خبر : في ذكرى رحيله.. هذه هي وصية محمود درويش

الأربعاء 10 أغسطس 2016 11:11 ص / بتوقيت القدس +2GMT
في ذكرى رحيله.. هذه هي وصية محمود درويش



تحل اليوم الذكرى الثامنة لرحيل شاعر المقاومة الفلسطينية محمود درويش ، الذي ربط اسم الحبيبية بالوطن في أشعاره، وحفر اسماً من ذهب في تاريخ القضية الفلسطينية من واقع معاناته وخروجه كلاجئ فلسطيني إلى لبنان، وصفوه بـ”عاشق فلسطين” و“رائد المشروع الثقافي الحديث”، و”القائد الوطني اللامع والمعطاء“.
لمست أشعاره قلب كل عربي، وهزت كلماته وجدان الجميع، ليترك إرثاً يخلد تاريخاً ويستشرف مستقبلاً، وأبرزهم “أوراق الزيتون”، و”عاشق من فلسطين”، و”لا تعتذر عما فعلت”.
في عامه الأخير، شعر من حوله بأن النهاية اقتربت، حيث اقترنت كتاباته بالموت، لدرجة أنه كتب في إحدى قصائده “إجازة قصيرة”، أنه سيرحل يوم سبت، وتشاء الأقدار أن تحدث ما كتب، وقال فيها:
صدّقت أنّي متُّ يومَ السبت
قلتُ عليَّ أن أوصّي بشيءٍ ما
فلم أعثر على شيء
وقلتُ: عليّ أن أدعو صديقاً ما
لأخبره بأني مت
لكن لم أجد أحداً …
وقلتُ: عليّ أن أمضي إلى قبري
لأملأه فلم أجد الطريق
وظلّ قبري خالياً منّي
ووضع محمود درويش شروطاً لجنازته ومقبرته في “ذاكرة للنسيان”، الذي كتب فيه عن أيام حصار بيروت عام 1982، وقال فيه:
“أريد جنازة حسنة التنظيم، يضعون فيها الجثمان السليم، لا المشوّه، في تابوت خشبي ملفوف بعلم واضح الألوان الأربعة، ولو كانت مقتبسة من بيت شعر لا تدل ألفاظه على معانيه، محمول على أكتاف أصدقائي، وأصدقائي – الأعداء.
أريد جنازة هادئة، واضحة، وكبيرة ليكون الوداع جميلاً وعكس اللقاء، فما أجمل حظ الموتى الجدد، في اليوم الأول من الوداع، حين يتبارى المودعون في مدائحهم، فرسان ليوم واحد، محبوبون ليوم واحد، أبرياء ليوم واحد.. لا نميمة ولا شتيمة ولا حسد. حسناً، وأنا بلا زوجة وبلا ولد، لذلك ستكون جنازتي مجانية وبلا حساب مجاملة، ينصرف بعدها المشيعون إلى شئونهم اليومية.
أريد جنازة وتابوتاً أنيق الصنع أطل منه على المشيعين، أسترق النظر إلى طريقتهم في الوقوف، وفي المشي وفي التأفف، وفي تحويل اللعاب إلى دموع، وأستمع إلى التعليقات الساخرة: كان يحب النساء، وكان يبذخ في اختيار الثياب، وكان سجاد بيته يصل إلى الركبتين، وكان له قصر على الساحل الفرنسي اللازوردي، وفيلا في إسبانيا، وحساب سرّيٌ في زيوريخ، وكانت له طائرة سرية خاصة، وخمس سيارات فخمة في مرآب بيته في بيروت.
مات الشاعر ومات شعره معه. ماذا يبقى منه؟ لقد انتهت مرحلته وانتهينا من خرافته”.