الحريات العامة في غزة بين الواقع والمامول..د. جميل سلامة

الثلاثاء 22 نوفمبر 2016 11:15 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الحريات العامة في غزة بين الواقع والمامول..د. جميل سلامة



* مقدمــة:

أضحى مصطلح الحريات العامة اليوم من أكثر المصطلحات تداولاً في عالم اليوم، ويشكل موضوعها أبرز اهتمامات الشعوب والجماعات والأمم في العالم عموماً وفي الوطن العربي على وجه الخصوص حيث يشهد تحولات وتقلبات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية كبيرة وواسعة فجرت مكونات وموروثات دول المنطقة الدينية والعرقية والثقافية واستعرت معاركها الداخلية وأتت على الأخضر واليابس وحطمت تاريخ حضاري لمدن عريقة كما نرى اليوم في بغداد ودمشق وصنعاء... وغيرها من العواصم القريبة والبعيدة، وكان الإنسان فيها هو الضحية الأولى والأخيرة وكانت حرياته العامة والخاصة وانتهاكاتها المتعددة الوجه المظلم والصاخب لهذه التحولات، وفي هذا الخضم أصبح الإنسان العربي و الفلسطيني منه تواق لصون حقوقه وحرياته بعيداً عن سيف القهر والقمع والظلم والإرهاب المادي منه والمعنوي على حد سواء.

ولقــــد غدت الحريات العامة في زماننا المعاصر مقياس الحكم الرشيد وكرامة الإنسان وممارسته لحقوقه التي كفلتها أديان السماء وشرائعها وصانتها تشريعات وقوانين البشر والدول.

وفي بلادنا فلسطين التي تخضع للاحتلال الصهيوني وتشهد حكماً ذاتياً ممثلاً في السلطة الوطنية الفلسطينية هنالك تجربة وطنية للحكم وممارسة الحريات جزء رئيسي لا يتجزأ منها وهي عنوان و موضوع ورقتنا في هذا المؤتمر المبارك.

وقبل الولوج في توصيف هذا الواقع بما له وعليه نعرج على التعريف بمفهوم الحريات مروراً بمرجعياتها واطارها القانوني والتشريعي وصولاً إلى تسليط الضوء على هذه الحريات وأنواعها وممارستها وتجربة الحكم في قطاع غزة تحديداً بإيجابياتها وسلبياتها وبروح موضوعية غيورة على المصلحة العامة والوطنية العليا بعيداً عن المواقف والخلفيات السبقة، وتقييم هذه التجربة بما لها وما عليها لنخلص إلى جملة من النتائج والتوصيات التي ينبغي الأخذ بها والعمل بموجبها لتكريس حالة الحريات وكرامة المواطن في بلادنا باعتبار الإنسان أغلى ما نملك وأن أي اغتيال لكرامته المعنوية وحريته يجعل منه عدواً لوطنه وقيادته سيما ونحن نعيش حالة تحرر وطني من أخر احتلال في التاريخ.

* مفهوم الحريات :

يجدر التنويه هنا إلى وجود جدل فقهي حول تعريف الحريات العامة ومفهومها، ففريق يرى فيها الحقوق الأساسية للفرد أو الحريات الفردية وفريق آخر يرى فيها الحريات الجماعية وفريق ثالث يرى فيها كلاهما معاً، كما تتفاوت التعريفات بين من يراها قدرة الفرد على فعل ما يريد أو من يراها حق الناس أن يُحْكموا بإرادتهم، بيد أن التعريف الأشمل ما تضمنه إعلان حقوق الإنسان الفرنسي عام(1789م) " قدرة الإنسان على إتيان أي عمل لا يضر بالآخرين وأن الحدود المفروضة على هذه الحرية لا يجوز فرضها إلا بقانون"، وعليه فإن الحرية هي الأساس وأن الحقوق ممارسة لها.

وقد تناول القانون الوضعي تعريف الحريات العامة مع التمييز بين القانون العام والخاص، فالقانون بمفهومه العام عرفها بأنها "مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم سلوك الأشخاص ونشاطاتهم وعلاقاتهم ببعضهم البعض وتقره السلطة التشريعية في البلاد"، أمــا بمفهومه الخاص" فهي مجموعة من القواعد السابقة - في تعريف المفهوم العام - والتي تنظم نشاط وحياة الإنسان في جانب معين كقانون التعليم، الصحة، الزراعة... إلخ"، أمــا القانون الطبيعي فهو يستمد من طبيعته والذي يفرض نفسه في غياب القانون الوضعي.

