خبر : "5 + 1" الفلسطيني لن يملأ الفراغ ...د.احمد جميل عزم

الخميس 21 يناير 2016 07:50 ص / بتوقيت القدس +2GMT



 فكرة قديمة لن تحقق النتائج القديمة.
منذ وقت ليس بالقصير، وتحديداً بعد نجاح المفاوضات الإيرانية العالمية منتصف العام الماضي، وفشل كل محاولات الفلسطينيين تحقيق أي إنجاز له أثر ملموس عبر المفاوضات والأمم المتحدة، والسياسيون الفلسطينيون الرسميون يتحدثون عن صيغة دولية للتحرك لإزالة الاحتلال. والآن يتحدثون عن صيغة شبيهة بالمفاوضات التي جرت مع الإيرانيين. ولا يوجد سبب في الواقع لتوقع أنّ مثل هذه الفكرة فيها أي جدوى أو نصيب للنجاح، حتى لملء الفراغ.
هذه فكرة قديمة لن تحقق النتائج القديمة؛ لن تؤدي إلى خلق حالة تفاؤل فلسطيني شعبي كما كان يحدث في السابق، ولن يشتري أحد الفكرة، بل إن احتمالات التجاوب الدولي محدودة. هي فكرة لإدارة الصراع وليس حله. وحتى القوى الدولية ملّت من إدارة الصراع.
بحسب الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، فإنّ "القيادة الفلسطينية تقوم هذه الأيام بتحرك فلسطيني عربي ودولي جدي لعقد مؤتمر دولي للسلام تنبثق عنه آلية دولية جدية ملزمة لإسرائيل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين المحتلة"؛ وأن الرئيس محمود عباس حدد ملامح الحركة السياسية المقبلة، والتي دعا فيها إلى مؤتمر دولي تنتج عنه آلية على غرار مجموعة "5+1" التي تفاوضت مع إيران حول الاتفاق النووي، مستندا إلى مبادرة السلام العربية.
وللتذكير، فإنّ آلية "5+1" هي آلية تجمعت فيها دول غالبيتها تعتبر نفسها من خصوم طهران وغاضبة منها، وتخاف مشروعها النووي، أو على الأقل تعلن صراحة رفضها لمشروع نووي عسكري إيراني. والأهم أنّ هذه الآلية ما كانت لتتشكل وتحدث لولا الضغط الأميركي على باقي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ومعها ألمانيا. وثانياً، أن هذه الآلية ما كانت لتنجح لولا تغيير سياسي في إيران باتجاه قبول التفاوض والسعي لحل سياسي. وهذه الظروف هي أول وأهم ما يجعل استنساخها فلسطينيا غير ممكن. فبداية، الدول الكبرى والمؤثرة التي يمكن أن تشكل مجموعة "5+1" أو ما يشبهها لا تصنف نفسها في خانة المواجهة مع الإسرائيليين، بالعكس كلها بلا استثناء إما تدعم إسرائيل بالمساعدات، أو ترفض حتى أن تعلن مجرد قرار لمقاطعة بضائع المستوطنات، وترفض حتى أن تلمح أنّها في المستقبل ستفعل ذلك، ناهيك عن حصار إسرائيل، كما حصل في حالة إيران. والحكومة اليمينية الإسرائيلية أشبه بحكومة أحمدي نجاد، وليس حسن روحاني.
الإدارة الأميركية ثابتة على إصرارها منع أي إطار دولي للتعامل مع الشأن الفلسطيني، باستثناء تقديم مساعدات للفلسطينيين تجعل منع الانفجار ممكناً. بل وحتى هذا الأمر لا يبدو أن هناك اكتراثا أميركيا كبيرا به مؤخرا. ولا يوجد قناعة أنّ المستوى السياسي الرسمي الفلسطيني يتحكم بالحدث الشعبي ليبرر الأمر التفاوض معه.
صيغة "5+1" التفاوضية نجحت بعد عقود من حصار إيران، ونحن ما نزال نتحدث عن حصار دولي للفلسطينيين ومساعدات سخية للإسرائيليين. وليست فقط الولايات المتحدة وأوروبا اللتان تساعدان الإسرائيليين بسخاء، بل وحتى روسيا تنسق مع الإسرائيليين بشكل مفصل ومتقدم إقليمياً، وسورية أفضل مثال. والصين تتوق للتعامل التجاري مع إسرائيل وشراء أسلحة منها، وواشنطن هي التي تمنع تطور العلاقات بين الصين والإسرائيليين.
الحديث عن مؤتمر دولي هو فكرة قديمة جُربت عشرات المرات، بدءا من مدريد، إلى مؤتمرات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى شرم الشيخ، و"الرباعية الدولية"، وأنابوليس، وغيرها. وحتى تكرار لفكرة طلب العضوية في الأمم المتحدة، ولطلب قرار دولي لإنهاء الاحتلال، وجميعها كانت نتائجها على حياة الفلسطينيين "صفراً" أو أقل!
هي فكرة للهرب من إعلان العجز عن تجربة سوى الحلول الدبلوماسية؛ هربٌ من إعلان العجز عن تجربة حلول نضالية شعبية عاقلة وراشدة وشجاعة، فيها التضحيات التي تتطلبها أي معركة تحرير، وفيها القيادة الثورية التي لا تخرج من الميدان إلى موائد المفاوضات والدبلوماسية إلا لحصد ثمار النضال.
هي رد حائر على حالة تقدم الشعب وأخذه زمام المبادرة بعيدا عن الفصائل والقيادات الرسمية. وهؤلاء الذين قرروا عدم انتظار فصائلهم التي ينتمون لها ويحبونها، وقياداتهم التي كانوا يأملون بها، لن ينظروا للخلف، وسيعودون لرؤية فصائلهم وقياداتهم فقط عندما يسرع هؤلاء ويتقدمون صفوفهم.
عن الغد الاردنية