خبر : لا معنى للتحقيق مع الجنود \ بقلم: يغيل ليفي \ هآرتس

الثلاثاء 05 مايو 2015 11:52 ص / بتوقيت القدس +2GMT



          تستدعي الشهادات التي جمعتها منظمة "نحطم الصمت" عن حملة "الجرف الصامد" بحثا جماهيريا صارما لسياسة الحكومة، التي خلقت البنية التحتية للسلوك الموثق. فالمدونة الاخلاقية للحرب ضد الارهاب، التي صاغها للجيش الاسرائيلي آسا كيشر وعاموس يدلين تقضي ان واجب الدولة الحفاظ على حياة جنودها يفوق الحفاظ على حياة المدنيين الغزيين غير المشاركين في القتال.

          هذه المدونة الاشكالية قدمت اجابة للخوف من المس بالجنود، والذي تطور في المجتمع الاسرائيلي ويلقي بالرعب في قلوب القيادة الامنية، بنقلها الخطر من الجنود الى مواطني الطرف الاخر. غير أن هذه الاخلاقية تلقت في حملة الجرف الصامد تفسيرا متطرفا على نحو خاص، بتعريفها مناطق كاملة كمناطق "نقية" لا ينبغي للمدنيين أن يتواجدوا فيها واذا ما تواجدوا – فان المس بهم مسموح به. وتشرح هذه السياسة لماذا قتل هذا العدد الكبير من المدنيين.

          تشير الشهادات الى سياسة منهاجية، لا بد أنها أمليت من فوق وكان يفترض باصحاب القرار ان يفهموا تبعاتها. والقيادة السياسية غير معفية من المسؤولية عن التدمير المقصود لغزة: "كل مكان قاتلنا فيه... ليس مكانا يمكن لاحد أن يسكن فيه"، كما شهد في المقابلة مع موقع "واللا" قائد لواء المظليين.

          كما تكشف الشهادات صورة واضحة لاوامر غامضة في فتح النار. مرت الايام التي كان فيها في الانتفاضة الاولى يتباحث وزيرا الدفاع والعدل في صيغة أوامر دقيقة. اما اليوم فان السياسيين وقادة الجيش يحولون الى المستوى القيادي المحلي صلاحية التفكير كيف ومتى تطلق النار. ولكن من الطبيعي ان تعارض القيادة العليا والوزير بعد ذلك التحقيق في تفكير هذا المستوى القيادي.

          اذا كان ثمة مجال للنظر في التقديم الى المحاكمة، فهذا حين يدور الحديث عن نقيب شهد بانه أمر جنوده باطلاق النار لغرض التحذير قبل أن يطلقوا النار كي يصيبوا، وهكذا خالف أمر قائد الكتيبة الذي كان يقضي بان "كل من ترونه – تطلقون النار عليه".

          ان القيادة السياسية مسؤولة ايضا عن تصميم الحملة كمراوحة في المكان بين العمل السريع وبين "حرب الاستنزاف" الطويلة. وليس صدفة انه عندما تواصلت المراوحة في المكان ولم يتحقق الحسم (استسلام حماس)، وذلك على خلفية الخوف من الاصابات والاجواء العامة المفعمة بالكراهية للغزيين، "فان الصبر الذي تتلقاه من المستوى المسؤول ومن الشعب ينفد رويدا رويدا"، كما يشهد أحد الضباط. أو انه عندها يكون مسلما به المس بالمدنيين.

          تؤكد الشهادات، بشكل مفعم بالمفارقة، موقف موشيه يعلون، قادة الجيش واليمين، الذين يرفضون تقديم الجنود والقادة الى المحاكمة على قتل المدنيين. مشكوك ايضا أن يكون هناك مجال لاجراء تحقيق من خارج جهاز الامن. إذ يتضح من الشهادات بالذات صورة سلوك منضبط للقوات وليس صورة شاذين. والتحقيق مع الجنود من النيابة العامة يساعد في تحديد خط واضح بين المسموح به والشاذ وهكذا يسوغ ما يزعم أنه مسموح من خلال تحديد الشاذ. ولكن "نحطم الصمت" تسعى الى اجراء بحث جماهيري بالذات في السياسة التي تجعل الشاذ مسموحا به.

          لقد تصرف الجيش في القتال في غزة وفقا لعقيدة "كي الوعي" التي جربها يعلون في الانتفاضة الثانية، والتي تسمح بالمس بالمدنيين وباملاكهم، وبموجب "عقيدة الضاحية" التي جربها غادي آيزنكوت، في اعقاب حرب لبنان الثانية والتي تسمح بالنار الكثيفة ضد حي مدني تطلق منه النار. وكما يذكر، بموجب المدونة الاخلاقية ايضا. ان الاخلاق والمنطق للعمل العسكري ينبغي أن يصممهما المدنيون ومنتخبوهم من خلال بحث سياسي صارم، وليس رجال القانون ومحققو الشرطة.