وعليــه يمكن تصنيف الحريات إلى نوعين حريات فردية وأخرى جماعية، فالفردية هي اللصيقة بالأفراد كأشخاص مثل حق الشخص في اختيار اسمه وعمله وزوجه وسكنه وجامعته، أمـا الحريات الجماعية فهي التي تخص الجماعة سواء كانت صغيرة أو كبيرة مثل الحق في اكتساب الجنسية والحق في المقاومة والحق في السفر عبر المعابر والحق في الإنتخاب والترشيح... إلخ.

والجدير بالذكر أن الديمقراطية (حكم الشعب) اليوم كأسلوب ومنهج في الحكم في العديد من البلدان أصبحت أداة لممارسة الحريات العامة وحمايتها من خلال السلطات الثلاث " التشريعية – التنفيذية – القضائية " والفصل بينها والرقابة الشعبية... ونحوه.

* الإطار التشريعي الناظم للحريات:

ويشمل التشريع أحكام الدستور والقوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية المصادق عليها, ونكاد نجزم أن معظم - ان لم نقل - جميع التشريعات في العالم أفردت نصوصاً وفصولاً كاملة للحريات العامة في مرجعياتها التشريعية ومواثيقها، ونحن في فلسطين لسنا استثناءً على ذلك ويمكن تسليط الضوء على ذلك في التشريعات التالية:-

* الدستور ممثلاً في القانون الأساسي وتعديلاته: الذي يعتبر أسمى التشريعات في فلسطين ويتربع على رأسها وهو بمثابة دستور السلطة الوطنية ومرجعيتها، وقد نصت المادة الخامسة منه على أن " نظام الحكم في فلسطين نظام ديمقراطي يجب أن يقوم على أساس احترام الحريات العامة والحرية الشخصية وحقوق الإنسان عامة" وقد خصص الباب الثاني منه للحقوق والحريات العامة ( المواد 9- 33)، وقد نصت المادة التاسعة منه والمواد التالية على أن " الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة" .

* حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة وواجبة الاحترام.

* تعمل السلطة الوطنية الفلسطينية دون إبطاء على الانضمام إلى الإعلانات والمواثيق الإقليمية والدولية التي تحمي حقوق الإنسان.

* " الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس".

* لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقا لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي، ولا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون" .

وقد نصت المواد اللاحقة على أن " حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة وواجبة الاحترام وأن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس"، كما فصلت ذلك بالنص الصريح على احترام حرية الرأي والمعتقد والمساواة في الحقوق والواجبات أمام القانون والحرية الشخصية وحظر القبض على أحد إلا وفقاً للقانون ومنع التعذيب وحرية الرأي والإقامة والتنقل وحرمة المنازل والحياة الخاصة وحق العمل والسكن وحق المشاركة السياسية والحريات الإعلامية، والمواطنون أمام القضاء سواء وتكافؤ الفرص في العمل والتوظيف، بل ونصت أحكام القانون الأساسي على أهمية انضمام فلسطين إلى الإعلانات والمواثيق الدولية والإقليمية التي تحمي حقوق الإنسان والحريات.

أما مشروع دستور دولة فلسطين: الذي أتشرف بعضوية لجنة إعداده إلى جانب نخبة من ممثلي الفصائل وساسة وحقوقيين بارزين فقد تم النص فيه في باب كامل حول الحريات والحقوق ويتضمن بالتفصيل شتى أنواع الحريات الفردية والجماعية معاً.

كما تضمنت القوانين المحلية بأنواعها سيما القضائية ومنها على سبيل المثال لا الحصر قانون السلطة القضائية وقانون الإجراءات الجزائية وقانون مراكز الإصلاح والتأهيل وقانون العقوبات، و من أبرزها لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وكل إنسان بريء حتى تثبت ادانته بحكم قضائي قطعي ونهائي، ولقد جاء في قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001م - المادة (29)" لا يجوز القبض على أحد أو حبسه إلا بأمر من الجهة المختصة بذلك قانوناً، كما تجب معاملته بما يحفظ كرامته، ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً"، والمادة (125) "لا يجوز توقيف أو حبس أي إنسان إلا في مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون) وأماكن التوقيف المخصصة لذلك بموجب القانون. لا يجوز لمأمور أي مركز قبول أي إنسان فيه إلا بمقتضى أمر موقع من السلطة المختصة ولا يجوز له أن يبقيه بعد المدة المحددة بهذا الأمر".

كما أن فلسطين دولة موقعة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعتبر الدستور الأممي للحريات في عالم اليوم إلى جانب العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق السياسية والدينية وكذلك الاقتصادية والاجتماعية... إلخ التي تصبح بحكم القانون قوانين محلية بعد المصادقة عليها والانضمام لها.

ويبقى التحدي الأساسي هو تطبيق هذه النصوص الجميلة والضامنة للحريات على أرض الواقع حتى لا تبقى حبراً على ورق.

