خبر : رؤية إسرائيلية.. للمبادرة المصرية! ...هاني حبيب

الأربعاء 16 يوليو 2014 10:59 ص / بتوقيت القدس +2GMT
رؤية إسرائيلية.. للمبادرة المصرية! ...هاني حبيب



إنها فعلاً حرب نتنياهو بامتياز، إنها الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، سعى إليها نتنياهو مستغلاً خطف ومقتل المستوطنين الثلاثة، لمواجهة خصومه المتعددين الذين ما انفكوا يتطلعون إلى موقعه أو إلى إضعافه، داخل حزبه الليكود، أو من خارجه، اتهامات عديدة تم توجيهها إليه منذ أشهر قليلة بالضعف وعدم القدرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، في مواجهة هذه الاتهامات وهذه التحديات من قبل خصومه السياسيين في الائتلاف الحكومي الذي يقوده، سعى إلى هذه الحرب، معلناً توسيعها إلى حرب برية، مستدعياً قوات الاحتياط، وهو يعلم أكثر من غيره، أن ليس هناك من حرب برية على الإطلاق، ذلك أن مثل هذه الحرب غير المضمونة النتائج، إلاّ بخسائر فادحة في قوات جيشه من دون أن يتحقق الهدف منها، الحرب البرية هي أيضاً حرب نتنياهو المزيفة، هروب إلى الأمام في مواجهة الخصوم أكثر من كونها في مواجهة المقاومة.
خصوم نتنياهو، كانوا مع توسيع هذه الحرب، للتخلص منه أكثر من كونها أداة للتخلص من المقاومة، لكن الساحر المشعوذ كان يدرك أهداف هؤلاء الخصوم سواء وزير خارجيته ليبرمان، أو وزير اقتصاده بينيت، أو نائب وزير دفاعه دانون، فهو خبير بهم كونهم من مدرسته المتطرفة، ويدرك إلى أي منزلق يريدون الدفع به إليه، منزلق الفشل في هذه المغامرة، لذلك فاجأ المشعوذ هؤلاء الخصوم عندما وافق بلا تردد على المبادرة المصرية التي شكلت في واقع الأمر، إنقاذاً لفشله في المضي قدماً بتهديده ووعيده بالحرب البرية، فهذه الحرب الذي ما كان من الممكن اندلاعها، توقفت بمبرر الالتزام بالمبادرة المصرية.
هذه المبادرة، إضافة إلى كونها شبكة أمان لنتنياهو، فإنها تسمح للجيش الإسرائيلي، باستمرار تصعيد الغارات الجوية، هذه المرة بدون أي انتقاد من المجتمع الدولي، باعتبار أن هذا التصعيد يأتي للرد على تمرد المقاومة على المبادرة المصرية، سيحظى نتنياهو وحكومته دعماً معلناً على المستوى الدولي لجرائمه الجديدة المتواصلة، خاصة وأن المبادرة المصرية باتت تحظى بدعم عربي ودولي غير مسبوق، كان من المفترض أن يتشكل وراء دعوة الرئيس عباس إلى المجتمع الدولي بضرورة توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني الذي يواجه حرب إبادة، هذه الدعوة ستذهب أدراج الرياح، حتى إعلامياً بعد أن شكلت المبادرة المصرية بديلاً عن كل الدعوات المشابهة، وباتت هذه المبادرة هي العنوان، رغم رفض وتحفظ قوى المقاومة الفلسطينية عليها، شكلاً في الغالب ومضموناً في بعض الأحيان!
لا شك أن مواطني قطاع غزة كانوا ينتظرون بفارغ الصبر، التوصل إلى تهدئة توفر المزيد من الدماء إثر هذه الجرائم وحرب الإبادة المنظمة التي مارستها قوات الاحتلال، لكن المقاومة كانت تتطلع إلى تهدئة تأخذ بالاعتبار وتكرس معادلة جديدة من شأنها عدم إقدام إسرائيل على خرق التهدئة وفقاً للمعادلات الداخلية الإسرائيلية عندما تقتضي الحاجة، وبالتالي فإن المبادرة المصرية التي تستند أساساً إلى الهدنة التي تم التوصل إليها إثر الحرب الإسرائيلية الثانية على قطاع غزة، تكرس معادلة سابقة كان من المتوقع أن يتم تجاوزها، وفي إطار اشتراطات فلسطينية، لكن وعلى الأرجح فإن هذه المبادرة، أخذت بعين الاعتبار إشارة الرئيس عباس إلى أن الأمر يجب ألا يتوقف عند تفاصيل أي تهدئة، بل إلى وقف نزيف الدم للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، خاصة وأن ميزان القوى، رغم مفاجآت المقاومة، ظل وبشكل مطلق لصالح جيش الاحتلال ووفقاً لمعادلة قتلى يقترب عددهم من الصفر في إسرائيل، وشهداء يقترب عددهم من مئتين في قطاع غزة، في ظل هذه النتائج العملية والواقعية، فإن أية تهدئة توقف حرب الإبادة في قطاع غزة، ستكون مقبولة بل ضرورية.
من شأن المبادرة المصرية، أن تنقذ نتنياهو من الفخ الذي نصبه له خصومه، لكنها بالمقابل ستوقف حمام الدم في قطاع غزة، لكن خصوم نتنياهو، لن يقبلوا بإنقاذه، لذلك، هناك من يقول إن هذه الهدنة هي عبارة عن مقدمة لحرب رابعة، بينما يرى البعض الآخر من الخصوم، وحسب تعبير أحد الوزراء أثناء اجتماع المجلس الوزاري المصغر الذي وافق على المبادرة المصرية أن نتنياهو "سعى إلى قتل البعوض، وكان من الأجدر به أن يجفف المستنقع.. وهذا ما لم يفعله".
سيستمر الجدل في إسرائيل، كما في الساحة الفلسطينية، ولكن مع وقع أخف من قعقعة السلاح والغارات والصواريخ، بإمكاننا أن نتابع نسبياً كل ما يجري في إسرائيل من احتكاكات وخلافات، لكننا بالتأكيد، سنجد صعوبة في التحقق من ذلك في الساحة الفلسطينية، التي تتمتع بمستوى عالٍ من الغموض فيما يجري وراء الكواليس !!

hanihabib272@hotmail.com

- See more at: http://www.al-ayyam.ps/article.aspx?did=243449&Date=#sthash.wIrWQfQ7.dpuf