خبر : بعد تجرئه على إهانة نتنياهو ..هل ينتظر كاتس الإقالة ... اسماعيل مهره

الإثنين 05 سبتمبر 2016 02:28 م / بتوقيت القدس +2GMT
بعد تجرئه على إهانة نتنياهو ..هل ينتظر كاتس الإقالة ... اسماعيل مهره




مرة أخرى تشكل العلاقة بين المتدينين الحريديم والدولة أزمة ائتلافية تهدد بخروجهم من الائتلاف الحكومي، الأزمة الحاضرة حملت اسم "حرمة العمل أيام السبت" على خلفية نشر شركة قطارات إسرائيل مخططها لعمل الترميمات على الخطوط يوم السبت، مما أثار غضب الأحزاب الدينية التي عقدت لقاءً جماعيًا مع نتنياهو وهددت بأنه "إذا تمت ضربة مطرقة واحدة؛ سنستقيل من الائتلاف". نتنياهو الذي ذهل وارتبك أصدر قراره بوقف أعمال الترميم يوم السبت، ومن هنا سقط نتنياهو في فخ نصبه له وزير مواصلاته كاتس بإحكام، ليظهره - كما ظهر حقًا - كمستسلم للمتدينين على حساب تعطل حركة المواصلات يوم الأحد، بما في ذلك - والأهم من كل ذلك - المس بحركة تنقل الجنود إلى قواعدهم.
في مكتب نتنياهو سارعوا باتهام وزير المواصلات يسرائيل كاتس بأنه اختلق أزمة مع المتدينين وأخذ البلاد رهينة للمس بنتنياهو والانتقام لفشله عندما حاول الشهر الماضي تقليص صلاحيات نتنياهو داخل سكرتاريا "الليكود"، واتهموه بإهانة رئيس الحكومة وإظهاره أمام المجتمع الإسرائيلي كخاضع للأصوليين بثمن بقاء الائتلاف.
عادة ما تجري أعمال الترميمات من قبل الشركات الحكومية والكبرى في إسرائيل أيام السبت ولا يتم الاعلان عنها خشية إثارة حفيظة الأصوليين الذين يعتبرون حرمة العمل يوم السبت من مقدسات الديانة اليهودية ومن أهم أركان الوضع القائم ونُظم العلاقة بين الدولة والأصوليين منذ قيام الدولة، فمثلًا شركة الكهرباء والمياه وأعمال البنية التحتية الكبرى على الطرق وأيضا ترميمات خطوط القطار تتم عادة يوم السبت، أثناء العطلة الأسبوعية لتقليل الأضرار، وحتى لا يحدث تشويش كبير على مختلف جوانب الحياة فيما لو حدثت في أيام العمل الأسبوعية، والمتدينون من جهتم تفهموا الأمر وغضوا النظر طالما لا يعلن عنه رسميًا، وطالما يمكنهم الادعاء بعدم معرفتهم رسميًا بالأمر.
لكن ما حدث ان وزير المواصلات كاتس على ما يبدو وقف خلف تسريب أمر العمل على صيانة بعض مقاطع السكة يوم السبت إلى وسائل الإعلام؛ مما جرّ انتقادات كبيرة من جانب الأحزاب الدينية المشاركة في الائتلاف الحكومي، ومن جهة أخرى لم يقدم كاتس معلومات كافية عن خطط العمل وطبيعته، ولم يوضح الصورة بشكل كامل أمام نتنياهو، فجعله يتخذ قرارًا بوقف جميع أعمال الصيانة مساء الجمعة حتى لا تخرق حرمة السبت وهو ما حدث، حيث ان جميع العمال غادروا مواقع عملهم قبل دخول السبت بخمسة دقائق، لكنهم كانوا قد فككوا الكثير من التمديدات التي كانوا يعكفون على إصلاحها؛ الأمر الذي يجعل عمل القطارات غير متاح عند خروج السبت، وهو ما حدث فعلًا وجعل جميع المستخدمين لشبكة القطارات من جنود وجمهور كبير من الطبقة الفقيرة يتعطلون عن الوصول إلى وظائفهم وقواعدهم وأعمالهم يوم الأحد، مما خلق أزمة مرورية خانقة وتسبب - حسب المعلقين - بكارثة وحالة فوضى، وأثار غضب الجمهور من رئيس حكومة يتخذ قرارًا متسرعًا لإرضاء الأصوليين دون معرفة نتائجه الكارثية.