* مرجعية الحريات:

تتنوع مصادر ومرجعيات الحريات في فلسطين شأنها في ذلك شأن البلاد الأخرى، وتتفاوت بين الإلزام المادي والمعنوي، وبين الديني والوضعي كما يلي:

1. الدين: فجميع الأديان السماوية نصت على حرية الإنسان وحقوقه وكرامته، وجعلت الإنسان في مصاف كل شيء سواء الإسلام أم المسيحية أم اليهودية، وديننا الإسلامي السائد في بلادنا كرم الإنسان وفضله على أغلب مخلوقاته مصداقاً لقوله تعالى" ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلاً"، وهذا التكريم السماوي لبني البشر جاء بعد أن خلق الله الإنسان في أحسن هيئة وشكل كما جاء في قوله تعالى" لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" سورة التين آية 4، وكانت خطبة الوداع للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم أول وثيقة لحقوق الإنسان و دستوراً لحريات الإنسان فشكلت صمام أمان وضمانة لحرية الإنسان وحقوقه " أيها الناس إن أموالكم ودماءكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه...." وجاءت أعمال الخلفاء في هذا المضمار امتداداً لسيرة النبي عليه السلام فهذا الخليفة الثاني عمر بن الخطاب يقول" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" وسنبقى أحراراً ، وجعل الإسلام من المساس بهذه الحريات والتعدي عليها جريمة تستوجب القصاص والعقاب وتشكل حياة جديدة للناس كما جاء في النص القرآني " ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب".

2. العرف: العرف هو مصدر من مصادر التشريع في الإسلام والقانون الوضعي، وهو مجموعة من القواعد السلوكية التي أعتاد الناس على العمل بها حتى أصح لها طابعاً أدبياً ومعنوياً الزامياً لهم ينبذ من يتجاوزها، وهذا العرف 

رغم تفاوته بين المحمود والمذموم إلا أنه ينص في أغلب الأحوال على حرية الإنسان وصون هذه الحريات وعدم التعدي عليها سواء ما يتعلق بها بالنفس أو المال أو العرض أو الأهل... إلخ ووضع العقوبات المشددة للمساس بها يدعم ذلك القاعدة الفقهية الثابتة " المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً".

3. القانون: يحتل القانون المرتبة الأولى في مصادر ومرجعية الحريات لا لسبب إلا للطابع الإلزامي النافذ له وفرضه للعقوبات السالبة للحرية والمادية على مخالفة نصوصه وأحكامه أو الإمتناع عن الإلتزام بها وتنفيذها، وتتعدد درجات التشريع بين نصوص دستورية وقوانين وأنظمة ولوائح وقرارات.. ونحوها، وتنص المنظومة التشريعية في فلسطين كما سنفصلها لاحقاً على الحريات العامة كأساس للتشريع في فلسطين وقد تمثل ذلك في القانون الأساسي والقوانين الأخرى وجعلت هذه التشريعات حقوق الإنسان وحرياته أساساً للسياسة التشريعية في فلسطين على أن يضطلع القضاء بإيقاع العقوبات على مخالفتها.

* واقع الحريات في قطاع غزة:

الموضوعية العلمية والمهنية في أي شيء تقتضي تحري الموضوعية الرصينة والصادقة دون افراط أو تفريط وبعيداً عن الذاتية والمواقف المسبقة أو بمعنى أخر توصيف الشيء بأمانة ماله وما عليه.

وعلى هذا الهدي نوصف واقع الحريات في قطاع غزة, و لا نريد أن نتحدث عن وجه مشرق وآخر مظلم ولكن نريد أن نتناول الجانب الإيجابي (حيث واقع الحريات في قطاعنا الحبيب يشهد إيجابيات عديدة نعايشها واقعاً ولا ينكرها العدو قبل الصديق ) وبالمقابل السلبي (أي النظر للنصف الآخر من الصورة وتناول سلبيات ومنغصات هذا الواقع من أجل الحقيقة الكاملة دون زيادة أو نقصان) ، و رغم تعدد أنواع الحريات و ممارساتها الا أنني سأتناول أبرز أنواعها و أكثرها شيوعاً في الواقع المعاش وذلك على النحو التالي:-

1. الأمن المجتمعي(الفردي والجماعي):- حيث يعيش الناس في القطاع أمناً مشهوداً سواء على المستوى الشخصي أو مستوى الجماعة يأمن فيه الناس على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم, وبالرغم من حالات القتل والسطو والسلب التي تتم بين الفينة والأخرى هنا وهناك وهنالك ازدياد مضطرد وملموس فيها في الآونة الأخيرة كقضية قتل السيدة أم بسام البدري والسيدة/ شفا سالم... وغيرها إلا أنها جرائم تحدث في كل المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء, فالجريمة الأولى في الأرض تمت بقتل قابيل لأخيه هابيل ومنذ ذلك الحدث والجريمة موجودة في المجتمع البشري وفي سائر أنحاء المعمورة.

