خبر : المصالح فاقت المشاعر \ بقلم: تسفي برئيل \ هآرتس

الثلاثاء 04 فبراير 2014 11:59 ص / بتوقيت القدس +2GMT



 

          فجوة نحو 10 مليون دولار تفصل بين الثمن الذي تطلبه تركيا كي تستأنف العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع اسرائيل وبين المقابل الذي تبدي اسرائيل استعدادها لدفعه. ثمن من سيقول: "ليس مهما المال، المهم أنه توجد مفاوضات، وهذا ايضا نوع من العلاقات". ومع ذلك، يمكن ان نتذكر العرض الاسرائيلي الاول، 100 الف دولار لكل واحد من المواطنين الاتراك التسعة الذين قتلوا في اقتحام الجيش الاسرائيلي لسفينة مرمرة.

 

          السخاء الاسرائيلي اقلع منذئذ الى مليون دولار لكل قتيل. والان، يبلغ 2.2 مليون للفرد ولا يوجد بعد يقين بان تركيا توافق على الثمن الجديد. كما يمكن ايضا أن نتذكر الطلب التركي الاول باعتذار اسرائيلي فقط، دون تعويضات ودون تغيير للسياسة في غزة، ولكن الرد الاسرائيلي الواثق بحقه، والصراعات في لجان التحقيق، تلك الدولية برئاسة بالمر، وهذه المحلية برئاسة تيركل، واستمرار سياسة الاغلاق الوحشية على غزة، رفعت سقفا تركيا جديدا: ليس فقط اعتذار وتعويضات بل وايضا الغاء الاغلاق على غزة.

 

          لقد تحول الاسطول "التركي" منذئذ الى قضية وطنية في اسرائيل وفي تركيا، كل تنازل فيها معناه استسلام، مس خطير بالمكانة وخسارة في المعركة حيال دولة تبلورت في الوعي المتبادل كدولة عدو. مقاطعة سياحية، الغاء صفقات شراء، مس خطير بالتعاون الاستخباري وقطيعة استراتيجية اثمانها يفوق عشرات الاضعاف مبالغ التعويض.

 

          في السنوات الثلاثة والنصف الاخيرة التي مرت منذ الهجوم على مرمرة تثبتت منظومة علاقات جديدة بين الدولتين، قلبت الحلف القديم رأسا على عقب وليس فقط على المستوى الدبلوماسي والعسكري. فقد طور الجمهور التركي والاسرائيلي رواية جديدة الواحد عن الاخير. اسرائيل وصفت كمن يتآمر على نظام اردوغان، تؤيد حزب العمال الكردي الذي يعتبر منظمة ارهاب في تركيا – تعمل ضد تركيا على المستوى الدولي وكدولة ترتكب جرائم حرب ضد الفلسطينيين. اما تركيا فتعتبر عندما دولة اسلامية متطرفة، حليفة ايران، عدو الغرب، شريك بشار الاسد (قبل ان تقطع علاقاتها مع سوريا) وباختصار، دولة عدو بكل معنى الكلمة".

 

          بينما تضرب هاتين الروايتين المعاديتين جذورهما، تبين مرة اخرى بان المصالح تفوق المشاعر، وحسن أن هكذا. وللمفارقة بالذات، فان الازمة في سوريا احدثت قراءة متجددة للخريطة الاستراتيجية، ساعدت في تقريب اسرائيل وتركيا. فالتطلع الى بلورة سياسة اقليمية مشتركة تجاه سوريا، والتخوف من انتقال الحرب فيها، تعاظم المنظمات الاسلامية، التوتر قبيل امكانية هجوم اسرائيلي في ايران. كل هذه حركت واشنطن لممارسة الضغوط لانهاء النزاع الثانوي هذا.

 

 ولكن مثلما في كل مسرحية، التوقيت يملي النجاح أو الفشل. فالاعتذار الذي كان يمكنه أن يهديء روع تركيا قبل ثلاث سنوات ونصف، جاء متأخرا جدا وما كان يمكنه أن يلبي مطالبها. وستكون حاجة الى سنة اخرى كي توافق اسرائيل على انهاء بند دفع التعويضات الذي لا يزال معلقا دون توقيع نهائي. ومع أن الاغلاق الاسرائيلي على غزة بعيد عن النهاية، فان وضع مليون وسبعمائة الف فلسطيني اسوأ مما كان في فترة الاسطول، ولكن من ناحية تركيا، دفعت اسرائيل، جزئيا على الاقل الواجب تجاه الطلب التركي.

 

هنا ايضا الجدول الزمني سيتقرر في أنقرة وليس في القدس. فهي سيتعين عليها أن تفكر كيف سيؤثر استئناف العلاقات على حملة اعادة بناء علاقاتها مع ايران، اذا كان حكيما استئناف العلاقات بالذات حين يتبين في محادثات السلام مع الفلسطينيين انها تنهار، وهل سيكون لاستئناف العلاقات تأثير على اعادة بناء مكانة اردوغان، كمن دفع تركيا نحو العزلة الاقليمية.