خبر : مصر: تكهنات حول حقيقة الوضع الصحي والموقف القانوني لمحمد مرسي

الأحد 26 يوليو 2015 10:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مصر: تكهنات حول حقيقة الوضع الصحي والموقف القانوني لمحمد مرسي



القاهرة / وكالات /  أدى غياب الرئيس المعزول محمد مرسي عن جلسة المحاكمة الأخيرة في قضية «التخابر مع قطر» الأسبوع الماضي بسبب وعكة صحية إلى تكهنات واسعة بشأن الأسباب الحقيقية.

 وحسب ما قيل في المحكمة فانه «قد تعذر حضور المتهم محمد مرسي من محبسه، وباستطلاع الأمر من النيابة تبين ان الطبيب أوصى بعدم خروج مرسي لاصابته بانخفاض مستوى السكر وقدمت مستندا رسميا بذلك من الطبيب المختص». إلا ان تقارير صحافية أكدت ان السبب هو تعرضه لـ»انخفاض في الدورة الدموية» بدون توضيح أسبابه. 

ثم جاء النفي الرسمي لاتهامات من قياديين في جماعة «الإخوان» قالت ان الرئيس المعزول «تعرض للتسمم، وقد يتم التخلص منه خلال أيام»، والتأكيد على انه «يتمتع بصحة جيدة، وسيتم التعامل مع حالته الصحية وفق القواعد المرعية في مصلحة السجون». وفي المقابل اتهم إعلاميون مقربون من النظام الجـــمــاعة بـ«التـــرويج لأنباء تدهــور حالته الصحية سعيا لاجبار السلطات على نقله إلى مستشفى القصر العيني ومن ثم تهريبه». 


وكان بيان لمجموعة من أعضاء البرلمان المصري، المنتخب بعد ثورة كانون الثاني/يناير 2011، والذي تم حله بقرار من المحكمة الدستورية العليا، عبرعن «حالة القلق الشديدة بشأن الروايات المتضاربة التي صدرت عن النظام المصري حول صحة الرئيس (مرسي)، وعدم حضوره جلسة المحاكمة الأخيرة».
وحمّل البيان السلطات الحاكمة «المسؤوليةَ الكاملة عن حياة مرسي، كونه في حوزتها»، وناشد الأمم المتحدة وكل دول العالم «تحمل مسؤوليتها لمنع النظام الحاكم من الاعتداء على حق الحياة لأول رئيس جمهورية منتخب».


وطالب البيان بـ «نقل مرسي، لمستشفى القصر العيني لعلاجه وكتابة تقرير طبي مستقل من الأساتذة الأطباء لمعرفة أسباب ما حدث، وما إذا كانت هناك سموم في طعامه الذي تقدمه له سلطات السجن أم لا، بجانب زيارة فورية لأهله ومحاميه لمعرفة الظروف التي رافقت ما حدث».
كما طالب البيان، بزيارة فريق من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للتحقيق في الواقعة، وفريق من منظمة الصحة العالمية لأخـــذ عيّنات دم من مرسي لتحليلها ومعرفة أسباب الوعكة الصحية.


وبالطبع سارع نشطاء إلى مقارنة بقاء مرسي في السجن رغم اقرار النظام بأنه يعاني بعض الأمراض، في حين ان الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي يتمتع بصحة جيدة، يقضي سجنه في مستشفى المعادي العسكرية الفخم على نفقة دافعي الضرائب. وتساءلوا لماذا لا تسمح الحكومة لوفد من منظمات حقوق الإنسان بزيارة مرسي مع طبيب مختص لحسم تلك الشائعات؟


وفي غضون ذلك اشتعل النقاش مجددا حول حقيقة الموقف القانوني لمرسي، وان كان تنفيذ الأحكام باعدامه ممكنا حقا خلال أيام، بعدما حصل على ثلاثة أحكام بالاعدام والسجن المؤبد والسجن المشدد لعشرين عاما، إلا انه مازال متهما في ثلاثة قضايا أخرى، اثنان منهم منظورتان أمام القضاء هما إهانة القضاء و»التخابر مع قطر» التي يتوقع بشكل واسع ان يحصل فيها على حكم آخر بالاعدام خلال عدة شهور. ويمنع القانون المصري تنفيذ حكم الاعدام في المتهم ان كان يحاكم في قضايا أخرى بغية منحه الفرصة للدفاع عن نفسه فيها. إلا ان البعض توقع ان يؤدي تعديل القوانين للاسراع بتنفيذ الاعدام. 


وأكد أحمد عبد العزيز مستشار الرئيس محمد مرسي، في تدوينة له في صفحته عبر «فيسبوك»: «أن الحكومة تتعمد فبركة قضية «التخابر مع قطر وذلك للتشهير بدولة قطر وأسرتها الحاكمة في الأساس وليس لمحاكمة الرئيس مرسي وآخرين».
وأضاف «ولم يمنع استمرار نظر قضية التخابر أمام القضاء من دعوة أمير قطر إلى المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، ولا أدري كيف يمكن توجيه هذه الدعوة إلى الأمير القطري الذي تتهم الحكومة المصرية بلاده بالتجسس على مصر، وسرقة وثائق تمس الأمن القومي المصري، مقابل (رشوة) مليون دولار؟».


وقال الدكتور احمد مهران، استاذ القانون العام ورئيس مركز القاهرة للدراسات القانونية ، لـ«القدس العربي»: «الموقف القانوني صعب للغاية، والنيابة قدمت أدلة ومستندات وقرائن تدين مرسي وقيادات أخرى من جماعة الإخوان المسلمين الذين كانوا يساندونه في هذه المرحلة، ولكن على الرغم من ذلك ما زال باب الطعن بالنقض على تلك الاحكام مفتوحا، وما زالت أمامه فرصة لإعادة المحاكمة مرة أخرى أمام محكمة الجنايات بدائرة مغايرة، وذلك إذا تم قبول الطعن بالفعل مما يعطي فرصة للإخوان ولمحمد مرسي في تقديم مستندات وأدلة تُبرئ ساحته».