والقطاع يشهد وضع حد لسلاح العائلات العبثي والهمجي ولحالة الفلتان الأمني و الزعرنات الهوجاء, والشرطة والأجهزة الأمنية تتدخل عادة في الوقت المناسب لحالات اختراق الأمن العام وسكينة المجتمع.

- سلبياً: من الواضح أن هنالك تصاعد ملموس في معدل الجريمة في المجتمع الغزي حيث تنتشر بشكل متتابع عمليات القتل الفردي سيما لفئات كبار السن ممن يسكنون وحدهم خاصة فئة النساء، وهنالك شواهد عديدة على ذلك كان آخرها السطو على منزل سيدة مسيحية مسنة في حي الرمال بمدينة غزة وسرقة أموال ومجوهرات تملكها ورغم ملاحقات الشرطة والأمن لهؤلاء المجرمين إلا أن المواطن يشعر بفقدان أمنه الشخصي وحماية ممتلكاته الخاصة نسبياً وينتابه الرعب والقلق من القادم المجهول سيما بعد طول الإجراءات القضائية وعدم التنفيذ الدوري والمنتظم لأحكام القصاص بحق هؤلاء الجناة.

2. الحق في المقاومة والإعداد:- نعيش في فلسطين تحت الاحتلال الصهيوني الجاثم على أرضنا ومنذ بدايات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية مستمرة رغم حالات المد والجزر فيها، وبعد انسحاب الاحتلال من قطاع غزة حصل تمكين غير مسبوق للمقاومة وأصبح لديها العدد والعتاد لمقارعة الاحتلال وصد اعتداءاته، وتشترك في هذه المقاومة الفصائل الإسلامية والوطنية على حد سواء دون أي ضغوط أو محاسبة لأجنحة المقاومة باستثناء ضوابط ومحددات التنسيق الميداني والسياسات العامة للمقاومة، وبالتالي هامش التحرك والإعداد متاح وقائم دون ملاحقة للمقاومة أو مراقبة لها، وهذه ميزة يتحلى بها القطاع سيما أن شرعية المقاومة مكفولة في القانون الدولي لشعبنا و سائر الشعوب الواقعة تحت الاحتلال.

بيد أن بعض فصائل المقاومة تشكو من مضايقات أحياناً بحاجة إلى إجابات مقنعة من الجهات المختصة صانعة القرار.

3. حرية السفر والتنقل:- رغم الحصار المفروض على قطاع غزة الصغير جغرافياً سيما بعد فوز حركة حماس بالإنتخابات التشريعية عام 2006 وتشكيلها الحكومة الفلسطينية برئاسة السيد/ إسماعيل هنية والطوق الجغرافي الذي يحيط بقطاع غزة من طرف دولة الاحتلال ومصر وكلاهما يعادي الحكومة القائمة في غزة ويفرضان حصارا مشددا عليها يشمل المعابر المحدودة عبرهما والتي توصل قطاع غزة بالعالم الخارجي، ورغم الإغلاق الكبير والمتواصل لمعبر رفح باستثناء أيام معدودة خلال العام فإن المواطنين يسافرون بحرية إلى الخارج دون قيود باستثناء ما تفرضه سلطات المعبر المصرية من إجراءات أمنية ورقابية مشددة، والحال كذلك على معبر بيت حانون (إيرز) الخاضع للسيطرة الإسرائيلية ولإشراف أمني مباشر من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والذي لا يستطيع اجتيازه إلا من لهم سلامة أمنية لدى سلطات الاحتلال ورغم ذلك فحرية السفر والتنقل عبره نشطه ويتحرك المواطنون من خلاله دون قيود.

- سلبياً: يعاني العديد من المواطنين من المنع من السفر عبر معابر قطاع غزة سواء مع مصر أو مع الاحتلال ورغم تفهم المنع القضائي و وجوب احترامه سواء صدر عن المحاكم المختصة أو عن النيابة العامة باعتبار سلطة القضاء تعلو ولا يعلى عليها إلا أن هنالك العديد من حالات المنع على خلفية سياسية وحزبية كمنع بعض نشطاء حركة فتح الفصيل المنافس لحركة حماس أو على خلفية مناكفات إدارية أو سياسية كالمنع الأخير للدكتور كمال الشرافي مستشار الرئيس محمود عباس ورئيس مجلس أمناء جامعة الأقصى على خلفية أزمة الجامعة المستمرة بين غزة ورام الله، والأصل أنه لكل مواطن الحق الدستوري والقانوني بالتنقل داخل الوطن وخارجه دون أي قيود تذكر باستثناء المنع القضائي تكريساً لمبدأ سيادة القانون.

