خبر : هاية الحرب من جانب واحد.. وبداية الحرب على نتنياهو!! ...هاني حبيب

الأحد 03 أغسطس 2014 08:44 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هاية الحرب من جانب واحد.. وبداية الحرب على نتنياهو!! ...هاني حبيب



لا يعرف رئيس الحكومة الإسرائيلية كيف يبرر إخفاقاته ومجازفاته ومغامراته، حتى أنه وفي آخر إبداعاته فاجأ الجميع بالاتصال بالسفير الأميركي في تل أبيب، محمّلاً إدارة اوباما سبب هذا الفشل وهذا الإخفاق، سياسياً وأمنياً، نقول إنه فاجأ الجميع، لأن هذا الاتصال بعد أن فاجأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري الجميع، عندما حمل حركة حماس مسؤولية خرق اتفاق التهدئة الإنسانية فجر الجمعة الماضي، متبنياً تماماً الموقف الإسرائيلي بهذا الصدد، وبعد خطاب الرئيس الأميركي اوباما، والذي جاء في نفس السياق بالتأكيد على الدعم الأميركي المتجدد لإسرائيل محملاً المقاومة الفلسطينية مسؤولية خرق الهدنة.

نتنياهو يريد أن يلقي تبعة أخطاء سياساته أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لأي "آخر" تهرباً من تلمس الأسباب الحقيقية وراء فشله ومجازفاته، فهو يعلم ـ أو بات يعلم في الواقع ـ أن هذا الفشل يعود بدرجة أساسية إلى سياساته المغرورة والمتغولة، سواء لجهة التوسع الاستيطاني أو وضع العقبات أمام الجهود الأميركية للتوصل إلى تسوية سياسية من شأنها أن تفتح المجال أمام قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، هذه السياسة التي لم تترك مجالاً أمام المقاومة الفلسطينية إلاّ العمل على الاخلال بالتوازن في ميزان القوى على الصعيد العسكري، فاتحة المجال أمام إبداع فلسطيني مفاجئ لكثيرين، بمن فيهم الفلسطينيون أنفسهم، الأمر الذي أربك كافة أدوات الدمار الشامل الإسرائيلي في تحقيق الأهداف التي أعلنتها إسرائيل عندما بدأت هذه الحرب، ظناً منها، أن تجربة الحربين السابقتين عامي 2008 و2012 ستتكرر في الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، المفاجأة التي أربكت نتنياهو وأطقمه السياسية والأمنية إلى درجة زرعت الفوضى في صفوف قوات الاحتلال، وكذلك المجلس السياسي والأمني المصغر ـ الكابينيت ـ الذي ظل منعقداً طوال قرابة شهر من دون أن يستقيم إلى موقف محدد خاصة في الأسبوعين الأخيرين، ولعلّ انجرار نتنياهو وراء ضغوط مناوئيه في اطار حكومته وحزبه، إلى الحرب البرية، هو الدليل الأوضح على فشل تعاطي الكابينيت مع المفاجآت الفلسطينية، ظناً منه من أن القدرة الهائلة للتدمير والقتل لدى الجيش الأكبر في المنطقة كافية لتحقيق الأهداف المطلوبة من هذه الحرب.
في العلن، لا يبحث نتنياهو عن أسباب فشله إلاّ خارج اطاره الداخلي، لكن ووفقاً لما تسرب لوسائل الإعلام الإسرائيلية، ان معظم الوقت الذي أمضاه الكابينيت في الاجتماعات كان ينصب على توجيه الاتهامات المتبادلة، وهو ما أدى إلى صعوبة اتخاذ قرارات ناضجة وموحدة، رغم أن استطلاعات الرأي في إسرائيل كانت تشير إلى أن الجمهور الإسرائيلي يدعم توجه الجيش الإسرائيلي لمواصلة الحرب وحتى إعادة احتلال قطاع غزة، هذا الجمهور المتوحش والمتحمس للحرب، لا يدرك أن جيشه لم يعد قادراً على احتلال الشريط الحدودي، قشرة قطاع غزة وغلافه الأرضي، والبقاء فيه بعد كل الخسائر التي تكبدها نتيجة للمواجهات المباشرة مع قوى المقاومة. عادة ما تتخذ القرارات في إسرائيل على ضوء استطلاعات الرأي، كموقف شعبوي واضح له علاقة دائمة بالانتخابات لكن هذه المرة، لم يكن بوسع أحد، أخذ هذه الشعبوية بعين الاعتبار، يعود ذلك أساساً إلى أن أحداً لا يستطيع تحمل النتائج التي باتت أكثر وضوحاً لاستمرار الحرب أو توسيعها أو إعادة احتلال قطاع غزة، إذ ان ميزان القوى على الأرض لا يسمح بمثل هذه المغامرة على الإطلاق.
ولا شك أن هناك خيارات عديدة أمام نتنياهو، غير أن أياً من هذه الخيارات لن تؤدي إلى إنقاذه من السقوط، مستقبله السياسي بات على المحك، ليس فقط فقدانه ثقة حزب الليكود برئاسته، ولا سقوطه في انتخابات قادمة، بل ان استمرار نتنياهو في العمل السياسي، بات أمراً مشكوكاً فيه، بصرف النظر عن الكيفية التي ستنتهي بها الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة.
أميركا لم تخذل إسرائيل ونتنياهو، اليمين الإسرائيلي المتطرف، الليبرالي منه بقيادة ليبرمان، أو الديني بقيادة وزير الاقتصاد بينيت، إضافة إلى قيادات بارزة في حزب الليكود المتطلعة إلى منصب نتنياهو، كل هؤلاء خذلوا نتنياهو، الذي بدوره لم يتمكن من صد الهجمات عليه، بل انجرف تحت ضغط هؤلاء ليقامر بجيشه وبسمعته وأخلاقيات جيشه المزعومة.
أخطر ما جرى في هذه الحرب، على المستوى الإسرائيلي، لم يحدث بعد، علينا الانتظار حتى نهاية هذه الحرب على قطاع غزة، لكي نشهد حرباً داخلية ضروسا في عمق الخريطة السياسية والأمنية والحزبية في إسرائيل، إطالة أمد الحرب على غزة، تؤخر الحرب الإسرائيلية المعلنة بعض الوقت.. ولكن إلى متى؟!

Hanihabib272@hotmail.com

هاني حبيب