واضاف «ان التعديلات المقترحة على قانون الإجراءات الجنائية من المفترض ان تغير من مسار تلك القضايا والاحكام. ولكننا لدينا قاعدة فقهية في قانون العقوبات تسمى قاعدة القانون الأصلح وهو القانون الثابت مما يعني ان القوانين الجنائية تُطبق بأثر فوري ولا تطبق بأثر رجعي، فلا يمكن تطبيق قانون الاجراءات الجنائية الجديد على جرائم ارتكبت في ظل قانون سابق».


وأكد «ليس من الطبيعي ان يتم منع الزيارات عن محمد مرسي وانه وفقا لحقوق الإنسان لابد ان تكون له زيارات ولكن أحيانا تمنع اعتبارات الأمن القومي من اتمام تلك الزيارات لوجود مخاوف أمنية ولذلك ترى الجهات الأمنية عدم فتح باب الزيارة».


ومن جانبه، قال الدكتور فؤاد عبد النبي، المحامي والفقيه الدستوري، «مراحل القضاء في مصر عديدة وما زال أمام محمد مرسي مرحلة نقض الحكم وهذه مرحلة من مراحل التقاضي. كما ان هناك صلاحية من صلاحيات الرئيس السيسي في الدستور المصري في المادة 155 وهي تعطي الحق للرئيس بعد أخذ رأي مجلس الوزراء بالعفو عن الجريمة والعقوبة أو تخفيفها. فمن الممكن ان يلجأ السيسي إلى تلك المادة». وأضاف «أي متهم في القانون المصري وفقا لقانون السجون المصرية يتم السماح له بالزيارة من أهله ولا يوجد تمييز بين أحد ولكن الزيارة يتم منعها في حالة وجود تهديد على الأمن القومي أو التأثير على العدالة».


وقال محمد زارع، المحامي الحقوقي البارز لـ«القدس العربي»: «حكم الاعدام ليس نهائيا وما زال في مرحلة النقض ومن الممكن ان تؤيد محكمة النقض هذا الحكم فيصبح واجب النفاذ. ومن الممكن ان تنقض الحكم ويعود مرة أخرى إلى محكمة الجنائيات. فكل الأحكام التي صدرت ضد محمد مرسي تنتظر النقض». وأضاف «من الطبيعي ان تكون هناك زيارات بصورة منتظمة من الأهل والمحامين لمحمد مرسي ولا يوجد استثناء لذلك الحق مهما كان، ولكن الحكومة تخشى من وجود تسريب للمعلومات عن طريق أفراد الزيارة. ولكن من الممكن ان تتم الزيارة في حضور مسؤولين من الشرطة ولكن عدم وجود زيارة يعد مخالفة للقانون».
ويمثل مرسي أمام المحاكم المصرية في خمس قضايا، حكم عليه بشكل أولي بالسجن 20 عاماً والرقابة لمدة 5 سنوات في قضية «أحداث الاتحادية»، وأحيلت أوراقه إلى المفتي في قضية «اقتحام السجون». كما قضت المحكمة، في حزيران/يونيو الماضي، بمعاقبة مرسي بالسجن المؤبد 25 عاما في قضية «التخابر»، بينما تنظر المحكمة في قضيتي «إهانة القضاء»، و»التخابر مع قطر».


وفي «قضية قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية»، شمل حكم محكمة جنايات القاهرة عددا من مساعدي مرسي بعد إدانتهم بتهمة استعراض القوة والعنف والقبض المقترن بالتعذيب لعدد من المتظاهرين في كانون الاول/ديسمبر 2012. لكن المحكمة برأت المتهمين جميعا من تهم القتل العمد وإحراز السلاح دون ترخيص.


وفي «قضية التخابر» ضمت لائحة الاتهام وفقا للنيابة العامة «السعي والتخابر مع حركة حماس للقيام بأعمال عدائية في البلاد، والهجوم على المنشآت الشرطية والضباط والجنود، واقتحام السجون المصرية وتخريب مبانيها». 


وفي «قضية الهروب من السجن» في21 كانون الأول/ديسمبر 2013 أحالت النيابة العامة في مصر محمد مرسى وآخرين إلى محكمة الجنايات بتهمة الهروب من سجن وادي النطرون إبّان ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك. وتضم لائحة الاتهام في هذه القضية كلا من مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، ونائبه محمود عزت، ومحمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب السابق، ومحمد البلتاجي وعصام العريان وسعد الحسيني، أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان، و124 متهما من قيادات الجماعة وأعضاء من «التنظيم الدولي» للجماعة، بالإضافة إلى عناصر من حركة حماس الفلسطينية، وحزب الله اللبناني، وتضم تلك اللائحة أيضًا الداعية يوسف القرضاوى المقيم في قطر.


وفي «قضية إهانة القضاء» تعد لائحة اتهام مرسي بإهانة القضاء الرابعة بين لوائح الاتهام الموجهة إليه، وكانت النيابة العامة قد أخطرت مرسي في 19 كانون الأول/يناير 2014 رسميا بأمر إحالته إلى المحاكمة بتهمة «إهانة القضاء»، وذلك وفقا لبيان رسمي أعلنته النيابة، وشمل قرار الإحالة 24 متهمًا آخر، بينهم محامون وصحافيون ونشطاء سياسيون، وأشخاص ينتمون إلى جماعة الإخوان.