التجمع السلمي وحق عقد الإجتماعات العامة: هنالك حالة إيجابية بوجه عام لممارسة هذا الحق الدستوري الذي نصت عليه المادة (26) من القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور المؤقت) والتي تنص على أنه " للفلسطينيين حق المشاركة في الحياة السياسية أفرادا وجماعات ولهم على وجه الخصوص الحقوق الآتية: تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها وفقا للقانون. تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط والأندية والمؤسسات الشعبية وفقا للقانون. التصويت والترشيح في الانتخابات لاختيار ممثلين منهم يتم انتخابهم بـالاقتراع العـام وفقـا للقانون. تقلد المناصب والوظائف العامة على قاعدة تكافؤ الفرص. عقد الاجتماعات الخاصة دون حضور أفراد الشرطة وعقد الاجتماعـات العامـة والمواكـب

والتجمعات في حدود القانون للمواطنين الحق في عقد الاجتماعات العامة والندوات والمسيرات بحرية، ولا يجوز المس بها أو وضع القيود عليها إلا وفقاً للضوابط المنصوص عليها في هذا القانون.

وكذلك أحكام قانون الإجتماعات العامة رقم12 لسنة 1998 سيما المادة (2) " للمواطنين الحق في عقد الاجتماعات العامة والندوات والمسيرات بحرية، ولا يجوز المس بها أو وضع القيود عليها إلا وفقاً للضوابط المنصوص عليها في هذا القانون" حيث تمارس الفصائل الفلسطينية إحياء مناسباتها الوطنية وذكرى انطلاقاتها وتمارس الجمعيات الأهلية اجتماعاتها والنقابات المهنية تظاهراتها والعوائل أفراحها... إلخ.

- سلبياً: رغم أن هذا الحق ممارس في الحياة العامة إلا أن هنالك انتهاكات واضحة له إذ يتم التعامل أحياناً من طرف السلطات المختصة بازدواجية وانتقائية فبعض التجمعات والتظاهرات يتم رفضها دون مسوغ قانوني سوى الخلفيات السياسية والمناكفات الحزبية، وقد قامت الحكومة بغزة بمنع العديد من احتفالات حركة فتح على أساس تعامل بالمثل مع رام الله على الرغم من أن هذا المنطق مرفوض تماماً ولا يجوز معالجة الخطأ بالخطأ والانتهاك بالإنتهاك وكان الأخطر فيها منع ذكرى إحياء استشهاد الزعيم ( ياسر عرفات) الذي هو قاسم مشترك للشعب الفلسطيني بكل مكوناته وأطيافه ويمثل الأب الروحي للوحدة الوطنية الفلسطينية، كذلك منع الحكومة بغزة لتجمعات حزب التحرير الإسلامي وهو حزب سياسي له حضور وطني رغم اختلاف برنامجه ومنهجه مع حماس وأغلب الفصائل الفلسطينية الأخرى، كذلك منعت الحكومة مؤتمراً لتجمع (وطنيون لإنهاء الإنقسام) وهو ائتلاف وطني عام يسعى للوحدة الوطنية إلى جانب تجمعات وتظاهرات لأطر سياسية واجتماعية ونقابية أخرى الأمر الذي يؤثر بشكل واضح على حرية ممارسة هذا الحق.

4. حرية الإعلام والصحافة: يشهد قطاع غزة كبؤرة ساخنة في العالم ونقطة صراع مستمرة اهتمام العالم ووسائل إعلامه المختلفة علاوة على الاهتمام المحلي في ظل الطفرة التكنولوجية والرقمية وشبكات الإنترنت حيث تتمتع وسائل الإعلام العربية والدولية بحرية العمل الإعلامي في قطاع غزة حيث تنتشر مكاتب ومحطات التلفزة والفضائيات المختلفة كالجزيرة والعربية والميادين والنيل ودبي و Cnn وBBc وTV1 والتلفزيون الألماني والياباني... إلخ، إلى جانب كبرى الإذاعات العالمية كصوت العرب وراديو مونتي كارلو والإذاعة البريطانية وإذاعة سويسرا، ومحلياً تعمل الفضائيات الفلسطينية المختلفة كصوت فلسطين وفضائية الأقصى والقدس وفلسطين اليوم والكوفية ومعاً...وغيرها وكذلك الإذاعات المحلية كالأقصى والقدس وصوت الوطن والشعب وألوان والأسرى...وغيرها إلى جانب مئات المواقع الإخبارية المختلفة كسما ودنيا الوطن وأمد وفلسطين اليوم وغزة الآن ...إلخ على فضاء الإنترنت المفتوح ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كالـface book وTwitter وInstagram ...إلخ.

