خبر : المفاوضات : الترتيبات الأمنية قبل التسوية النهائية !...هاني حبيب

الأربعاء 07 أغسطس 2013 03:24 م / بتوقيت القدس +2GMT
المفاوضات : الترتيبات الأمنية قبل التسوية النهائية !...هاني حبيب



من المفترض أن تناقش الجلسة المشتركة بين اللجنتين مركزية فتح وتنفيذية المنظمة في اجتماعاتها نتائج الجولة الأولى من المفاوضات التي عقدت في واشنطن، والاستعدادات لعقد الجلسة الثانية في إسرائيل الأسبوع القادم، ما يلفت الانتباه في هذا المجال، أن معظم المجتمعين، خاصة ممثلي الفصائل الفلسطينية في اللجنة التنفيذية، أعلنوا رفضهم هذه المفاوضات من الأساس، ولا شك أنها مفارقة واضحة، إذ لا بأس من أن تضع القيادة أمام هؤلاء ما تم نقاشه في الجولة الأولى من المفاوضات، لكن الغريب هو في بحث الاستعدادات للجولة القادمة في إسرائيل، وطالما أن هذه الفصائل قد أعلنت علناً موقفها الرافض لهذه المفاوضات، فكيف تشارك في صياغة الاستعدادات للجولة الثانية؟!

وإذ تعلن القيادة الفلسطينية أن موقفها ثابت لا يقبل أي حدود مؤقتة، وأن المفاوضات ستنجز في تسعة أشهر لحل كافة قضايا الحل النهائي على أساس أن هذه المفاوضات هي حدود 1967 مع تبادل طفيف في الأراضي، فإننا نسمع من الإسرائيليين والأميركيين غير ذلك تماماً، إسرائيل تقول إن المفاوض الفلسطيني، استبدل المسألة الاستيطانية بإطلاق الأسرى القدامى، وأنها لا تزال تسير وفق مخططها اليومي لزيادة المستوطنات خاصة في القدس الشرقية وعموم الضفة الغربية، بينما ينسب وزير الخارجية الأميركي بأن حوالي 85% من البؤر الاستيطانية ستظل في نطاق حدود إسرائيل في إطار التسوية النهائية، فكيف يمكن الحديث ـ من جانب واحد، على التمسك بحدود 1967 ـ مع تبادل أراض "طفيف" ـ لاستئناف المفاوضات التي بدأت بالفعل، دون أن يتذكر القادة الفلسطينيون وقف أو تجميد الاستيطان كشرط لهذه المفاوضات!
هناك العديد من الغرائب التي انطوت عليها المفاوضات الجارية الآن على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، فالوسيط الأمني الأميركي "جون الن" تم تعيينه قبل حوالي شهر من استئناف المفاوضات، وبدأ العمل فعلاً مع أطقم أمنية خاصة منذ ذلك الوقت، وقام باتصالات مع نتنياهو أكثر من مرة في حين اجتمع لأكثر من مرة أيضاً مع طاقم أمني إسرائيلي يضم ممثلين عن قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك لمناقشة "مستقبل الأراضي بعد إحلال السلام" والأهم في هذا السياق: إيجاد بدائل عن المزايا التي يمنحها الوضع الراهن للإسرائيليين، إذ في حال قيام دولة فلسطينية بنتيجة المفاوضات فلن يكون بمقدور الجيش الإسرائيلي القيام بمهام الأمن في الجانب الفلسطيني كما هو الحال الآن.
الطاقم الأمني المذكور، بحث وقبل بدء المفاوضات الحالية فهم إسرائيل لمصطلح دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وتناول ذلك حجم القوات الفلسطينية ومهامها، والسيطرة الإسرائيلية في الغور في اية تسوية قادمة.. الغريب أن الطاقم الأمني الأميركي المكون من 20 شخصاً موزعين على كل من إسرائيل وفلسطين والأردن.. غير أننا لم نسمع عن اجتماعات هذا الطاقم إلاّ مع الجانب الإسرائيلي.. كل ذلك قبل أن تبدأ المفاوضات بالفعل؟!
بعض ما سمعناه من الجانب الفلسطيني قليل لكنه هام، المستشار السياسي للرئيس عباس، نمر حماد قال في تصريح صحافي بإمكانية العودة لما تم الاتفاق عليه مع الجانب الإسرائيلي في عهد حكومة أولمرت والقاضي بإحلال قوات من حلف الناتو بقيادة أميركية على أراضي الدولة الفلسطينية والمرابطة على حدود هذه الدولة لضمان أمن إسرائيل من جهة ولحماية الدولة الفلسطينية من أية مخاطر تهددها من قبل إسرائيل ("القدس العربي" 2/8/2013).
كل ما أوردناه، يشير إلى أن هناك جدية غير مسبوقة في التعامل مع الملفات الشائكة للعملية التفاوضية، غير أن نائب وزير الخارجية الإسرائيلية، وليس أي محلل سياسي، أو صحافي أو مجتهد في السياسة ومتابع لها، هو من كشف في واقع الأمر مدى جدية الجانب الإسرائيلي، يقول زئيف الكين، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، إن نتنياهو، يلعب بالوقت، مع انتهاء التسعة أشهر في أيار 2014، سيكون الجهاز السياسي الأميركي مشغولاً بالانتخابات الجزئية للكونغرس، والتي ستتم في تشرين الثاني، وفي هذا الوقت، سيكون أوباما مجرد بطة عرجاء.. ونتنياهو ـ يضيف "الكين" لن يوقع على أي اتفاق، لأنه لن يكون هناك اتفاق!!.. وغذا كان هذا ما يقوله أحد المسؤولين الكبار، ومن موقع نائب وزير خارجية الدولة التي تفاوضها، فأي مستقبل لهذه المفاوضات إذن؟!
ما قاله زئيف الكين ("يديعوت" 3/8/2013) يشير بشكل واضح لا يقبل الجدل، بأن المفاوضات الجارية الآن، رغم جدية الجانبين، الأميركي والفلسطيني، لا تحظى بالمستوى المطلوب من الجدية في الجانب الإسرائيلي، الذي يلعب بالوقت، بينما يلعب الجانب الأميركي من دون أن يحاول الضغط جدياً على الجانب الإسرائيلي، في ذات الوقت الذي ينجح في الضغط على الجانب الفلسطيني، الذي بدوره يعرب عن تفاؤل لا نجد له أي مبرر بنتيجة هذه المفاوضات التي منعتنا من الاستمرار في الحملة ضد الاستيطان والتهويد، كما منعتنا من الانضمام إلى الجنائية الدولية، وستمنعنا من التقدم إلى مجلس الأمن لنيل العضوية الكاملة في المنظمة الدولية!!
Hanihabib272@hotmail.com
www.hanihabib.net