المعارضة من جانبها - التي وصفت حكومة نتنياهو بأشبه بقطار العفاريت - طالبت باجتماع خاص للكنيست في أثناء إجازتها الصيفية لمناقشة الأمر وحصلت على الـ 24 توقيع عضو كنيست الضرورية لذلك، كما أعلنت أنها ستنظم حافلات خاصة لنقل الجنود إلى أماكن خدمتهم، واتهمت نتنياهو ببيع الدولة للمتدينين في سبيل المحافظة على كرسي رئاسة الوزراء؛ مما اضطر الحكومة أمام هذا الحرج إلى تنظيم حملة خاصة للتخفيف عن أزمة المواصلات وللاهتمام بوصول الجنود إلى أماكن خدمتهم.
نتنياهو - الذي يتميز غيظًا من مؤامرة كاتس عليه بافتعال أزمة مصطنعة للإيقاع به وإظهاره كفاشل في إدارة الأزمة وكمن يبيع الدولة للمتدينين أمام جمهور "الليكود" الذي بغالبيته لا يشعر بالرضى عن قرار نتنياهو بوقف أعمال الترميم يوم السبت - يشعر ان كاتس يحفر تحته لإسراع أمر خلافته في الحزب، لا سيما ان كاتس يعتبر الآن من أقوى الشخصيات بعد نتنياهو داخل حزب "الليكود" ومن أكثرهم شعبية، وصاحب أكبر مراكز قوى داخل اللجنة المركزية للحزب، ويعتبر من بين أفضل ثلاثة وزراء من حيث المهنية والانجاز.
والسؤال الأهم الذي يشغل المحللين: هل سيقوم نتنياهو بإقالة كاتس بعد هذه الإهانة العلنية والتحدي الكبير له أم ان نتنياهو سيحتوي الأمر ويكتفي بما أصدره مقربوه اتهامًا وانتقادًا لكاتس؟ يبدو أن الأمر ليس سهلًا على نتنياهو، وإن لم تتم إقالة كاتس على أبعد تقدير يوم الاثنين فمن الأرجح انها لن تتم في المستقبل القريب، ليس الأمر سهلًا على نتنياهو لأن كاتس يحظى بشعبية كبيرة داخل "الليكود" وله مراكز قوى بين من يطلق عليهم "الحيتان الأقوياء الداعمين لليكود" من اقتصاديين ورجال أعمال وصناعيين والشركات الحكومية القوية، فضلًا عن ان القضية المثارة ليست لصالح نتنياهو، فهي تمس أحد أهم الأعصاب الأكثر حساسية في المجتمع الإسرائيلي (العلاقة والخضوع لإملاءات الأصوليين)، ومن جهة أخرى فإن وزراء داخل "الليكود" طالبوا نتنياهو بعدم إقالة كاتس.
وصعبٌ الأمر على نتنياهو لأن كاتس ليس القيادي الناجح الأول الذي يتخلص منه نتنياهو ويحاول تحطيمه على طريق القضاء على كل منافسيه المحتملين، حيث يتذكر الليكوديون كيف صفى دافيد ليفي وكحلون وساعر وريفلين ومريدور وبني بيغن ويعلون، وكيف يقود حرب مؤامرات لا تنتهي في سبيل ضمان احتكاره قيادة "الليكود"، كما انه يعتقد ان إقالة كاتس من الوزارة لن تنهيه من الحياة السياسية، فسيظل داخل الكنيست وداخل قيادة "الليكود"، وسيكون بذلك أكثر حرية في الهجوم على نتنياهو وفي تنظيم المعارضة ضده من داخل "الليكود".
في كل الأحوال؛ نتنياهو خرج مجروحًا ومهانًا وأقل نجومية قيادية وجاذبية داخل "الليكود"، لكنه لا زال الشخص الأقوى داخل "الليكود" وداخل الحلبة السياسية الإسرائيلية، ولا زال يطمح لأن يكمل ائتلاف حكومته حتى نهاية عام 2017، لا سيما بعد ان ضمن استقرار حكومته، حيث تغلب على أهم مهدد لاستقرارها وهو الموازنة السنوية؛ فقد نجح في تمرير موازنة لسنتين قادمتين داخل الحكومة، وتبقى فقط التصديق عليها داخل الكنيست، وهو أمر برتوكولي فقط لأن الأغلبية ستصوت لصالحها.
أما من جانب كاتس فهو يشعر بأنه نجح في إعادة الصفعة لنتنياهو، صفعة تهديده سابقًا بالإقالة إذا لم يجمد القرارات التي اتخذها داخل سكرتاريا "الليكود"، والتي تحد من صلاحيات نتنياهو في تعيين مستشارين خاصين له على حساب الحزب، ربما كاتس يرفع إشارة النصر ويقول لنفسه "أنا الأول الذي يتجرأ على إهانة نتنياهو وتحديه وينجح في البقاء وزيرًا، وهذا يزيد من رصيد خلافتي له عندما يتم الأمر".