سلبياً : رغم الفضاء الإعلامي المفتوح إلا أن هنالك في الواقع العديد من القيود السلبية على هذه الحرية فمثلاً نجد الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي سيما الفيس بوك face book واسع الإنتشار في المجتمع الفلسطيني سيما النشطاء السياسيين عليه حيث تم ويتم استدعاء العشرات إن لم نقل المئات من المدونين على خلفية آرائهم ومواقفهم وثم توقيف البعض منهم وأصبح هنالك رقيباً ذاتياً في نفوس المشتركين وخوف من العقاب والمساءلة وكذلك اختراق حساباتهم، والحال ينطبق أيضاً على خدمة البريد الإلكتروني E-mail حيث يشكو الكثير من القراصنة ( الهكرز) والعديد منهم يتبع لأجهزة أمنية حيث يتم مراجعة مراسلاتهم الشخصية وأحياناً جوالاتهم وهواتفهم النقالة الذكية ورسائلهم مما يشكل انتهاكاً لحرياتهم الإعلامية والإتصال ومنعهم من الإنتقاد إلى جانب

استدعاء العديد من الصحافيين وكتاب الرأي لمراكز الأمن والشرطة وأحياناً التحقيق والإهانة والتوقيف في أحايين أخرى وتقديمهم للقضاء مما يشكل قيوداً سلبية على حرية الإعلام والإتصال في القطاع، ولا ننسى منع صحيفة القدس المحلية العريقة من التوزيع في قطاع غزة إلى جانب صحف يومية أخرى بحجة التعامل بالمثل مع رام الله قبل الرجوع عن هذا الأمر وتصويبه.

5. الحق في التقاضي واللجوء للعدالة:

يعاني الغزيون مقارنة مع المجتمعات الأخرى حالة غير مسبوقة من الضغط النفسي والتوتر الاجتماعي والقهر المعيشي نتيجة الحصار المفروض على قطاعهم وحالة اللااستقرار السياسي والأمني فيه نتيجة الحروب والإعتداءات الصهيونية المتوالية عليه وهو الذي أدى لحالة من الدمار المهول في أحياء مختلفة من القطاع كشرق بيت حانون والشجاعية والزنة والزيتون وشرق رفح الذي خلف تدمير مئات المنازل والمنشآت الاقتصادية والدفيئات الزراعية وهجر الآلاف من السكان الأمر الذي خلق مستنقعاً هائلاً من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المختلفة وتفجر آلاف المنازعات بين السكان من جهة وبينهم وبين المؤسسات العامة والخاصة والأهلية من جهة أخرى، ورغم ذلك فان المحاكم بأنواعها في قطاع غزة مفتوحة للجمهور بكافة فئاته للتقاضي للفصل في منازعاته نحو رد الحقوق لأصحابها وإقامة قسطاس العدل وتوفير الأمن الاجتماعي دون أي قيود أو رقابة على ذلك.

سلبياً : تظهر الممارسات القائمة العديد من التجاوزات في ممارسة هذا الحق سيما في القضايا الجزائية التي تتضمن الحق العام والخاص على السواء، حيث يتم أحياناً الإفراج عن الموقوفين بعيداً عن القضاء والنيابة العامة وتكون اليد الطولى في ذلك للضابطة القضائية وللأجهزة الأمنية المتنفذة فضلاً عن تدخل بعض الأجهزة الأمنية في غير تخصصاتها كتدخلها في القضايا الحقوقية والمدنية وقضايا المخدرات والشبكات بدون رصيد ونحو ذلك الأمر الذي أفقد ثقة قطاع من المواطنين بجدوى مراجعة القضاء ودوره مما شكل مساساً بحرية التقاضي، علاوة على التعامل بانتقائية ودون مساواة في عمل لجان الإصلاح التابعة لرابطة علماء فلسطين ولجان الصلح العرفي والإجتماعي الأخرى.

6. الحرية الدينية:

رغم أن حركة حماس الحاكمة في قطاع غزة حالياً هي حركة إسلامية تحمل رؤية إسلامية وهي جزء من التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين إلا أنها لم تفرض أسلمة المجتمع بالقوة ولم تفرض تطبيق الشريعة الإسلامية على السكان وتركت الأمر لاستقرار سياسي واجتماعي قادم ومن خلال توافق وطني بين مكونات المجتمع، وهي لم تصادر نشاط جماعات الإسلامية الأخرى كجماعة الدعوة والتبليغ وحركة الجهاد الإسلامي والجماعات السلفية وحزب التحرير...وغيرها.

