خبر : القمة الفلسطينية - الأميركية: جاء دور أميركا لاتخاذ مجازفات صعبة!! ...بقلم: هاني حبيب

الأربعاء 19 مارس 2014 08:03 ص / بتوقيت القدس +2GMT
القمة الفلسطينية - الأميركية: جاء دور أميركا لاتخاذ مجازفات صعبة!! ...بقلم: هاني حبيب



عشية القمة الفلسطينية - الأميركية، كان هناك تصريح لافت للرئيس الفلسطيني محمود عباس، عندما أجاب عن سؤال حول الموقف الفلسطيني من التمديد للعملية التفاوضية بالقول "إن أحداً لم يطلب ذلك، وعندما يتم هذا سيتم اتخاذ الموقف المناسب"، فعلى الرغم من ان كافة الأحاديث فيما يتعلق بتطورات العملية التفاوضية انصبت على أن أجل التسعة أشهر قد قارب على الانتهاء وان الأطراف الرئيسة ستناقش التمديد لسنة أُخرى للعملية التفاوضية، يتبين ان هذا الأمر لم يكن في صلب الأحاديث الداخلية بين أطراف هذه العملية، إسرائيل وفلسطين والولايات المتحدة.
ومع انقشاع بعض ما تم طرحه في القمة الفلسطينية - الأميركية، تبين بالفعل ان ليس هناك جهد أميركي لإقناع الجانب الفلسطيني بالموافقة على التمديد للعملية التفاوضية، على الرغم من أحاديث لا حصر لها، حول الأمر من خلال وسائل الإعلام، وشروط إسرائيلية - فلسطينية للتوصل الى مثل هذا التمديد، كل ذلك كان خارج إطار المفاوضات الداخلية مع ان وسائل الإعلام هي التي تحملت مسؤولية طرح هذه المسألة باعتبارها عقدة المفاوضات.
وعلى الأرجح ان إدارة أوباما، قد توصلت في نهاية الأمر الى قناعة راسخة، من ان قرابة ثمانية اشهر من المفاوضات والجولات المكوكية لوزير الخارجية كيري، لم تحدث اي اختراق ولو محدودا للبناء عليه، ولوحظ مما تسرب عن "اتفاق الإطار" ان لم يكن هناك اي بند من بنوده يلقى اتفاقاً من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، زيادة فترة المفاوضات من خلال التمديد لها، سيصطدم بالرفض وبالشروط والشروط المضادة من ناحية، والأهم ان تصلب مواقف الجانبين إزاء شروط تقدم العملية التفاوضية، لن يحل من خلال عامل الوقت فقط، ذلك ان التمديد، هو تمديد للازمة ولصراع الجانبين التفافاً حول مواقفهما المتباينة، توصلت الإدارة الأميركية عن قناعة، بأن التمديد لن يحل الاستعصاءات امام العملية التفاوضية، بل أن الأسوأ هو أن ينظر الى الدور الأميركي، الذي لم يحقق شيئاً خلال ثمانية اشهر، وكأنه يتهرب من إعلان الفشل ليس الا من خلال التمديد لعملية فاشلة من حيث الأساس.
وعندما قيل ان الرئيس أوباما، دعا كلا من عباس ونتنياهو، لعقد القمتين في واشنطن، ان الولايات المتحدة ستتدخل في نهاية الأمر من خلال رئيسها، لفرض اتفاق الإطار حسب رؤية كيري عليهما، لكن تبين - على الارجح، ان هاتين القمتين، لم يعقدا الا للتمهيد للإعلان عن فشل العملية التفاوضية حسب "اتفاق الإطار" وان واشنطن قد تهيئ الى سيناريوهات جديدة، ضمن قواعد غير مألوفة، لمواصلة جهودها، من دون ان يبدو الأمر وكأنه فشل للعملية التفاوضية الجارية الآن، وبحيث لا يحتاج الأمر الى التمديد للعملية الحالية بصورتها التي اعتدناها.
سيكون من الصعب ان تعلن واشنطن فشلها بشكل مباشر ومفضوح، لذلك فإنها ستستند الى حاجة الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، لاستمرار الجهود الأميركية، كل منهما لأسباب تتعلق به وبظروفه لذلك قد تضغط واشنطن باتجاه طرح "اتفاق اطار" وهي تعلم أن الجانبين سيرفضانه، ولكنها ستمنح المزيد من الوقت لدراسته، وبالتالي فإن العملية المتعثرة ستستمر من دون الإعلان عن تعثرها وفشلها، مجرد إجراء يؤكد عبثية هذه المفاوضات في ظل ميزان القوى القائم، وفي ظل عدم السماح من قبل واشنطن للإعلان الجريء عن فشلها في إدارة هذه العملية.
وفيما يتعلق بالجانب الفلسطيني، فقد أظهرت قمة واشنطن، انه ما زال متمسكاً بالثوابت الوطنية، لم يتراجع عن مواقفه المعلنة، لم يخضع للضغوط الهائلة التي انصبت عليه من كل جانب، وبات اكثر إدراكا، ان التمسك بثوابته ومواقفه، هو الذي من شأنه ان يقف في مواجهة الاشتراطات والطلبات الإسرائيلية المدعومة أميركياً، بل ان الجانب الفلسطيني، وخلال هذه القمة، اتبع الأسلوب الإسرائيلي ذاته، فقد بدأ بوضع الشروط التي يعلم تماما ان إسرائيل لن تستجيب لها، كإطلاق سراح قادة وأعضاء المجلس التشريعي المعتقلين في السجون الإسرائيلية، يعلم ابو مازن ان إسرائيل لن تستجيب بالقطع الى مثل هذا الشرط، لأن في ذلك انهيار حكومة نتنياهو فوراً.
الجهد الأميركي سينصب الآن، بعد الفشل الواقعي للعملية التفاوضية، على سيناريوهات تفاوضية جديدة - كما اسلفنا - لكن سيستمر في الضغط على الجانب الفلسطيني من اجل إقناعه بعدم تنفيذ تهديده بالتوجه الى الامم المتحدة لنيل عضوية كاملة لدولة فلسطين والانضمام الى المنظمات الدولية الفرعية خاصة الجنائية الدولية، وبالمقابل قد يضغط على إسرائيل من اجل عدم "الإعلان" عن عملية استيطان واسعة، وإطلاق عدد من الأسرى، رغم التهديد الإسرائيلي بعدم الالتزام بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى وفقاً لاتفاق بدء العملية التفاوضية الحالية، وقد تكون هذه المحاور على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، شكلاً من أشكال التفاوض، إعادة الثقة الى عملية تفاوضية وصلت الى نهايتها الفاشلة، اي ان الحراك التفاوضي سيستمر، مع قناعة كافة الأطراف أن القضايا الخلافية المستعصية لن تجد لها سبيلاً الى حل!!
hanihabib1954@gmail.com