خبر : هل وصلت «داعش» إلى غزة؟ محمد ياغي

الجمعة 08 مايو 2015 08:46 ص / بتوقيت القدس +2GMT



08 

إذا صح البيان المنسوب الى "جماعة أنصار الدولة الإسلامية في بيت المقدس" والذي أمهل "حماس" 72 ساعة للإفراج عن كافة المعتقلين السلفيين من أنصارها مقابل عدم استهداف "حكومة الردة في غزة" فإن "داعش" تكون قد تمكنت أخيراً من مد أذرعها لتصل الى غزة. 
بداية، يجب أن لا نفاجأ إن صح البيان المنسوب لها. الفلسطينيون كغيرهم من الشعوب العربية ليسوا محصنين ضد "داعش." بحسب مصادر إسرائيلية التحق ما يقرب من 25 من فلسطينيي الداخل بصفوف "داعش". الأخيرة نفسها أعلنت أنها أعدمت فلسطينيا من القدس اشتبهت بعمله مع جهاز الموساد الإسرائيلي، في حين ظهر فلسطيني آخر في إحدى الصور على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لـ "داعش" هو وزوجته "اليهودية" التي اعتنقت "الإسلام" ليؤكد قتاله في صفوف التنظيم الجهادي.
بعض النشطاء الفلسطينيين حقيقة كانوا من السباقين في الإساءة لقضيتهم أو في حرف الأنظار عنها. خذوا مثلاً الشيخ عبد الله عزام الذي ترك "الجهاد" في فلسطين ليعلنه في أفغانستان والذي تتلمذ على يديه أهم قيادات "القاعدة" ومنهم أسامة بن لادن. المخيمات الفلسطينية أيضاً في الخارج لا تخلو من وجود ملحوظ للجماعات التكفيرية التي "باعت" فلسطين لتقاتل "الروافض." مخيم عين الحلوة مثلاً في لبنان يؤوي عدداً لا بأس به من هذه الجماعات ويختبئ فيه بحسب مصادر لبنانية عدد منهم تسعى الدولة اللبنانية لاعتقالهم. مخيم اليرموك لم يتمكن من البقاء على الحياد في الصراع مع الدولة السورية بعد انحياز "حماس" ضد النظام السوري وتحالف "تنظيمها" المسمى "أكناف بيت المقدس" مؤقتاً مع "النصرة." وفي الأردن يوجد تواجد ملحوظ للجماعات السلفية المتشددة في بعض المخيمات، أهمها ربما مخيم "شنلر" التابع لمحافظة الزرقاء. باختصار، الفلسطينيون ليسوا "أنبياء" وهم جزء من محيطهم يؤثرون ويتأثرون به. لذلك ليس المطلوب نفي وجود "داعش" في غزة ولكن مواجهتها وحرمانها من تأسيس "قاعدة" لها قد تتوسع مستقبلاً.
الأسس الفكرية لتنظيم "داعش" وأولوياته ووسائله تفرض على "حماس" مهمة التصدي لهذا التنظيم بكل حزم حتى لو تطلب ذلك مواجهة مفتوحة مع عناصره مثلما حدث سابقاً مع "جماعة الشيخ عبد اللطيف موسى" الملقب بـ "أبو النور المقدسي" التي تحصنت في مسجد ابن تيمية في آب 2009. في أدبيات "داعش" الاولوية هي لقتال "أهل الردة" و"الرافضة" وفلسطين بالنسبة لهم مثلها مثل "الشيشان" و"الصومال" جميعها أرض إسلامية. يتبع ذلك، أن "الخليفة" وهو هنا "البغدادي" هو من يحدد أولويات المعركة. لذلك لم تتردد "داعش" في سورية في تصفية "أكناف بيت المقدس" في مخيم اليرموك عندما طلب البغدادي ذلك، ولن تتردد في إعلان فتح جبهة ضد "حماس" في غزة إذا جاءتهم التعليمات بذلك. 
يكفي غزة ما فيها. حصار لم ينقطع منذ ثماني سنوات، وحرب شبه دائمة لا تتوقف حتى تبدأ من جديد، وفي كل مرة تكون الحرب أشرس من سابقتها وأكبر ضرراً وألماً. غزة لا تحتاج الى من يزيد من جراحها وأوجاعها.
ظهور "القاعدة" أو أحد مكوناتها في بلد ما كان سبباً كافياً للتدخل الخارجي المباشر في ذلك البلد. كان هذا حال أفغانستان والباكستان واليمن والصومال ومالي وسورية والعراق اليوم. الاحتلال هو المستفيد مباشر من "القاعدة" وأخواتها. الجماعات التكفيرية مثلاً تخوض الحرب ضد عدوها اللدود حزب الله في سورية. الاحتلال سيستغل ظهور "داعش" في غزة لتبرير حصاره وحربه عليها. مصر أيضاً تخوض حرباً قاسية في سيناء ضد تنظيم "أنصار بيت المقدس" وظهور "داعش" في غزة سيؤكد ما ذهبت اليه بأن الأنفاق تشكل خطراً على أمنها القومي. 
البعض يقول بأن "حماس" أغمضت عيونها عمداً عن نشاطات الجماعات التكفيرية في غزة لتوصل رسالة مفادها بأن البديل لها ليس "فتح" أو أي تنظيم فلسطيني وطني، ولكن التنظيمات التكفيرية. إن صح ذلك، فإن هذا المسار أو لنقل هذه اللعبة هي خطرة. أولا لأن دولة الاحتلال يهمها أن يكون البديل في غزة تنظيم مثل "داعش" لأن هذا سيبرر لها حصارها وقتلها لأهل غزة، وثانياً لأن السماح للجماعات المتشددة بالانتشار يعني في النهاية صعوبة التخلص من هذه الجماعات بدون مواجهات دموية معها ستضاعف من مشاكل غزة وستجعل من "حماس" وباقي التنظيمات الفلسطينية هدفاً دائماً لهذه الجماعات. 
في سورية، أخطاء "حماس" أو التنظيم المحسوب عليها "أكناف بيت المقدس" كانت مكلفة لها كتنظيم وللفلسطينيين بشكل عام. "حماس" تحالفت مع "النصرة" التي بدورها تحالفت مع "داعش" ضد "حماس" في مخيم اليرموك، والنتيجة كانت أن "حماس" أصبحت منبوذة من النظام السوري ومن الجماعات التكفيرية التي تحالفت معها، وأن المخيم قد أصبح تحت نيران النظام والجماعات المعادية له. 
في غزة المخاطر أكبر، لأن أي معارك جانبية تعني استنزاف فصائل المقاومة في وقت المطلوب فيه التركيز على المواجهة الأهم مع دولة الاحتلال. لذلك لا يجب ترك تنظيم "داعش" يتمدد في غزة ويجب اجتثاثه اليوم لأن مهمة القضاء عليه بعد ذلك ستصبح معقدة وستستنزف قدرات "المقاومة.