كذلك بالنسبة للمواطنين المسيحيين فلم يتغير شيئاً في حياتهم كجزء من الشعب الفلسطيني ولم يتم المساس بكنائسهم ودور عباداتهم وهم يمارسون شعائرهم وطقوسهم الدينية ومؤسساتهم التعليمية والاجتماعية بحرية بل وتعمل حكومة حماس على توفير الحماية لهم من أي تهديدات قد تلحق بهم.

* سلبياً: هناك جوانب ماسة بالحرية الدينية في قطاع غزة ورغم أنها محدودة إلا أنها تلقي بظلالها على الحياة العامة بالقطاع سواء على المستوى الإسلامي أو المستوى المسيحي .

* فعلى المستوى الإسلامي نجد تصدياً متشنجاً لنشر بعض المذاهب السنية الأخرى كالمالكية مثلاً، كذلك تعاملاً أمنياً مع الحالة الشيعية المحدودة بالقطاع بديلاً عن الحوار المحاجج والفكر المواجه، كذلك التعامل العسكري العنيف مع حالة السلفية الجهادية كجماعة عبد اللطيف موسى برفح والتي أدت إلى إزهاق أرواح عديدة في بيت من بيوت الله، وكان أعمال الحوار يشكل صمام أمان لمعالجة هذا الفكر المغالي والمتعصب ومحاصرته ... بالإضافة إلى نموذج العلاقة المأزومة مع حزب التحرير الذي يشكو من قهر سلطوي تمارسه حماس عليه... بالإضافة إلى نماذج أخرى عديدة.

* أما على المستوى المسيحي فيشكو الاخوة المسيحيون من عدم تمكينهم في قطاع غزة من تخصيص قطعة أرض كمقبرة لأمواتهم سيما بعد ازدحام مقابرهم الصغيرة القائمة دون أسباب مفهومة، كذلك تشكو طائفة الأرثوذكس الكبيرة من حرمانهم من إقامة كنيسة ثانية لهم في غزة رغم تخصيص الراحل ياسر عرفات قطعة أرض لذلك واستبدالها بمنتزه للبلدية بحجج وذرائع غير مقبولة وتمس بالحرية الدينية لهم، وهي قضايا تحتاج إلى تعامل جدي وسريع من طرف المسؤولين لمعالجتها للمحافظة على بلادنا كمهد للديانات السماوية وواحة للتآخي والتعايش بين أبنائها مسلمين ومسيحيين.

7. الإعتقال السياسي وحرية الرأي: مما لا شك فيه أن هذه الحالة اليوم - مقارنة مع الوضع عند بدايات الانقسام عام 2007 وما تلاها من سنوات - تعبر عن تراجع كبير لصالح سيادة القانون واحترام كرامة الإنسان وحريته، فحالياً نشهد حالة انحسار ملموسة للإعتقال السياسي الذي كان واسعاً في بداية تجربة الحكم لحماس في القطاع وكان أغلبها يهدف إلى فرض سيطرتها وهيبتها على القطاع سيما على منتسبي حركة فتح ورداً على حملات الاعتقال السياسي لأبناء حماس في الضفة الغربية والتي غالباً ما عكست الفعل وردة الفعل فضلاً عن حداثة أجهزة و مؤسسات الحكومة الوليدة في غزة وضعف تجربة الحركة في الحكم.

ورغم هذا التطور النوعي إلا أن هنالك العديد من التجاوزات حالياً على خلفية الموقف السياسي والرأي نتمنى أن يتم معالجتها بمهنية وحكمة ليأمن فيها الناس على حرياتهم ولتعزيز لغة الوفاق الوطني والشراكة السياسية المرجوة لإصلاح ووحدة النظام السياسي الفلسطيني.

8. حرية العمل الجمعوي والنقابي: تشكل الجمعيات الأهلية والمؤسسات النقابية في فلسطين والعالم ركناً ركيناً في مؤسسات المجتمع المدني وتكاد تشكل في أهميتها سلطة موازية للسلطة التنفيذية ودورها الحكومي العمومي وهي ضلع ثالث في مثلث التنمية إلى جانب القطاع العام والخاص، ولذلك حرية نشاطاتها تمثل مقياساً لعافية الحريات العامة أو تراجعها، ونجد اليوم نشاطاً ملموساً وحيوياً لعمل الجمعيات والنقابات في القطاع وتراخيصها وممارسة نشاطاتها رغم الحصار الظالم على القطاع وضعف التمويل الخارجي بسبب الحصار الناجم عن حكم حركة حماس إلى جانب تراجع الدعم الدولي للفلسطينيين لصالح مناطق أخرى مشتعلة في الإقليم كسوريا والعراق وملف الهجرة للغرب، ورغم ذلك فان هنالك قيوداً تفرض على عمل العديد من الجمعيات الأهلية والنقابات مقارنة بما تتمتع به الجمعيات التابعة لحماس أو المقربة منها، كما تصطدم بعض التجارب لتشكيل جمعيات جديدة معوقات وعقبات لنيل تراخيصها وممارسة نشاطاتها بذرائع عديدة البعض منها على خلفية سياسية وحزبية، أما واقع النقابات فهي منقسمة على خلفية الانقسام القائم وهنالك صراعاً بين اطر نقابية مستحدثة من حكومة حماس واطر

نقابية تقليدية تتبع م.ت.ف وهو ما خلق ازدواجية مقيتة جعلت من العمل النقابي ساحة اشتباك دائم بدلا من مهنيتها المطلوبة وخدمة منتسبيها.

