية لقطاع غزة سهل مهمة حماس الأمنية وأدى الى احكام قبضتها الحديدية. 
المصالح الاقتصادية والتجارية حيث أوجد الواقع الجديد واقع اقتصادي فاسد رغم هشاشته؛ تسيطر عليه فئة من التجار الجشعين والاستغلاليين, إضافة الى توظيف حماس لعشرات الالاف من الموظفين وربطت مصيرهم ببقائها. 
وجود الاحتلال؛ حيث يعزي البعض قيام أي حركات للتغيير والتمرد على الواقع الظالم بأنه سيقدم في المحصلة النهائية خدمة مجانية للاحتلال. 
اللامبالاة وعدم الثقة لدى الكثير من الناس وبعض فئات النخب السياسية والثقافية بعملية التسوية السياسية في ظل حالة الجمود السياسي التي تنتابها والتعنت الإسرائيلي وانزياح المجتمع الإسرائيلي أكثر نحو اليمين والتطرف. 

الأزمة الأخيرة بين السلطة و حماس فيما يخص اللجنة الإدارية التي شكلتها حماس كبديل لحكومة الوفاق وما تمخض عن ذلك من إجراءات عقابية تجاه غزة وموظفين السلطة أدت الى نتائج عكسية؛ لأنها آلمت الناس أكثر مما آلمت حماس. من جهة اخرى اتفاق حماس– دحلان خفف نوعاً ما من حدة الغضب والكراهية تجاه حماس وأوجد حالة من التفاهم والعمل المشترك. 
حالة الاغتراب السياسي وغياب الانتماء الوطني لدى فئة واسعة من الشباب؛ جعلت جل تفكيرهم يتمحور في الهجرة خارج الوطن لا في التغيير والبناء داخل الوطن. 
حالة الترقب والانتظار لما ستؤول إليه الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في قطاع غزة في ظل ضبابية المشهد السياسي وتعقيداته. 

إن حالة التيه والاغتراب والتشرذم التي تعيشها الحالة الفلسطينية, تحتاج الى إعادة صياغة الواقع الفلسطيني على أسس سليمة وضمن استراتيجية  وطنية تقوم على إنكار الذات الحزبية والفئوية, وبناء ثقافة وطنية مشتركة تؤسس لوعي جمعي يقوم على حب الوطن والتفاني من أجله قبل فوات الأوان, وإلا فإن السفينة سوف تغرق بالجميع ولن ينجو أحد؛ فالنيران ستلتهم الأخضر واليابس, كما هو الحال في بعض الدول العربية  للأسف.