خبر : "داعش" "والغرب" .. "ولعبة بلياردو" ...بقلم: سمير الحباشنة

الجمعة 24 أكتوبر 2014 02:22 م / بتوقيت القدس +2GMT



يصف مفكر فرنسي حلف الغرب ضد "داعش" بأنّه ليس الا "رفع عتب"، حلف إعلامي أو حملة علاقات عامة غير جادة. فآلاف الطلعات الجوية هي بلا نتائج تذكر.. بل على العكس تماماً، فما أن يعلن عن غارات أميركية أو فرنسية، حتى نسمع أن "داعش" قد تمددت واحتلت مساحات إضافية على الأرض في كل من سورية أو العراق ..!. مع أننا نذكر انهم وخلال معاركهم على العراق، تمكنوا من تدمير أغلب مراكزه الحسّاسة بل وقتلوا الألوف وبزمن قياسي !.
قد يقول قائل بأنهّ كان للعراق آنذاك مؤسسات ومعسكرات، واضحة للعيان، سهل اصطيادها، ونقول بالمقابل "داعش" ليست شبحاً غير مرئي؟ بل هي وكما يصفها خافيير سولانا "كيان إقليمي يعمل كدولة على الأرض السورية والعراقية" وبالتالي فأن لها مراكزها العسكرية والإدارية الواضحة للعيان.
لذا يبدو أن استهداف "داعش" لأمر تنقصه الجدية، أو لنقل أنه استهداف يتسم بنعومة تخفي أن وراء الأكمة ما وراءها.. !
أخشى بأن الغرب يلعب معنا، هذه المرة مباراة بلياردو "ذات الكرات الثلاث"، فإذا كانت الكره "أ" معروفة ومعلنة وهي "داعش"، فما هي يا ترى هوية الكرة "ب" المطلوب إسقاطها في الشبك؟!.
أو ليس لذلك علاقة بحديث السيد مسعود البرزاني في الإعلام حين قال "إن جغرافية المنطقة وتقسيماتها في المستقبل القريب لن تكون كما رسمها السيدان "سايكس وبيكو". فهل الكرة "ب" المستهدفة تكمن بإعادة فك وتركيب بلادنا على أسس مذهبية وعرقية!؟. سؤال سيجيب عليه مسار الأحداث قريباً.

الغرب وفلسطين
شكراً للسويد التي حركت المياه الراكدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والشكر "بحذر" للبرلمان البريطاني الذي صوّت "رمزياً" لجهة قيام دولة فلسطينية.
خشيتي أنّ إحياء الحديث عن الدولة الفلسطينية في هذا الوقت بالذات يتشابه مع ذلك الحديث الذي أطلقة الغرب عن نيته إحلال السلام وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وذلك حين كانوا يتحضرون لضرب العراق عام 1990. فكان أن تم ضرب العراق ولكن لم يأت السلام وبقي الاحتلال.. وتوغل !. ونتذكر التزام الرئيس بوش عشية غزو العراق بأن الدولة الفلسطينية سوف تقوم قبل عام 2005... وكان أن تم غزو العراق واحتلاله، لكن وعد قيام الدولة الفلسطينية ما زال محفوظاً في سجلات الانتظار!.
فهل الغرب اليوم يخطط لاستخدام نفس "الشمّاعة" وإحياء أمل كاذب في نفوسنا بقرب قيام الدولة الفلسطينية، كسبيل لتسهيل مهمته لإنجاز أمر لا نعرفه؟ مع أننا نعرف ومن تجاربنا المرة مع الغرب بأنه أمر لا يقل ضراوة ولا أضراراً عن غزو العراق واحتلاله.

فلسطين .. مرة أُخرى
اذا كان الغرب جاداً في القضاء على الإرهاب وعلى حواضنه ومسببّاته، وإذا كنا كعرب نتفق في ذلك، فان المنطق يقضي تناول الإرهاب وكحزمة واحدة، فـ "داعش" إرهاب، قاتل، مدمر وصاحب عقيدة مريضة، لكن إسرائيل كذلك تمارس إرهاب دولة تقتل بلا حساب وتدمر بلا هوادة وضد شعب أعزل صاحب حق.
نريد صوتاً عربياً يضع كل بيض الإرهاب في سلة واحدة. ومع اننا لا نتوقع في يوم ان يقوم الغرب بقصف إسرائيل، ولكن علينا كعرب واجب السعي لأن يتم الضغط عليها لتعترف بحق الفلسطينيين بالحياة، والذي هو حق لم يعد احد في العالم ينكره بما في ذلك أميركا.

في الداخل الأردني
صحيح أننا لا نخشى على بلادنا من تهديد قد يأتينا من خارج الحدود، فلدينا بحمد الله قوات مسلحة وأجهزة أمنية باسلة، يقظة ذات عقيدة وطنية وعروبية وإسلامية لا غبار عليها، كفيلة بالتعامل وباقتدار مع أي عدوان قد يأتي من الخارج، لكن الخوف أيها السادة من الداخل. فدراسة للباحث "حسن هنية" لا بد وأن تضيء في عقولنا كل الإشارات الحمراء، تقول بأن لـ "داعش" داخل الأردن حوالي 7000 بين منتمٍ ومؤيد، من كل فئات وطبقات المجتمع. وان الخطاب الديني المتشدد يتمدد في طول وعرض الجغرافيا والديمغرافيا الأردنية، على حساب الخطاب الوطني وحتى على حساب الخطاب الإسلامي المعتدل. ولذلك أسبابه، ذلك أننا في الأردن في هذه الأيام نعيش حالة من "حوار الطرشان" كل يغني على ليلاه، وأغلبنا لا يعرف من هي "ليلاه" بل ولم يلتق بها من قبل! ، فالثقة شبه معدومة بين أطراف المعادلة الوطنية، وكان لنا بـ "ذهب هرقلة" المزعوم أكبر شاهد على ذلك، بل وان الفقر يتمدد ويحتل مساحات إضافية مثل تمدد "داعش" في سورية والعراق، والبطالة في صفوف الشباب ضاربة أطنابها، وهيبة الدولة واحترام القانون آخر ما نفكر به، وحديثنا عن الإصلاح ومحاربة الفساد لا يتوقف، لكنه يسير بسرعات متواضعة رغم وضوح رؤيا الإصلاح التي جسدها جلالة الملك بأوراقه النقاشية الخمس والتي وان وجدت آليات للتحقق، فإنها تحاكي توجهات الملك التي تتلاقى ورغبات الأردنيين...ولكن هيهات ...
في الداخل أيها السادة، نحتاج الى إعادة هيكلة فكرية وأدائية، والى إشراك واسع لكل الكفاءات الأردنية في مواقعها المختلفة، وفق تحشيد برنامجي من شأنه تحصين بنائنا الداخلي على كل الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ليكون رديفا لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية واضطلاعها بواجبها، مستندة الى ظهر قوي متمثل بجبهة داخلية قوية.
وبعد، نحتاج الى وعاء يضم كل القدرات والأفكار لإنجاز العناوين التي لا يختلف عليها اثنان، وان نؤجل نقاط الاختلاف الى حين، حتى تخرج المنطقة من عنق الزجاجة، وحتي نسلم بالأردن ونحفظه كما حفظه من قبل جيل الآباء والأجداد.