// النتائج//

من سياق تناولنا للحريات في قطاع غزة وواقعها الإيجابي والسلبي نصل إلى خلاصة من النتائج على النحو التالي:-

1. لا يمكن الحديث عن حالة وردية للحريات في القطاع وكذلك لا يمكن الحديث بالمقابل أيضاً عن حالة مظلمة أو سوداوية، بل علينا مغادرة مربع اللون الأبيض أوالأسود في تقييم ذلك، و يمكن القول أن هذه الحالة مقبولة ولا بأس بها وهي في تطور ايجابي نسبي مضطرد وتحتاج لرافعة أو روافع لتعزيزها والارتقاء بها لتصل إلى الحالة المنشودة التي يرجوها شعبنا.

2. إن حالة الانقسام القائمة ألقت بظلالها السلبية على شتى مجالات الحياة في القطاع بما في ذلك الحريات وحداثة المؤسسات الحكومية الناشئة بعد ذلك وتواضع خبراتها وتجربتها علاوة على تنازع الشرعيات التمثيلية، وغياب وحدة النظام السياسي ومؤسساته ساهم في المساس بهذه الحريات وانتهاكها.

3. غياب مرجعية وطنية جامعة للنهوض بالحريات في القطاع والارتقاء بها ونشرها والرقابة عليها شكل نافذة لاختراق الحريات العامة والمساس بها وعدم تعميمها لدى الكل الوطني.

توصيـــــات عامـــة

1. أهمية اضطلاع لجنة الحريات وحقوق الإنسان في المجلس التشريعي بدورها كجهة رقابية على ممارسة الحريات العامة في قطاع غزة وكضامن لها كممثل لإرادة الشعب التي يجسدها المجلس التشريعي الفلسطيني.

2. أهمية تشكيل هيئة وطنية للرقابة على الحريات العامة تكون لها صفة تمثيلية ووطنية جامعة تشارك فيها جميع المكونات السياسية والاجتماعية والأهلية للخروج من مأزق الإتهامات السياسية والحزبية باعتبار المواطنة وكرامة الإنسان أغلى ما يملك شعبنا.

3. تكريس دور القضاء(نيابة ومحاكم) كضامن لحقوق الإنسان والحريات ومرجعية للفصل في منازعات الحريات وقضاياها المختلفة.

4. تعزيز الرقابة على مراكز الإصلاح والتوقيف والضابطة القضائية لدى الأجهزة الأمنية والشرطية والحكومية الأخرى حيث تكون عادة إنتهاكات حريات المواطنين الفردية والجماعية على حد سواء.

5. أهمية نشر الوعي والتثقيف القانوني بالحريات أفقياً وعمودياً سيما للجيل القادم في المدارس بدرجاتها المختلفة والمعاهد والجامعات لتصبح هذه الحريات ثقافة مجتمع وسلوك حضاري ممارس.

6. احترام دور الإعلام بأنواعه كسلطة رابعة في المجتمع وكجهة رقابة شعبية على ممارسة الحريات العامة وفضح الانتهاكات والتجاوزات لها حتى تشكل رادعاً لكل من تسول له نفسه العبث بهذه الحريات والاستئساد عليها.

7. الإلتزام بتوصيات وملاحظات وتقارير مؤسسات حقوق الإنسان الرسمية والأهلية كرقيب حقوقي ومهني على أي تجاوزات على ملف الحريات في بلادنا.

أخيـــــــــراً... لا مناص من الخروج من حالة التيه الوطني القائم والانقسام المرير التي دخل عقده الثاني لارساء مؤسسات دولة بكل معنى الكلمة وإعادة اللحمة والوحدة لنظامنا السياسي سواء على مستوى منظمة التحرير أو السلطة الوطنية على أساس الشراكة السياسية والوفاق الوطني ومن خلال عقد اجتماعي (Social Contract) جديد يشمل كل مكونات شعبنا نحو مجتمع جديد يسوده العدل وكرامة الانسان وسيادة القانون وحينها يمكننا القول أن الحريات الفردية والجماعية بخير وأن الوطن والشعب بخير أيضاً.