خبر : فش كهرباء فش حياة ...بقلم: صلاح هنية

السبت 28 يونيو 2014 10:11 ص / بتوقيت القدس +2GMT



يصلح هذا العنوان لموضوع تعبير للطلبة في المرحلة الاساسية أو لتقرير طلابي ينشر في مجلة الحائط في النادي الصيفي، ولكنه مستغرب بالتأكيد أن يكون عنوانا لمقالة اسبوعية في صحيفة فلسطينية على اعتبار انه تحصيل حاصل ولماذا تشغلنا في هذا التدريب المبتدئ والمكرر.
للحقيقة كنت اعتقد مثلكم تماما ... وكنت اعتقد أن الأمر تحصيل حاصل ... لكنني تنبهت لأهمية الأمر بعد أن لوحت شركات توزيع الكهرباء الفلسطينية بالراية من قبل مراقب الخط أن خطرا محدقا سيؤثر على الحياة نتيجة لتراكم الديون وعدم التسديد من مجموعة لا بأس بها من المشتركين والقضية الاساس أن المجتمع ككل يمارس سياسة إدارة الظهر لحالة قطاع الكهرباء في فلسطين، والتلويح بالانسحاب الحكومي من دعم قطاع الكهرباء بالكامل وترك المستهلك مكشوف الظهر.
عمليا اعتبرت أن ميزة الحديث والافتاء في السياسة هي الجانب الوحيد الذي يتم التعامل معه بسطحية مفرطة وتصبح عمل من لا عمل له وانها جهد انفعالي دون اشغال العقل، ولكنني اكتشفت ان شؤون حياتنا كافة بما فيها قطاع الكهرباء نتعامل معها بانفعالات وعواطف جياشة دون اشغال العقل ووضع السيناريوهات واذا لم تنجح الخطة (أ) نلجأ للخطة البديلة (ب).
ونتيجة لهذا الواقع في ضوء غياب ارادة سياسية للتسعير بصورة عادلة للمستهلك بل تعتمد سياسة الانسحاب الحكومي من دعم هذا القطاع، وتدفيع المستهلك تكاليف شركات التوزيع وليس كلفة الكهرباء، والا لماذا تدعم الحكومة بالكامل كهرباء غزة وعندما لا تدفع الحكومة ثمن الوقود لمحطة التوليد فأنها تتوقف بالكامل برغم انها شركة ربحية خاصة، وتترك الحكومة كل من اراد ان يغني على ليلاه ان يغني بمعنى بلديات ترفض الالتحاق بشركات التوزيع التي اقر تاسيسها ضمن خطوات تنظيم القطاع، ولماذا يتم التسامح مع الملتحقين بالشركات الذين لا يسددون مستحقاتهم عن استهلاك الكهرباء.
غياب الارادة السياسية لاستقلالية قطاع الكهرباء عن الشركة القطرية الإسرائيلية خصوصا ان ثمن الشراء من المصدر تشكل 50% من تركيبة السعر للمستهلك، وعندما اعلن عن انشاء شركة توليد الكهرباء في الضفة الغربية تم التوقيع على اتفاقية لشراء الغاز من إسرائيل على مدار ثلاثين عاما قادما، ولم تشجع الطاقة البديلة رغم الجهد الذي بذلته مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في الطاقة البديلة والمتجددة لدعم التوجه في هذا القطاع.
غياب الارادة الادارية لدى شركات توزيع الكهرباء وعدم الضبط من قبل مجلس تنظيم قطاع الكهرباء على معايير الاداء التي تم تحديدها بحيث يتم تخفيض المصاريف التشغيلية، تخفيض الفاقد الفني وغير الفني ، وعدم تحميل المستهلك على فاتورته غياب هذه المعايير في الاداء او ضعفها.
وتغيب الارادة السياسية لانقاذ شركة كهرباء محافظة القدس بعد ان تراكمت الديون التي نتجت نتيجة لاسباب عدة ومتنوعة وخصوصا ثقافة عدم الدفع، التي ظلت تصرخ وتصرخ وتناشد وتناشد وفي النهاية وصلت لحل يقضي بخفض طاقة التيار الكهربائي عن الوزارات والهيئات الحكومية والتي لجأ غالبيتهم لتركيب مولدات كهربائية تدفع الوقود على الكاش وتؤجل فاتورة الكهرباء على المؤجل، وباتت تعلن ان خطرا محدقا في القطاعات المرتبطة في الكهرباء نتيجة لعدم قدرة الشركة عن القيام بدورها نتيجة تراكم الديون وقيام الشركة القطرية بتخفيض التزويد بالتيار الكهربائي.
في العام 2011 عقدنا في جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة وبالشراكة مع منتدى فلسطين العقاري في الراصد الاقتصادي ورشة للدفع باتجاه اقرار الحكومة للتعرقة للتيار الكهربائي وخدمات الربط والتوصيل لتصبح موحدة ومخفضة ومناسبة لجميع الفئات بمشاركة سلطة الطاقة الفلسطينية ومجلس تنظيم قطاع الكهرباء وتم فعلا المصادقة على التعرفة بعد اسبوعين كونها مطلبا رسميا وشعبيا وللشركات ذاتها، وبعد الاقرار حدثت نقلة نوعية في واقع القطاع.
خروجا من وصف الواقع لنضعكم في صورة جدية (فش كهرباء فش حياة) الى الاستنتاجات:
لن يكون مقبولا بأي شكل من الاشكال انسحاب الحكومة من الدعم لقطاع الكهرباء حيث تمكنا من الحصول على تحمل الحكومة ل 75% من الارتفاع الأخير في اسعار التيار الكهربائي من المصدر وتحميل المستهلك 25% من نسبة الارتفاع، أضافة للتعرفة الموحدة التي خفضت نوعا ما، وسيؤدي الانسحاب إلى رفع الاسعار على المستهلك وستبقى عبئا على الملتزم ولا تحدث فرق سلبي على المستنكف عن الدفع.
لم يعد مقبولا ان يتحمل المستهلك دفع فاتورة النفقات المرتفعة لشركات توزيع الكهرباء والبلديات المشرفة على الكهرباء، وارتفاع المصاريف التشغيلية، وارتفاع نسبة الفاقد الفني بصورة تتفوق على المعايير الدولية المقبولة.
لم يعد مستوعبا أن تقوم الحكومة والشركات بغض الطرف عن الذين تتراكم عليهم ديون مرتفعة على فاتورة الكهرباء دون الزامهم بالدفع ضمن سيادة القانون واستقلالية القضاء وأن اية خصومات وحوافز تشجيعية يجب ان تتم على غرامات التأخير وفوائد التأخير وليس على التكلفة الحقيقية بحيث لا يصبح عدم الدفع امتيازا يحفز من قبل الحكومة والشركات بحسومات تصل 50% بينما يكافئ نظريا من يدفع بحسومات تصل 10% فقط.
لم يعد مقبولا ان لا تسدد البلديات الاموال التي تجبيها عن الكهرباء بصورة تراكم ديون فاتورة المقاصة لصالح شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية، ورغبة البلديات بالحفاظ على صلاحيتها في إدارة الكهرباء وتريد من يقوم بالجباية عنها في المناطق التابعة لامتيازها والممتنعة عن الدفع.
لم يعد مقبولا ان يمتنع بعض شركات القطاع الخاص الربحي عن دفع فاتورة الكهرباء، وهناك نماذج محصورة واضحة للعيان.
aya2abd@yahoo.com
www.pcp.ps