خبر : نظرية المصلحة في التقارب التركي الإيراني ... وآمال تحرير فلسطين!!!! ..بقلم: فادي محمود صبري صيدم

الأحد 02 فبراير 2014 08:15 ص / بتوقيت القدس +2GMT





نذكر في ثمانينات القرن الماضي كان المد الشيوعي في تركيا واضح الانتشار بقوة , الأمر الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى صده من خلال تحالفها مع الجيش التركي , لما تمثله تركيا من أهمية إستراتيجية لكلاً من أميركا والاتحاد السوفيتي السابق , فهي بمثابة ربطة العنق لروسيا من حيث إطلالتها على المنطقة الشرق أوسطية, كما وتتميز بكونها دولة أوروآسيوية , ولم يقتصر الأمر على التحالف بين أميركا الجيش التركي لاحتواء أزمة المد الشيوعي فحسب , بل تعدى الأمر وقتها إلى استخدام ما يعرف بالإسلام السياسي التركي . فالدين هو الأنجح في المواجهة , فصعد وقتها نجم حزب الرفاه التركي بزعامة نجم الدين أربكان الملقب بأبو الإسلام السياسي التركي , بشريطة أن لا يخرج عن الخطوط الحمراء كنشر الثقافة الإسلامية , فَقَبِّلَ أربكان العرض وحقق نجاح واضح في ضرب الشيوعية , وأبدع في استغلاله للظروف المحيطة به ليحصد في كانون الأول 1995م مقاعد في البرلمان أوصلته لمنصب رئيس الوزراء التركي, ليُّسَجَل كأول رئيس وزراء تركي بخلفية دينية في الجمهورية منذ نشأتها عام 1924م عل يد أتاتورك , والذي كان بدوره يردد وهو في صفوف المعارضة ضرورة تحرير فلسطين وإنشاء اتحاد إسلامي , وللأسف عندما أصبح في الحكم فرضت عليه نظرية المصلحة توقيع اتفاق التعاون العسكري بين الجمهورية التركية وإسرائيل في عام 1996م - سارية المفعول حتى يومنا هذا- قبل أشهر من الانقلاب الأبيض عليه من قبل العسكر , والذي اجبره حينها على الاستقالة في يونيو1997م . ولو نظرنا حديثاً لسياسة العثمنة الجديدة بقيادة حزب العدالة والتنمية اتجاه القضية الفلسطينية نجد نظرية المصلحة هي الحكم , ففي بعض الأوقات كانت خادمة للمصالح الإسرائيلية أكثر منها فلسطينياً, فمثلاً أختزل للعالم القضية الفلسطينية هي قطاع غزة , مع إغفال باقي الانتهاكات الإسرائيلية بباقي الأراضي الفلسطينية المختلفة , وعلى رأسها القدس الشريف من خلال تركيز المكن الإعلامي التركي على فك الحصار على قطاع غزة وإرسال أساطيل الحرية له , والتي ساعدت في إطالة عمر الانقسام الفلسطيني من جانب أخر , مع احترامي وتقديري لشهداء أسطول الحرية ولكل شيء قدم لقطاع غزة من قبل تركيا , فنقدي أيضاً نابع من قاعدة المصلحة العليا للقضية الفلسطينية , فلم يسلط الضوء على حفريات الهيكل المزعوم تحت المسجد الأقصى القابل للوقوع في أي لحظة الآن , أليس الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى سيدنا محمد(ص) ؟ وكذلك الأمر فيما يتعلق ببناء الجدار العنصري المقام على أراضي الضفة الغربية والأسرى وو... الخ , ورغم كل ذلك أبقت الدولة التركية علاقاتها المميزة بإسرائيل , كما انه لم تهتم الخارجية التركية لما يحاك ضد مجمل القضية من مؤامرات , والسبب أن المصلحة هي الحكم في السياسة. ومن ناحية أخرى نجد أن المحرك الرئيسي للدعم الإيراني لبعض المنظمات الفلسطينية دون الأخرى (حماس والجهاد ) تطبيق لنظرية المصلحة . فإيران ساعدت ودعمت الانقسام الفلسطيني لتبقى غزة عصا تلوح بها اتجاه إسرائيل , وتشغل الأخيرة عن مشروعها النووي .

الخلاصة إن المثلث الغير العربي في المنطقة الشرق أوسطية , إسرائيل تركيا إيران تتقاطع مصالحه , وهذا التقاطع يؤدي لصدام بين زاويا المثلث , مما يدفعهم إلى مواجهة بعضهم البعض , وبطرق غير مباشرة , وبحسب ما يتناسب مع كل طرف , فإسرائيل مثلاً تردد تخوفها من الملف النووي الإيراني لأنه سيغير الخارطة الجيو سياسية في المنطقة , مما يقلق إسرائيل في تقليص نصيبها من الكعكة المتمثلة بالثروات الطبيعة وخصوصاً الذهب الأسود في الخليج العربي( النفط) . فَتُقدِّم إسرائيل على توجيه ضربة لإيران من خلال استهداف حلفائها بالمنطقة كحماس والجهاد وحزب الله بلبنان , ومن جهة أخرى تحاول تركيا تقليص الدور الإيراني بالتدخل مؤخراً في سوريا , كما قامت قبل ذلك بلعب الوسيط بين سوريا وإسرائيل , والتي فشلت بسبب حرب إسرائيل على قطاع غزة في 27/12/ 2008م , هكذا يدور التناحر بين زوايا المثلث الغير عربي في الشرق الأوسط .

وإن ما تقوم به تركيا اليوم من تقارب تركي إيراني ليس لتحرير فلسطين كما اسمع هنا وهناك, وكما أقرأ لبعض الكتاب المتفائلين بأنه بداية الطريق لاتحاد فيدرالي إسلامي قادم يقوم بإنقاذ المنطقة العربية , وفي مقدمتها القضية الفلسطينية , فما الغزل التركي اتجاه إيران مبرره إخفاق السياسة الخارجية التركية اتجاه حديقتها الخلفية سوريا , واتجاه جمهورية مصر العربية , وناهيك عن ما تشهده المناطق الشرقية الجنوبية التركية من إشكاليات تتعلق بالوضع الكردي كقضية مشتركة بينهم وبين العراق وسوريا , وناهيك عن فشل تركيا في دخول الاتحاد الأوروبي رغم ما قدمته لنيل الثقة بالعضوية , كان كل ما ذكر الدافع الرئيس خلف هذا الغزل فهي بحاجة لتحالف مع دولة كإيران في المنطقة تساعدها على التوازن الإقليمي لها بالمنطقة الشرق أوسطية لإعادة التموضع من جديد.

فإن ما يحكم العمل السياسي للدول نظرية المصلحة , فهي الموجه الأول والأخير له , حيث تحدد الدول سياستها الخارجية وفقاً لها دون الأخذ بعين الاعتبار للخلفية الإيديولوجية و الإثنية للأنظمة الحاكمة.

لهذا لابد للقيادات الفلسطينية بجميع مسمياتهم وألوانهم الحزبية أن يحتفظوا بعلاقات جيده متوازنة موحده مع كل الأطراف الخارجية , وعدم الانجرار خلف تلك الأوهام المتمددة بوجود مشاريع مستقبلية تسعى لإنقاذنا من ظلم الاحتلال - فكفانا مراهنات على الغير- فعليهم أن يعوا ضرورة عدم السماح لأي كان من إن يستغل قضيتنا لتحقيق مطامع خاصة , فعندما تريد إسرائيل الهروب من تقديم أي تنازل تقوم بحرب على غزة أو أي مكان من أرضنا , وتضع مبررات كإتهامها القيادة بأنها ممزقه , ولا تحكم على شطري الوطن , وأنها لا تمثل الكل الفلسطيني سعياً منها لطعن الشرعية الفلسطينية .

أفلا نستفيق من الغيبوبة التي نعيشها, ونعتمد على عقولنا وسواعدنا من خلال نشر ثقافة المحبة وزرع الثقة المتبادلة فيما بيننا كفلسطينيين , ونحقق الوحدة ضاربين الانقسام ضربة رجل واحد , وننقذ وطننا وأنفسنا وأجيالنا القادمة , فواجب علينا احترام دماء شهدائنا وتضحيات أسرانا وجرحانا بتطبيق المصالحة الآن , وبدون نقاش . فهي المنقذ لكل ما نواجهه من تحديات , فمصلحتنا تكمن بتطبيقها الفوري.

الباحث في دراسات الشرق الوسط